سيناريو إيراني بالعراق: "الحشد" تبتلع الجيش

02 نوفمبر 2015
مُنحت رتب عسكرية عالية للحشد (حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -
تشتكي قيادات سياسية عراقية عدة من مواصلة إيران تدخلها في المؤسسة العسكرية العراقية، عبر حشرها قيادات وعناصر من مليشيات "الحشد الشعبي" في الجيش، وإكسابهم الصفة الرسمية فيه. وقد قدّمت قيادات سياسية في "ائتلاف القوى العراقية" و"التحالف الكردستاني" وأحزاب ليبرالية أخرى، شكاوى للأمم المتحدة والسفيرين البريطاني فرانك بايكر والأميركي ستيوارت إي. جونز ببغداد، لإعلامهم بخطورة ذلك على مستقبل العراق.

في هذا الصدد، يكشف وزير عراقي بارز لـ"العربي الجديد" عن "ضغوط مارستها إيران خلال الأشهر الثلاثة الماضية، جرى فيها دمج نحو 10 آلاف عنصر من مليشيات وفصائل مختلفة إلى الجيش العراقي". ويضيف الوزير أن "العناصر التي تمّ دمجها بالجيش، لا تزال تقاتل إلى جانب مليشياتها حالياً، لكنهم يتلقّون رواتبهم من وزارة الدفاع، كما أنهم مشمولون بنظام الترقيات العسكرية".

ويؤكد أن "من بينهم عناصر مليشيات قدّموا شهاداتهم الثانوية، وجرى منحهم رتبة ملازم وملازم أول، كما تمّ منح آخرين رتبة نائب ضابط بالجيش. وجميعهم من الذين لا تتوافر فيهم شروط الانتماء للجيش كمؤسسة وطنية غير طائفية". ويلفت إلى أن "إيران تسعى لجيش عراقي يكون تحت يدها مستقبلاً وخاضعاً لإرادتها، وهو أمر مخيف، خصوصاً أن العناصر التي تم دمجها بالجيش، آتية من مليشيات مموّلة ومرعية من إيران بشكل كامل، وبعضها من مدرسة (المرشد الإيراني علي) خامنئي الدينية، التي تختلف بشكل كبير عن مرجعية (المرجع العراقي علي) السيستاني". ويتهم الوزير رئيس الحكومة حيدر العبادي بـ"الضعف والخوف إزاء هذا الملف، وملفات أخرى والضغط الحالي عليه من المليشيات، يجعله في غنى عن فتح هذا الموضوع معهم أو معارضته".

اقرأ أيضاً: المستشارون الأميركيون يحيون سجال التدخل البري في سورية 

ويرى مراقبون أن "إيران وضعت خطة لتحويل العراق إلى دولة بوليسية، تُدار من قبل منظومة أمنية على غرار الحرس الثوري، ويجري تأسيسها اعتماداً على مشروع ميليشيا الحشد الشعبي، التي وُلدت بفتوى دينية في 13 يونيو/ حزيران 2014".

وحول ذلك، يقول الخبير بالشأن العراقي والأستاذ بكلية العلوم السياسية ببغداد، حسين خليل الحمداني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "خطط إيران لاستيعاب الجيش العراقي لم تتوقف منذ تأسيسه عام 2003، بدلاً عن الجيش القديم الذي تم حلّه بقرارٍ أميركي، لكن الفترة الحالية هي الأكثر وضوحاً مما سبقها من خطط أو محاولات".

ويضيف الحمداني "تخطط إيران لدمج الحشد الشعبي بالجيش في الظاهر، لكنها تريد في الحقيقة تسليم مؤسسة الجيش العراقي، عدة وأفراداً إلى الحشد الشعبي وقيادته، ليجري إعادة تصميمه وفق نهج طائفي، قبل أن يقتحم بعد انتهاء الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) العملية السياسية، بقادته وقياداته، بعد تلميع صورهم ومنحهم بطولات زائفة ضد العدو. حينها سيكون سهلاً خداع الشارع بالأبطال الجدد، قاهري الأعداء، ليتحولوا إلى نواب ومحافظين ووزراء، وصولاً إلى الاستيلاء على السلطات كافة، كالحكومة والبرلمان والقضاء".

ويشير الحمداني إلى أن "أعضاء بالبرلمان العراقي من التحالف الوطني، يعملون حالياً، على إيجاد صيغة قانونية لتحويل ميليشيا الحشد إلى قوة نظامية لمساعدتها في السيطرة على المنظومة الأمنية، في العراق. مع العلم أن هؤلاء أنفسهم يرفضون إقرار قانون للحرس الوطني، لأسبابٍ طائفية".

ويرى أن "إيران لن تحتاج إلى وقت طويل لاحتواء المنظومة الأمنية العراقية بداخل الحشد الشعبي، فهناك فصائل عدة بالحشد، منظّمة بشكل جيد وتلقّى أفرادها تدريبات مكثفة، وتمتلك أسلحة مختلفة مثل كتائب حزب الله العراقي، وقوات بدر، وعصائب أهل الحق".

ويضيف أنه "بسبب وجود شخصيات مثل هادي العامري وأبو مهدي المهندس وقيس الخزعلي ومحمد الغبان، وغيرهم على رأس الحشد الشعبي، وهم المعروفون بتبعيتهم المطلقة لإيران، فإن إيران ستضمن أن المنظومة الأمنية العراقية الجديدة تأتمر بأوامر المرشد في طهران. بالتالي سيتم ضبط إيقاع دوران العراق في الفلك الإيراني، وستضمن إيران مصالحها ونفوذها وسلطتها على العراق، من دون الحاجة حتى لإرسال قوات وعناصر ايرانية لممارسة التأثير على العراق. وهذا أكثر ما يخيف الجميع اليوم، في وقتٍ تتفرّج فيه الولايات المتحدة".

من جهته، يدافع عضو "التحالف الوطني" عن حزب "الدعوة" في محافظة بابل، سالم محمود، عن دمج قيادات وعناصر الحشد بـ"الحشد الشعبي" بالجيش، معتبراً أنهم "يستحقون ذلك لأنهم أثبتوا جدارتهم بالدفاع عن العراق". ويضيف محمود لـ"العربي الجديد"، أن "الحديث عن مخطط إيراني وربط كل شيء بإيران، بات عقدة نفسية عند البعض، علماً أن الدمج استحقاق، وطني يجب أن يحصل عليه الحشد الشعبي".

إلا أن القيادي في "مجلس العشائر" الذي يواجه "داعش"، الشيخ علي العيساوي، يرى غير ذلك. ويرى في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة والقيادات السياسية بالائتلاف الوطني تعارض دمج أبناء العشائر أو تسليحها". ويعتبر أن "دمج المليشيات واستثناء العشائر موضوع طائفي واضح، تقف خلفه إيران ويُشّكل بداية لتحوّل الجيش إلى مليشيا كبيرة منظّمة، تقتصر على طائفة واحدة".

اقرأ أيضاً: الأمن العراقي كان على علم باستهداف "مجاهدي خلق"

المساهمون