رفض أميركي لمكافأة إسرائيل بالجولان منعاً لعرقلة فيينا 3

14 نوفمبر 2015
الجيش الإسرائيلي يتوغّل في الجولان (ميناحيم كاهانا/ فرانس برس)
+ الخط -
تطابقت التسريبات الأميركية مع أخرى إسرائيلية، في كشفها عن أنّ الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بحثا خلال لقائهما مطلع الأسبوع الحالي في واشنطن، احتمالات تفكك سورية، وكيفية مواجهتهما تداعيات هذا التفكّك. وتنقل مصادر إعلامية أميركية عن مسؤولين في البيت الأبيض قولهم إنّ الولايات المتحدة رفضت طلب نتنياهو بالحصول على اعتراف أميركي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، كجزء من وسائل مواجهة نتائج تفكك الدولة السورية.

لم يكن مثل هذا التسريب حول قضية حسّاسة كهذه ليخرج من البيت الأبيض لولا أنّ الجانب الإسرائيلي كان سبّاقاً في تسريب الاقتراح، ولم يرد عليه الأخير أثناء اللقاء. ويدرك نتنياهو عندما تقدم بالاقتراح أن الولايات المتحدة، في مثل هذا الشهر من العام المقبل، تكون قد انتخبت رئيساً جديداً خلفاً لأوباما، ولذلك فإن نتنياهو بذلك الاقتراح أراد الحصول من أوباما على ما امتنع عن تقديمه لإسرائيل جميع أسلافه.

ويعتبر مراقبون أنّ أوباما كان يعتزم تجاهل الرد على الطلب الإسرائيلي نهائياً، لولا خشيته من تأثير الصمت الأميركي على سير الجهود السياسية المتعلقة بحل الأزمة السورية، وهو ما يفسّر مجيء الرد الأميركي بعدما سرّب نتنياهو للصحافة الإسرائيلية نبأ الاقتراح.

وبحسب التسريبات، فإن نتنياهو طرح الاقتراح بجملة واحدة، ولم يدخل في أية تفاصيل، وهو ما ساعد أوباما على عدم التعقيب على الفور والتريث إلى وقت يكون فيه قد تشاور مع مؤسسات صنع السياسة الخارجية. وعلى الرغم من أن البيت الأبيض، بحسب المصادر الأميركية، لم يكن متأكداً من مدى جديّة نتنياهو في طلب الاعتراف الأميركي بالسيادة على الجولان المحتل، إلّا أن خروج الاقتراح إلى الصحافة الإسرائيلية يحتّم على المسؤولين الأميركيين التأكيد للعالم أنّ الموقف الأميركي لم يتغيّر بشأن هضبة الجولان. ويعيد مسؤولون أميركيون التأكيد أنّ مستقبل الجولان يجب أن يتحدد في مفاوضات تستند إلى قرار مجلس الأمن 242.

وبحسب ما سرّبه مسؤولون في البيت الأبيض، فإن موقف الولايات المتحدة الرافض لقضم الجولان السورية لن يتغير على المدى القريب. وتنقل مواقع إخبارية أميركية وإسرائيلية عن مصادر أميركية تبرير الرفض الأميركي، مشيرة إلى أن الاقتراح الإسرائيلي يؤثر سلباً على سير المفاوضات بشأن ترميم البيت السوري وكذلك بالعلاقة مع المعارضة السورية "المعتدلة" التي تدعمها الولايات المتحدة.

ويوضح مسؤول في البيت الأبيض، وفقاً للمصادر نفسها، أنّ من بين أسباب معارضة إدارة أوباما لأي اعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان مرتبط بالمفاوضات الجارية حالياً في فيينا، ويعتقد البيت الأبيض أن أي تغيير في هذه الآونة تجاه هذه المسألة، لن يؤدي إلّا إلى تبعات سلبية وتعقيدات إضافية على المسألة السورية المعقّدة أساساً.

اقرأ أيضاً استعدادات إسرائيلية للتحولات السورية: مناورات ورصد استخباري

وجاء اقتراح نتنياهو ليثبت إلى حدّ كبير صحة ما ذهبت إليه إذاعة "صوت أميركا"، على لسان الباحثة والمحلّلة الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، باربرا سلافين، بقولها إن نتنياهو لا يجيد التوقيت السليم في عرض الاقتراحات الخطيرة. ويعتبر كثيرون أنّ طلباً كهذا كان نتنياهو ليحصل عليه من أوباما بكل سهولة، لو أنه جاء قبل إقرار الاتفاق النووي مع إيران. أما بعدما أصبح الاتفاق أمراً واقعاً، فإن نتنياهو وصل إلى البيت الأبيض متأخراً وخرج منه خائباً.

ويُنقل عن المسؤولين الأميركيين قولهم إنّ نتنياهو أعرب لأوباما عن خشيته من سيطرة إيران على سورية، زاعماً أن إسرائيل غير معنية بالوضع الداخلي في سورية، وإنما بـ"منع نقل أسلحة من إيران إلى حزب الله عبر سورية" فقط. كذلك تريد إسرائيل من خلال سعيها للحصول على اعتراف أميركي بسيادتها على الجولان منع إنشاء جبهة جديدة في المرتفعات السورية بدعم من إيران وحزب الله. ولم يوضح نتنياهو كيف يمكن أن يساعد الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان في تحقيق الهدف، لكن نتنياهو أكّد أن إسرائيل لا تنوي إعادة الجولان إلى سورية في الظروف الحالية.

وبما أن الرئيس أوباما يدرك تماماً أنه لن يكون قادراً خلال العام الأخير من فترته الرئاسية الثانية أن يحدث أي تغيير إيجابي يُذكر على الوضع الراهن في ما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، فإنّه يبدو حريصاً على أن لا يُنصت لما أراد نتنياهو توريطه به بشأن هضبة الجولان السورية. ومن المقرّر أن يستقبل الرئيس الأميركي نظيره الإسرائيلي، رؤوفين ريفيلن في واشنطن، في التاسع من ديسمبر/ كانون الأول المقبل، لكن المنصب الشكلي للأخير لا يؤهله الحصول من أوباما على ما عجز عنه نتنياهو.

في سياق منفصل، وخلال اجتماعه مع شخصيات إسرائيلية في الأمم المتحدة، في نيويورك، الأربعاء الماضي، على هامش مشاركته في إحياء ذكرى الـ40 لخطاب الرئيس الإسرائيلي الأسبق، حاييم هرتسوغ، عام 1975، هاجم فيه قرار اعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية، قال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري أنّ حلّ الدولتين حلم قابل للتحقيق إذا ما توفّرت الشجاعة. وقال كيري، إن "الحلم الصهيوني لا يمكن أن يستمر إلا مع دولتين تعيشان جنباً إلى جنب بأمان".

وتأتي هذه التصريحات بعد أيام من زيارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن، والتي لم يبد فيها رغبة كبيرة في إحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل المتوقفة منذ فشل الجهود التي قام بها كيري في أبريل/ نيسان الماضي. وأكد كيري أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل ثابت ولن يتزعزع أبداً.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تتحسب لـ"الأسوأ" من الجبهة الشمالية بعد صواريخ الجليل