لبنان: تكليف الجيش بالحسم العسكري شمالاً وبقاعاً

27 مارس 2014
توفر الخطة الغطاء السياسي والشعبي للجيش والقوى الأمنيّة
+ الخط -
أقرت الحكومة اللبنانيّة، اليوم الخميس، الخطة الأمنية التي أعدّتها وزارتا الداخليّة والدفاع، وتعطي الجيش والأجهزة الأمنيّة الغطاء السياسي والشعبي للقضاء على جميع المظاهر المسلحة في شمال لبنان وبقاعه.
وكانت الحكومة اللبنانيّة قد رفعت شعار "محاربة الإرهاب" منذ لحظة تشكيلها. تُرجم هذا الأمر بتولّي نهاد المشنوق، وهو أحد نواب بيروت، ومقرب من السعوديّة ومن رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، وزارة الداخليّة. يُعد المشنوق من صقور تيّار "المستقبل"، في مواجهة "حزب الله". وإضافةً الى المشنوق، تولى اللواء أشرف ريفي وزارة العدل، وهو إضافة إلى علاقته الخاصة بالحريري والسعوديّة، يعتبر محرّكاً للشارع السني في لبنان.

ردّ حزب الله وحلفاؤه على ما اعتبره البعض خسارةً لهم، بتولي ريفي والمشنوق هاتين الوزارتين الحساستين، بأنّ لا أحد يستطيع القضاء على ظاهرة الإرهاب إلا "السنّي القوي".

يبدو أن هذا المنطق وجد طريقه نحو التنفيذ، فبعد أن رفع المشنوق مشروع مرسوم إلى مجلس الوزراء يقضي بتحويل فرع المعلومات إلى شعبة، مع ما يعنيه هذا الأمر من تشريع لعمل الفرع، ها هي الخطة الأمنيّة تجد طريقها الى الإقرار.
وتجدر الاشارة الى أن فرع المعلومات يشكل ملفاً إشكالياً في لبنان، إذ يعتبره حزب الله جهازاً معادياً، ويعمل كجهاز أمني لتيار "المستقبل". وسبق أن أجرى الفرع التحقيقات اللازمة، وأمّن الأدلة التي سمحت للمحكمة الدولية الخاصة في لبنان باتهام أعضاء من "حزب الله" باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.
وأوضح أحد الوزراء لـ"العربي الجديد"، رافضاً الكشف عن هويته، أنه لم يتم إقرار مرسوم تحويل فرع المعلومات الى شعبة في الجلسة الأولى، وتم ترحيله إلى الجلسة الثانية، "لطرحه بشكل مختلف قليلاً". وأكّد أن لا اعتراض على تحويل الفرع إلى شعبة، لأن الاعتراض سابقاً، كان على عدم قانونيته.

وعلم "العربي الجديد" أن مجلس الدفاع الأعلى، الذي انعقد يوم الأربعاء الماضي، قرر إعطاء الجيش اللبناني والقوى الأمنيّة كامل الصلاحيات لضبط الوضع الأمني في طرابلس وفي البقاع الشمالي. ويشير أحد المشاركين في الاجتماع إلى أنّ هذه الخطوة ستُتّخذ "حتى لو أدّى ذلك إلى سقوط ضحايا".

بدورها، أقرت الحكومة اليوم هذه الخطة بالكامل. وطُلب من الجيش والقوى الأمنيّة الإسراع بتنفيذها. وبحسب وزير الإعلام، رمزي جريج، فإن الحكومة قررت "تكليف الجيش والقوى الأمنية المختلفة تنفيذ خطة لضبط الأمن ومصادرة مخازن السلاح في طرابلس وأحيائها وجبل محسن وتنفيذ الاستنابات القضائية وضبط الأوضاع الأمنية في البقاع". كما أقرت الحكومة تسليم القوى الأمنيّة داتا اتصالات اللبنانيين بكاملها ابتداءً من أول أبريل/نيسان المقبل، وهو ما يطرح أسئلة كثيرة فيما يتعلق بخصوصيّة المواطن اللبناني.

