مفاوضات تحديد هوية المعارضة السورية "المقبولة": من هو الإرهابي؟

13 نوفمبر 2015
تختلف الدول حول تصنيف "المجموعات الإرهابية"(حسين ناصر/الأناضول)
+ الخط -
انطلقت، أمس الخميس، اجتماعات لجنة مصغّرة مؤلفة من تسع دول شاركت في اجتماع فيينا2 الذي عقد نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي، وضمّ ممثلي سبع عشرة دولة معنيّة بالشأن السوري، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة وروسيا وتركيا والسعودية وإيران وقطر، بهدف تحديد قائمة المعارضين السوريين الذين سيحضرون اجتماع فيينا3 وأسماء المنظمات الإرهابية الناشطة في سورية.

ونقلت وكالة "فرانس برس"، عن مسؤول أوروبي قوله، إنّ اللجنة المكوّنة من ممثلي تسع دول، تعنى بتحديد قائمة لأسماء المعارضين السوريين الذين سيشاركون في الاجتماع الثالث الذي سيعقد، غدا السبت، في العاصمة النمساوية، فيينا، وأيضاً تحديد أسماء المنظمات الإرهابية الناشطة في سورية، والتي سيكون موضوع كيفية محاربتها والقضاء عليها، أحد أهم محاور نقاشات لقاء فيينا3.

وتداولت مصادر إعلامية مقرّبة من روسيا تفاصيل خطة عمل اللجنة، إذ تقوم بتوزيع الأسماء على لجنتَين؛ الأولى مخصّصة للإصلاح السياسي، والثانية للأمن ومكافحة الإرهاب، لتقوم هاتيْن اللجنتَين بمفاوضة النظام السوري تحت إشراف المبعوث الدولي الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا. ويأتي إنشاء هاتين اللجنتين لتحلّ مكان مجموعات العمل الأربع، (السلامة والحماية، ولجنة مكافحة الإرهاب، ولجنة القضايا السياسية والقانونية، ولجنة إعادة الإعمار)، والتي اقترح المبعوث الأممي تشكيلها منذ أكثر من شهرين، ورفضت المعارضة السورية الممثلة بـ"الائتلاف الوطني المعارض" المشاركة فيها.

ويبقى أمام اللجنة المشكلة من ممثلي تسع دول، تجاوز عقبتَي تحديد قائمة مختصرة بأقل من ثلاثين اسماً لممثلي المعارضة السورية وتحديد أسماء المنظمات الإرهابية الناشطة في سورية. وقدّم ممثلو الدول المشاركة في اجتماعات فيينا سابقاً، قوائم بأسماء المعارضين الذين يجب أن يمثلوا المعارضة السورية، للجنة، لتقوم الأخيرة، مع انطلاق اجتماعاتها، أمس، بضغط القوائم المقدّمة إلى أخرى مختصرة مكوّنة من 25 اسماً تقريباً.

وقدّمت روسيا لائحة تضم أسماء 38 معارضاً، بينهم ثلاثة رؤساء سابقون لـ"الائتلاف"، وهم أحمد الجربا، وأحمد معاذ الخطيب، وهادي البحرة، بالإضافة إلى رئيسه الحالي، خالد خوجا. وشملت الأسماء التي اقترحتها روسيا أيضاً، ممثلين عن معارضة الداخل واثنين عن جماعة "الإخوان المسلمين"، وهما محمد فاروق طيفور ومحمد حبش. كما تضم اللائحة معارضين تقليديين في سورية، مثل ميشيل كيلو وعارف دليلة. وقدّمت السعودية لائحة من عشرين اسماً معظمهم من "الائتلاف"، فيما قدّمت مصر عشرة أسماء معظمهم من هيئة التنسيق وتيار قمح.

اقرأ أيضاً: خلاف دولي على "قائمة الإرهاب" السورية يسبق فيينا

وتبقى العقبة الأبرز أمام لجنة ممثلي الدول التسع، في تصنيف المنظمات الإرهابية في سورية، على الرغم من أنّ جميع الأطراف المعنيّة بالشأن السوري، يجمعون على أنّ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، هو منظمة إرهابية. كما أنّ هناك شبه اتفاق على أن "جبهة النصرة" منظمة إرهابية، لكن يختلف الأمر بالنسبة لعموم التشكيلات ذات الطابع الإسلامي التي تقاتل إلى جانب المعارضة السورية، وبالنسبة للمليشيات الإيرانية والعراقية والأفغانية واليمنية وعناصر حزب الله اللبناني التي تقاتل إلى جانب النظام السوري، وبالنسبة لقوات "حماية الشعب" الكردية التي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية.

