مسؤولون تونسيون يردّون على كلينتون بأحداث السفارة الأميركية

29 أكتوبر 2015
تعرّضت سفارات أميركية لاعتداءات في 2012 (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

ما زالت ملابسات أحداث السفارة الأميركية في تونس التي وقعت في 14 سبتمبر/أيلول 2012، تُشكّل لغزاً حتى الآن. وعلى الرغم من كثرة التصريحات، إلا أن بعض التفاصيل الجديدة التي تظهر للرأي العام، قد تزيد من الغموض الحاصل.

في هذا الصدد لم تمرّ التصريحات التي أدلت بها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، بما يتعلق بأحداث السفارة الأميركية بتونس، من دون أن تثير ردود فعل متباينة في مختلف الأوساط السياسية، خصوصاً لدى الأطراف التي اتهمتها كلينتون بالتقصير.

وكشفت كلينتون خلال إدلائها بشهادتها أمام لجنة التحقيق في الكونغرس الأميركي، الأسبوع الماضي، أن "السفير الأميركي، جايكوب واليس، وطاقم السفارة، اتصلوا بالسلطات التونسية لطلب المساعدة، إلا أنهم لم يتلقوا أي ردٍّ". لتتصل بدورها برئاسة الحكومة، ووزارة الداخلية بتونس لحماية السفارة، والعاملين بها، ولكنها لم تلقَ أي ردّ أيضاً. ممّا اضطرها إلى الاستنجاد بالرئيس السابق، المنصف المرزوقي، الذي بدوره استعان بالأمن الرئاسي. وذكرت كلينتون في شهادتها، أن "الآلاف من المتظاهرين تواجدوا في محيط السفارة، متجاوزين الحواجز، وقاموا بحرق المدرسة الأميركية المحاذية للسفارة".

من جهته، يؤكد عدنان منصر المستشار السابق للمرزوقي، أن "كلينتون اتصلت فعلاً بالمرزوقي"، مبيّناً أنه "كان حاضراً أثناء المكالمة التي أجرتها معه آنذاك"، إلا أنه يعتبر أن "كلينتون لم تكن دقيقة جداً في تصريحاتها". ويضيف منصر في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنّ "كلينتون، طلبت فعلاً التدخل لحماية الطاقم، والعاملين في السفارة"، لافتاً إلى أنها "عبّرت للمرزوقي عن مخاوفها مما يحصل، لأن النجدة لم تصل، وطلبت التدخل". ويوضح أن "وزيرة الخارجية الأميركية السابقة لم تطلب تدخل الأمن الرئاسي، بل إن المرزوقي هو الذي كلّف الأمن الرئاسي بالتدخّل وبحماية السفارة الأميركية".

اقرأ أيضاً: تونس... الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية في أزمة

أما وزير الخارجية السابق، رفيق عبدالسلام قال لـ"العربي الجديد"، مفنّداً مجريات الأحداث، "إن الوضع الذي كانت تتخبط فيه تونس، والثغرات الأمنية التي حصلت آنذاك، أدت إلى تدخل الأمن الرئاسي في السفارة الأميركية". ويعتبر أنّ "الأوضاع السياسية والارتباك الذي عاشته تونس، انعكس على الأداء الحكومي"، مؤكداً أنه "لم يكن هناك أي نية للإخلال بالأمن العام، وهو ما يدركه جيداً الطرف الأميركي". ويُشدّد على أن "تحميل المسؤولية لحركة النهضة أمر غير صحيح، لأن النهضة كانت ضمن ائتلاف حكومي، وبالتالي فإنها لا تتحمّل مسؤولية التقصير الذي حصل، والذي أدى إلى الوصول إلى مقرّ السفارة واقتحامها". ويشير إلى أنّ "حركة النهضة كحزب فائز آنذاك، لم تكن راضية عما حصل". ويعتبر أنّه "لا يجب التفريق بين الأمن الرئاسي والأمن الداخلي، بالإيحاء أن طرفاً قام بواجبه، والآخر لا"، معتبراً أن "الظرف اقتضى يومها تدخل الأمن الرئاسي للمساعدة. بالتالي فإن طلب التدخل من المرزوقي لا يعني عبقرية".

من جهته، يشير وزير الداخلية السابق، علي لعريض، إلى أنّ "كلينتون قد تكون اتصلت برئاسة الحكومة ووزارة الخارجية وفق الإجراءات المعمول بها، ولكن الأكيد أن وزارة الداخلية تلقت اتصالاً بعد يومين من الحادث". ويكشف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "المتصل كان نائب وزير الخارجية المكلّف بالشرق الأوسط آنذاك، وليام بيرنز، الذي تحدث معه بخصوص أحداث السفارة الأميركية، وعلى ضرورة تضافر الجهود للتصدي لمثل هذه الأحداث وملاحقة المتسببين في الحرق وفي أعمال الشغب". ويُشدد لعريض على أنّ "وزارة الداخلية قدمت باسم الدولة التونسية اعتذارها عما حصل، خصوصاً أن السفارة وطاقمها في حماية تونس وضيوفها".

ويوضح أنّ "تونس كانت في تلك الفترة تعيش على وقع الاحتجاجات، وأن الأجواء كانت محتقنة نتيجة بثّ فيلم مسيئ للرسول، وأنه على إثر ذلك قرر المحتجون القيام بوقفة احتجاجية أمام السفارة الأميركية". ويكشف لعريض أن "التجمّع الذي حصل كان كبيراً، وأن الوحدات الأمنية تصدّت للمتظاهرين بكل ما أتيح لها من وسائل، ولكن الجموع تمكنت من اقتحام السفارة". ويلفت إلى أن "المتظاهرين استغلّوا حتى عامل الريح لتجنّب آثار الغاز المسيّل للدموع، وفقاً لأشرطة الفيديو التي راجت آنذاك".

ويضيف أن "المواجهة كانت شديدة، وأن قوات الأمن وفرقة مكافحة الإرهاب التي تم الاستنجاد بها أيضاً، بذلت أقصى ما تستطيع إلى حين وصول الأمن الرئاسي، الذي تدخل في اللحظات الأخيرة لتقديم المساعدة، وهو ما مكّن من تفادي أضرار أكبر".

ويعتبر لعريض أن "وزارة الداخلية، لم تكتفِ بالتدخل الميداني، بل قيّمت الحالة بعد عملية اقتحام السفارة والأحداث التي استجدّت". ويلفت إلى أنه "تمّ إبلاغ الولايات المتحدة أن تونس بذلت أقصى ما تستطيع وأنها بصدد العمل على تدارك النقائص". ويكشف أنه "تمّ الاتفاق على منهجية مستقبلية لمعالجة تداعيات تلك العملية، ومحاسبة المتسببين في تلك الأحداث، إلى جانب إصلاحات أمنية عدة تم إقرارها". ويخلص وزير الداخلية السابق، إلى التأكيد أنّ "تونس تكفّلت بإصلاح ما تم إتلافه وحرقه بالسفارة الأميركية، والاتصالات بين الطرفين لم تنقطع".

يذكر أن سفارتي الولايات المتحدة في بنغازي الليبية والقاهرة المصرية، تعرّضتا لاعتداءين يوم 11 سبتمبر 2012، كما هوجمت سفارتا واشنطن في تونس وصنعاء اليمنية في 14 سبتمبر. وحمّلت الإدارة الأميركية المسؤولية لكلينتون، بصفتها وزيرة للخارجية إلى جانب الدول المعنية.

اقرأ أيضاً: حكومة الصيد وضرورات التغيير: خلافات حكومية وضغوط للمعارضة

المساهمون