وبحسب المعلومات، فإن تنفيذ الخطّة بدأ في عرسال شرقي لبنان، حيث انتشر هناك الفوج المجوقل برفقة نحو 90 ضابطا وعنصرا من فرع المعلومات. ويتولى الجيش ضبط الحدود وتأمين الهيبة العسكريّة، فيما يتولى فرع المعلومات ضبط الوضع الداخلي في البلدة. وأفادت مصادر عسكريّة وإسلاميّة بأن الجيش قام باعتقال نحو 50 سورياً، بعضهم مسلّح، ويُشتبه في علاقتهم بتنظيمات جهاديّة، خصوصاً "جبهة النصرة".

أمّا لجهة أبناء عرسال، فلم يجرِ أي اعتقال حتى اللحظة، إذ تبين أن الخطة تنصّ على تجاوز "أخطاء المرحلة الماضية، لكن من غير المسموح القيام بأية أخطاء جديدة، وسيتم توقيف كلّ من يُخطئ"، بحسب ما يقول أحد المطلعين على هذه الخطّة الأمنيّة لـ"العربي الجديد". ويفترض أن تشمل الخطة القضاء على شبكات الخطف وسرقة السيارات في البقاع، خصوصاً بعد رفع "حزب الله" وحركة "أمل" الغطاء عن هذه الشبكات.

وفي طرابلس، ستبدأ الخطة من جبل محسن، بتوقيف عدد من المسؤولين في الحزب "العربي الديموقراطي"، المقرب من النظام السوري و"حزب الله"، ليستكمل بمصادرة مخازن السلاح الثقيل الموجودة في الجبل. وبحسب المعلومات، فإن النائب السابق ورئيس الحزب "العربي الديموقراطي"، علي عيد، موجود حالياً في اللاذقية حيث يخضع للعلاج. أما نجله رفعت، "فيتم تهريبه"، على أن تُسلّم القيادة السياسيّة لجبل محسن لبعض السياسيين العلويين ممن لم "تتلطّخ أيديهم بالدماء". ويتم تداول أسماء النائبين السابقين أحمد حبوس وعبد الرحمن عبد الرحمن (كان مسؤولاً لحزب "البعث السوري" في شمال لبنان)، إضافة إلى المسؤول السياسي السابق للحزب "العربي الديموقراطي"، محمود شحادة. وفي هذا السياق أيضاً، جاءت طلبات الإدانة، لعيد وهاشم منقارة وآخرين، بتفجيرات مسجدي طرابلس التي جرت في أغسطس /آب 2013، والتي صدرت يوم الأربعاء عن قاضي التحقيق العسكري في بيروت.

أمّا في جهة التبانة، فستتم مطالبة "قادة المحاور" بتسليم سلاحهم، "ومن يرفض سيتم التصدي له ليكون درساً للآخرين". وتشير الأجواء أيضاً إلى التعامل بحزم تحديداً مع المتورطين باعتداءات على الجيش، حيث "ستتم معاقبة أي متورط بتوقيفه وتسليمه إلى القضاء"، بحسب ما يقول أحد المسؤولين في طرابلس لـ"العربي الجديد".

وكان قد عُقد ليل الأربعاء ــ الخميس اجتماع في طرابلس جمع ممثلي الحالة الإسلاميّة (السلفيين تحديداً) مع النائب محمد كبارة، لعرض هواجس الحالة الإسلاميّة ونقلها إلى الحكومة قبل إقرار الخطّة. وأبلغ كبارة المجتمعين أن هذه الحالة لن تكون مستهدفة. اللافت أن الاجتماع جرى بعد زيارة سعد الحريري خارج لبنان، ويسبق اجتماعاً آخر يعقد عبر الفيديو بين الإسلاميين والحريري. لكن هذا الأمر لا يعني تغطية من هم مرتبطين تنظيمياً بـ"جبهة النصرة"، كما أُبلغ الإسلاميون. ويتولى الحريري تأمين الغطاء الشعبي لهذه الخطة.

لا يُمكن الحكم بجدية على هذه الخطط في لبنان إلا عند تنفيذها. لكن المعطيات تُشير إلى وجود قرار بضبط الوضع اللبناني ومنعه من الانفجار، على الأقل في المدى القصير.