وتعتبر إيران كل من يقاتل النظام السوري، منظمات إرهابية يجب القضاء عليها. ويظهر الخلاف هنا، بين إيران وروسيا حول اعتبار "الجيش السوري الحر" منظمة إرهابية، بعدما أعلنت موسكو، أخيراً، رغبتها بالتعاون مع "الجيش الحر" المعارض للنظام، للقضاء على الإرهاب.

أما بالنسبة للسعودية، فهي ترفض تصنيف الفصائل الإسلامية الكبيرة الفاعلة في سورية، مثل "جيش الإسلام" كمنظمات إرهابية وتصرّ على تصنيف المليشيات الطائفية العابرة للحدود، والمكوّنة في معظمها من مقاتلين عراقيين وإيرانيين وأفغان وتقاتل إلى جانب النظام السوري، منظمات إرهابية. وترفض كل من قطر وتركيا تصنيف حركة "أحرار الشام" الإسلامية، أكبر فصائل المعارضة المسلّحة شمال سورية، منظمة إرهابية، باعتبار أنّ "الحركة" فكّت ارتباطها بتنظيم "القاعدة"، وغيّرت في قيادتها، وتبنّت سياسات قرّبتها من الغرب وجنّبتها إدراج اسمها على لوائح الإرهاب الأميركية.

في هذا السياق، يرجّح رئيس حزب "الجمهورية" السوري المعارض، المحامي محمد صبرا في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "لن يكون هناك أي معايير لتصنيف المنظمات الإرهابية، الأمر الذي يدفع اللجنة حين إصدار القائمة، إلى استخدام مصطلح آخر هو تنظيمات متطرفة والمقصود بها التنظيمات الإسلامية التي ترفض الحل السياسي القائم على فكرة علمانية الدولة". ويوضح صبرا، أنّ الروس صبّوا تركيزهم منذ بداية لقاءات فيينا على مسألة تصنيف الجماعات المقاتلة ووضع قائمة إضافية لهذه الجماعات تحدّد مَن منها سيقبل بالحل السياسي ومَن سيعارض.

ويشير رئيس حزب الجمهورية، إلى أنّ بيان فيينا والمناقشات التي دارت أثناء الاجتماعات، تضمّنت شبه اتفاق على طبيعة الدولة السورية المستقبلية عندما قالت، إنّها دولة علمانية ديمقراطية، مبيّناً أنّ "إصرار روسيا على توصيف الدولة السورية بالعلمانية يهدف إلى إحراج بعض الفصائل المؤثرة ذات التوجه الإسلامي والتي لا تصنّف إرهابية لعدم وجود أي صلة بينها وبين القاعدة من ناحية، ولأنها فصائل لا ترتبط بأي جماعات خارج الحدود، من ناحية أخرى.

ويرى صبرا أن الهدف الرئيسي للروس، يكمن في إعادة تقسيم أطراف الصراع في سورية، إذ تضمّنت الورقة الروسية في فيينا، أنّ فريق المعارضة المقبول ليكون شريكاً في الحل، هو الذي يجب انتقاؤه عبر اتفاق بين القوى الدولية والإقليمية المختلفة، ويجب أن يكون هذا الفريق مستعداً للمشاركة في منع الجماعات "الإرهابية من الوصول إلى السلطة في سورية"، فضلاً عن الحديث عن الدولة العلمانية، ما يعني إعادة فرز القوى وبالتالي تغيير أماكن اصطفافها وتغيير جوهر الصراع العسكري في سورية والقفز فوق فكرة المطالب الشعبية للثورة السورية، عبر تثبيت شكل جديد للصراع بين قوى ديمقراطية علمانية سيكون النظام جزءا أساسياً فيها، وقوى إسلامية محافظة، ستوصف لاحقاً بالإرهابية.

اقرأ أيضاً فيينا3 السبت: صراع جدولَي أعمال لترجمة خسائر النظام سياسياً
المساهمون