زيارة العاهل الأردني إلى السعودية.. تغليب الأجندة الاقتصادية

14 اغسطس 2014
عمان تسعى لدعم من الرياض في الملف الاقتصادي(يوسف علاء/Getty)
+ الخط -
رسمياً، تبدو الأجندة السياسية المتمثلة بالأوضاع في قطاع غزة، ومفاوضات وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، التي تتم برعاية مصرية، والتطورات في العراق بعد تكليف حيدر العبادي بتشكيل الحكومة، هي محاور زيارة العاهل الأردني عبد الله الثاني إلى السعودية، اليوم الخميس، والتي يلتقي خلالها الملك عبد الله بن عبد العزيز.

عملياً يؤشر التطابق المطلق أو التقارب الشديد في مواقف المملكتين تجاه الأجندة السياسية، إلى احتلالها مرتبة ثانوية، فيما ستحتل المواضيع الاقتصادية المرتبة الرئيسية، في مسعى من المملكة الفقيرة إلى تحصيل مكاسب اقتصادية من المملكة الغنية، تساهم في حل أو تسكين أوجاعها الاقتصادية.

وتشكل السعودية طوق النجاة للأردن لحل مشكلات الطاقة التي تعاني منها، والتي تستنزف خزينتها، والمتمثلة بانقطاع الغاز المصري نتيجة تفجير الخط الواصل بين مصر والأردن، وتراجع إمدادات النفط العراقي بفعل الأوضاع الأمنية.

يقول المحلل الاقتصادي، سلامة الدرعاوي، "سيحتل الجانب الاقتصادي جزءاً كبيراً من اللقاء، على الرغم من أهمية الجانب السياسي المطروح على الأجندة".ويضيف إن السعودية باتت المزود الرئيسي للأردن من الطاقة بعد انقطاع الغاز المصري والنفط العراقي، كما أنّها مانح المساعدات الأكبر لعمان على مستوى العالم، مما يجعل للاقتصاد أهمية مضاعفة خلال اللقاء، لما تعانيه الأردن من مشاكل اقتصادية معقدة.

ويُشير إلى أن المساعدات السعودية للأردن تتمثل في مِنح مباشرة للخزينة ولمعالجة العجز، وأخرى موجهة لأغراض التنمية ضمن الصندوق الخليجي للتنمية في الأردن، والذي تساهم السعودية فيه بمليار وربع المليار دولار.

وتبلغ قيمة الصندوق 5 مليارات دولار سنوياً تموله بالتساوي كُلٌّ من السعودية والكويت وقطر ودولة الامارات، ويهدف إلى تمويل مشاريع تنموية في الأردن بناء على خطط لمشاريع يتم الاتفاق عليها بين الأردن والمساهمين في الصندوق.

وتوقع سلامة أن تكون الحصة السعودية في الصندوق محل بحث خلال اللقاء، وخصوصاً أن الرياض تأخرت في تمويل عدد من المشاريع، على الرغم من الاتفاق عليها بين المملكتين، وهو التأخر الذي كانت بواعثه سياسية، كما يقول.

وفيما اعتذر عدد من المحللين السياسيين عن الحديث عن أبعاد اللقاء في الوقت الحالي، أشار أحدهم، طالباً عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الزيارة تؤكد التبعية الأردنية للسعودية، التي أعادت ترميم محور "الاعتدال العربي" الذي ضمّ إضافة إلى المملكتين كلاً من مصر ودولة الامارات.


وقال المحلل نفسه إنه "لا يمكن أن يخرج اللقاء بجديد على الصعيد السياسي، بل سيؤكد مواصلة الأردن الاستغناء عن دورها التاريخي في القضية الفلسطينية، لصالح تفويض ذلك الدور إلى مصر بمباركة من محور الاعتدال"، معتبراً أن "هذا الأمر سيؤدي إلى عزل الأردن بشكل تدريجي عن القضية الفلسطينية بشكل يخالف مصالحه الداخلية ودوره في المنطقة".


ويبدو أن اللقاء الباحث عن منافع اقتصادية للأردن، يأتي في ظروف سياسية مثالية لتحصيل هدفها، فالتطابق والتشابه سيد الموقف في المواقف السياسية للمملكتين؛ على صعيد الأحداث من عدوان غزة والوضع في العراق، لا يوجد خلاف في ظل التزام المملكتين بدعم الدور المصري في مفاوضات وقف إطلاق النار، و"ضرورة العودة إلى المفاوضات، التي تكفل حلاً للقضية الفلسطينية"، بحسب أدبيات الرياض وعمان، وعلى الصعيد العراقي رحب الملكين بالتغيير في رئاسة الوزراء، والتخلي عن نوري المالكي، على أمل أن تكون بداية لعملية سياسية توقف تهميش السنة.

أمّا على الصعيد السوري، الذي كان سبباً في تعنت السعودية ومماطلتها في تقديم الدعم الاقتصادي للأردن، فالوضع مختلف اليوم، إذ تقترب مواقف المملكتين، خصوصاً بعد طرد الأردن السفير السوري في عمّان، من دون قطع للعلاقات، وتراجع حدة خطاب السعودية تجاه النظام السوري.

وتبقى جماعة الإخوان المسلمين، التي تقع ضمن خانة الإرهاب في التصنيف السعودي، وأفادت تسريبات سابقة بأن الرياض  طلبت من الأردن حظرها، لكن عمان لم تستجت، محور خلاف مُتوقع، غير أن الزيارة تأتي في وقت ترتبط فيه المملكة الأردنية بعلاقة فاترة مع حركة "الإخوان" لديها، نادراً ما وصلت إلى هذا المستوى من الضعف والفتور.
دلالات