الشيعة العرب

01 ابريل 2015
تروّج إيران لخطاب مذهبي يقسم المجتمعات (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
لا يخفى على أحد أن الصراع السياسي ــ الاقتصادي في المنطقة العربية يأخذ طابعاً مذهبياً. تستخدم الأطراف المشاركة فيه الخطاب المذهبي بهدف حشد المزيد من التأييد الشعبي. استخدم النظام السوري وحلفاؤه الإيرانيون وحزب الله، التعبئة المذهبية في سبيل حشد آلاف المقاتلين اللبنانيين والعراقيين والأفغان للقتال دعماً للنظام، وقد يكون شعار "لن تُسبى زينب مرتين" الأكثر تعبيراً عن هذه التعبئة.

في المقابل، رفع الإسلاميّون في سورية شعار "حماية أهل السنة" لجذب آلاف المقاتلين من أصقاع الأرض للقتال ضدّ النظام، لكن جزءاً من هؤلاء، قاتل الشعب السوري والعراقي تحت راية "داعش".

اليوم، ترفع الدول العربيّة المشاركة في عمليّة "عاصفة الحزم" في اليمن شعار استعادة التوازن مقابل إيران، والحدّ من هيمنتها وتدخلاتها في البلاد العربية. وقد لامس هذا الشعار وجدان الشارع العربي، الذي كاد يختنق من الهيمنة الإيرانيّة، ويشعر بأنه ودولته غير قادرين على الحدّ من السيطرة الإيرانيّة. لكن بعض رد الفعل العربي على الهيمنة الإيرانيّة، بدأ يُترجم بخطاب عنصري ضد الشيعة العرب. وهذا الأمر يحمل في طياته خطورة على مستويات عدّة:

أولاً: هو أمر مرفوض من منطلق قيمي، فأي تمييز بين مواطني الدول على أساس مذهبي أو عرقي، مرفوض أساساً. كما أنه يؤدي إلى حصول تصدعات في بنية المجتمعات تؤدي حكماً إلى انفجار هذه المجتمعات ولو بعد حين.

ثانياً: يخدم هذا الخطاب مشروع الهيمنة الإيراني على المنطقة العربية. فإيران، تتعاطى مع الشيعة العرب، كوقود لمعركتها السياسيّة ــ الاقتصادية. وهي تستخدمهم في معاركها في سورية والعراق واليمن كمقاتلين بدل استنزاف مقاتليها. ولتحقيق غايتها هذه، تروّج لخطاب مذهبي، يقسم المجتمعات عمودياً، ويفصل الشيعة العرب عن مجتمعهم وقضيتهم وتاريخهم.

ثالثاً: سيؤدي هذا الخطاب إلى خلق دوامة عنف في العالم العربي، لا يخرج منها أحد رابحاً. وقد بدأ الترويج لهذا الخطاب بالارتفاع في مصر ولبنان وسورية وبعض دول الخليج، من قبل من يُفترض أنهم نُخب ثقافية، إضافة إلى رجال دين وسياسيين وإعلاميين.

النهضة العربية ومواجهة المدّ الإيراني أمر يُداعب شعور المواطن العربي، لكن استخدام هذا في تعبئة مذهبية مقيتة، يُشير إلى أننا نتجه لهاوية أعمق، ولتقديم خدمات مجانيّة للمشروع الإيراني.