تركيا: أوجلان يبدأ خطوات نزع سلاح حزبه

01 مارس 2015
سيتفرّغ "العمال" لمقاتلة "داعش" خارج تركيا (بوراك أكبولوت/الأناضول)
+ الخط -
أعلن حزب "الشعوب الديمقراطي"، الجناح السياسي لحزب "العمال" الكردستاني، أمس السبت، بأن زعيم "العمال" عبد الله أوجلان، دعا إلى عقد مؤتمر غير اعتيادي للحزب في الربيع المقبل، لإعلان نزع سلاحه في تركيا وتعزيز وقف إطلاق النار مع الحكومة التركية. وجاء الإعلان في مؤتمر صحافي تاريخي مشترك بين "الشعوب الديمقراطي"، والحكومة التركية، استمر لعشر دقائق، وذلك بعد عقدهما اجتماعاً في مكتب رئاسة الوزراء، في قصر دولمة بهجة في مدينة إسطنبول.

وأكد عضو لجنة "الشعوب الديمقراطي" المختصة بعملية السلام، والنائب عن إسطنبول، سري ثريا أوندر، بأن "عملية السلام وصلت إلى مرحلة هامة وحرجة، ستُنهي أكثر من 30 عاماً من النضال المسلح". وأضاف أن "هذا الإعلان التاريخي سيستبدل النضال المسلح بالنضال الديمقراطي"، مشيراً إلى "ضرورة إعادة دمج المقاتلين والهاربين في جبل قنديل بالمجتمع مرة أخرى وبأسرع وقت".

وكان أوجلان التقى في سجنه في جزيرة ايمرالي لجنة "الشعوب"، ولخّص عشرة عناوين أساسية، يعتبرها مفاتيح الملفات التي ستتناولها المفاوضات، وكان من المفترض أن يتضمنها البيان المشترك، بما يُمكن اعتبارها خريطة عملية السلام.

وحدّد أوجلان العناوين كالتالي: تعريف ومضمون السياسة الديمقراطية، وتعريف الأبعاد الوطنية والمحلية في الحل الديمقراطي، والضمانات القانونية والديمقراطية للمواطنة الحرة، وعناوين السياسات الديمقراطية في العلاقة بين الدولة والمجتمع وكيفية مأسستها، والأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لعملية السلام، ومعالجة العلاقة بين الديمقراطية والأمن أثناء عملية السلام، بما من شأنه المحافظة على النظام العام والحريات في آنٍ، وإيجاد الحلول والضمانات القانونية للمواضيع المتعلقة بالمرأة والثقافة والبيئة، وتطوير ديمقراطية التعددية التي من شأنها تعريف مفهوم الهوية، وتحديد مفاهيم "الجمهورية الديمقراطية" و"الوطن المشترك" و"الأمة" عبر المعايير الديمقراطية والضمانات الدستورية والقانونية في إطار النظام الديمقراطي التعددي، وأخيراً الدعوة إلى دستورٍ جديد يهدف إلى استيعاب كل التحركات الديمقراطية والتحولات التي شهدتها البلاد.

من جهته، أعاد نائب رئيس الوزراء التركي، يالجين أكدوغان، في كلمته التذكير بكل ما فعلته حكومات العدالة والتنمية المتلاحقة لـ "إيقاف القتال ونزف الدماء التركية". وشدد أن "إسكات الأسلحة من شأنه أن يساهم في التنمية الديمقراطية". وشارك في المؤتمر وزير الداخلية التركي إفكان آلا، وزعيم الكتلة البرلمانية لـ "العدالة والتنمية"، ماهر أونال، والممثلون عن الهيئة المختصة بعملية السلام، النائبان برفين بولدان وإدريس بالوكان، إضافة إلى أوندر.

اقرأ أيضاً: أوجلان يؤيّد دخول "الشعوب الديمقراطي" بقائمة موحّدة بالانتخابات التركية

ويبدو أن المؤتمر الصحافي المشترك، كان بديلاً للبيان المشترك الخاص بعملية السلام، الذي كان مقرراً إعلانه في 15 شباط/فبراير الماضي، في ذكرى إلقاء القبض على أوجلان بعملية استخباراتية مشتركة بين الاستخبارات التركية والإسرائيلية والأميركية. توقفت فعاليات المؤتمر المذكور، بسبب الخلافات بين الطرفين من جهة، وبسبب ملف "الحزمة الأمنية" التي تضغط الحكومة التركية لتمريرها في البرلمان، على الرغم من الاعتراضات الشديدة للمعارضة من جهة أخرى، ما دفع النائب عن "الشعوب الديمقراطي" صلاح الدين دميرتاش، إلى تحميل الحكومة التركية مسؤولية عرقلة إعلان البيان المشترك.

وتُعدّ دعوة أوجلان في غاية الأهمية للحكومة قبل الانتخابات التشريعية في يونيو/حزيران المقبل، كونها تعني وقف "العمال" رسمياً أي نشاط مسلّح ضمن الأراضي التركية أثناء تطبيق عملية السلام، وبالتالي سحب ورقة "العودة إلى القتال" التي كانت قيادات "العمال" تلوّح بها في كل مرة تتجمّد فيها العملية السلمية. ومن المتوقع أيضاً، أن يكون هذا الإعلان مقدمة لاستجابة "العمال" لأهم مطلب للحكومة، وهو إعلان الانسحاب من الأراضي التركية قبل الانتخابات. كما أن من شأن هذا الإعلان تأكيد تفرّغ "العمال" بشكل كامل، للعمليات القتالية التي يقودها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق وسورية، بغطاء من التحالف الدولي الذي تقوده الإدارة الأميركية.

وستؤدي دعوة أوجلان إلى وقف نهائي لإطلاق النار بين الطرفين، وهو الأمر الساري ميدانياً منذ عام 2012، بعد بدء محادثات السلام، على الرغم من بعض الخروقات، بعد مهاجمة "العمال" الجيش التركي، الذي ردّ بقصف مواقع الحزب في جبل قنديل.

كما شهدت المناطق الشرقية من تركيا، موجة عنف أسفرت عن مقتل 40 مواطناً، بعد الاحتجاجات التي دعا لها "الشعوب الديمقراطي" لدعم مدينة عين العرب السورية، أثناء حصارها من "داعش" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتأتي هذه الدعوة ضمن ورقة "تعزيز وقف إطلاق النار"، التي كان يجري العمل عليها، لجعل وقف إطلاق النار أمراً رسمياً. وتتضمن هذه الورقة، بحسب التسريبات "إنهاء السلطة البديلة التي يقيمها العمال، ووقف العمليات التي تقوم بها المليشيا التابعة له، من إقفال للطرق العامة وإنشاء حواجز وطلب البطاقات الشخصية من المواطنين، ووقف عمليات التدمير الموجّهة إلى مواقع البناء والفعاليات الاقتصادية التي تقوم بها الحكومة جنوب شرقي البلاد".

في المقابل، تعد الحكومة التركية باتخاذ خطوات إضافية، كالتصويت على الميثاق الاجتماعي الأوروبي الذي يمنح بعض الاستقلال الإداري والمالي للإدارات المحلية، والإفراج عن بعض سجناء "العمال"، وتحويل وضع أوجلان إلى نوع من الإقامة الجبرية، عبر السماح بإنشاء سكرتارية خاصة به في السجن.

اقرأ أيضاً: تركيا: المعارضة تتّحد ضدّ قوانين "الدولة الأمنيّة"

المساهمون