روسيا تتحدّى العالم والقرار الدولي بمحرقة إدلب:230 قتيلاً وجريحاً

21 ديسمبر 2015
استهدفت سبع غارات روسية مدينة إدلب (محمد جدعان/الأناضول)
+ الخط -
"دخان كثيف من كل حدب وصوب ينتشر شيئاً فشيئاً في السماء، جثث متفحّمة، جرحى في الشوارع يصرخون النجدة، سيارات الإسعاف تملأ أصوات المدينة، مبانٍ سُوّيت بالأرض، وأخرى هدّم معظم أجزائها، فرق دفاع مدني يرتدون البزة الحمراء، يبحون في الأنقاض عن ناجين هنا وهناك، دراجات نارية مسرعة، مشاهد من يوم القيامة".

بهذه الكلمات يلخّص أحد أبناء مدينة إدلب جزءاً مما عاشته مدينة إدلب شمالي سورية، أمس الأحد، جراء سبع غارات روسية استهدفت بـ 14 صاروخاً مناطق متفرقة من المدينة، ما أسفر عن مقتل 50 مدنياً، وإصابة نحو 170 آخرين، وسط ترشيحات بزيادة أعداد القتلى والجرحى، جراء الدمار الذي لحق المباني، ومواصلة فرق الدفاع المدني إخراج الجثث من تحت الأنقاض.

وقال الناشط الإعلامي المتواجد في مدينة إدلب هاني هلال لـ "العربي الجديد" إن "هذه المجزرة هي الأكبر في مدينة إدلب، وهذا الخرق هو الأكبر لهدنة الفوعة - الزبداني، الموقعة بين إيران والمعارضة السورية المسلحة منذ شهرين"، مشيراً إلى أن "القصف استهدف مرافق عامة وأبنية سكنية داخل المدينة كشارع الجلاء، وهو أشبه بسوق يزدحم فيه السكان عادة، ويغلب عليه المحال التجارية والأبنية السكنية، إضافة إلى مبنى الكتب المدرسية، وفرع الحزب ومساكن البلدية، وكلية الحقوق وسطها".

من جانبه، أفاد مصدر طبي داخل المدينة بأن "المشافي الميدانية اكتظت بالجرحى، ما اضطر النقاط الطبية والمشافي داخل المدينة لنقل قسم كبير من الجرحى إلى المشافي المتواجدة على الحدود السورية التركية". ويأتي ذلك بعد يومين على تبني مجلس الأمن قراراً بالإجماع يحمل الرقم 2254 حول سورية، بعد اجتماعات مكثفة شهدتها نيويورك، على مستوى وزراء الخارجية مساء الجمعة، ترأسها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، ويدعو القرار إلى وقف إطلاق النار، ووقف أية هجمات ضد المدنيين، ويضع خريطة طريق لعملية الانتقال السياسي في سورية، استناداً لبياني جنيف وفيينا نظرياً، وعملياً بما يتبنى عدداً كبيراً من الشروط الروسية والملائمة لبقاء النظام السوري ورأسه.

يبدو أن روسيا عبر ارتكابها أكبر مجزرة في مدينة إدلب، وإحداثها أكبر خرق لهدنة الفوعة - الزبداني، وتحديها لقرارات مجلس الأمن، تريد إيصال رسائل للجميع أنها ستحمي النظام السوري منفردة، سياسيا وعسكرياً، حتى لو كلّف ذلك مجازر وإبادات جماعية على طول البلاد وعرضها. ويأتي هذا الخرق لهدنة الفوعة - الزبداني، وسط تقارير عديدة أشارت إلى سعي روسيا إلى بناء قواعد عسكرية جديدة في سوريا كانت تتواجد فيها قوات إيرانية، كمطار الشعيرات في ريف حمص الشرقي.

ويمثّل الانتقام الواضح من المدنيين أيضاً، تحدياً واضحاً لمجلس الأمن وقراراته، مع أن روسيا كانت إحدى الدول الرئيسية والفاعلة في التوصل إلى القرارات الجديدة، فيما تبقى الرسالة الأبرز للمعارضة السورية عسكرياً، بأن الحسم في سورية سيكون على الأرض في ظل التقدّم الحاصل في ريف حلب الجنوبي وريف اللاذقية الشمالي بفعل الغارات الروسية الكثيفة، وسياسياً، عبر تقويض مخرجات الرياض وإضعاف الائتلاف الوطني المعارض، في مقابل تقوية مؤتمرات موسكو والقاهرة.

اقرأ أيضاً: أربعون قتيلاً بقصف روسي على إدلب
المساهمون