الاحتلال يحقق في جرائم جيشه بغزة: المجرم قاضٍ

11 ديسمبر 2014
استشهد أكثر من ألفي فلسطيني بالعدوان (محمد عبد/فرانس برس)
+ الخط -
لم يكن مستبعداً أنّ تبدأ إسرائيل، الجاني والقاضي والحكم، التحقيق في بعض جرائم جيشها ضد مدنيي قطاع غزة، خلال العدوان الأخير الذي استمر 51 يوماً، وأدى إلى استشهاد ما يزيد عن 2200 فلسطيني، وإصابة أكثر من 11 ألفاً من الفلسطينيين، بينهم العشرات سيعيشون في إعاقة دائمة، لأهداف ليس من ضمنها تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا.

وأمر النائب العسكري العام في دولة الاحتلال، داني عفروني، الشرطة العسكرية بفتح تحقيق في 5 حوادث قتل لفلسطينيين خلال العدوان الأخير على القطاع، ومن بين هذه الحوادث التي سيجري التحقيق فيها، إطلاق النار على مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في بلدة بيت حانون، شمالي القطاع، وهو الحادث الذي أدى إلى استشهاد 15 فلسطينيّاً، احتموا بالمدرسة خوفاً بعد قصف منازلهم في البلدة الحدودية.

وكذلك سيُجري الاحتلال تحقيقاً في قصف ميناء الصيادين غرب مدينة غزة، الذي قتل فيه 4 أطفال من عائلة بكر، وقد صورتهم وسائل الإعلام حينها، ولم يكن هناك ما يقلق تجاههم لتقوم الزوارق الحربية بقصفهم. غيرّ أنه سيجري وفق قرار المسؤول الإسرائيلي، طي ملف التحقيق في 9 حوادث أخرى.

وتسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، عبر تحقيقاتها المزعومة، إلى القول، إنها تحقق في الادعاءات الفلسطينية بشأن قيام جيشها باختراق القانون الدولي، وتنفيذ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حربها على القطاع، وذلك لقطع الطريق أمام أي تحقيق دولي، وللقول كذلك إنّ تحقيقاتها تكفي.

ويقول مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، عصام يونس لـ"العربي الجديد"، إنّه "ليس لدى الحقوقيين والفلسطينيين أي نوع من الثقة في التحقيقات التي يجريها الاحتلال الإسرائيلي". مشيراً إلى أنه "كيف يمكن للجهة نفسها المتهمة في هذه الجرائم أن تقوم بالتحقيق".

ويذكر يونس، أنّ "لدى المؤسسات الحقوقية تجارب سابقة في الحروب الماضية على القطاع، إذ أغلقت القضايا المنظورة ضد الانتهاكات والجرائم، ولم يحاكم أي جندي إسرائيلي بأي تهمة، إلا واحد في الحرب الماضية اتهم بسرقة صراف آلي من منزل في غزة".

ويلفت الحقوقي الفلسطيني، إلى أنّ "هناك جرائم حرب مكتملة الأركان، تستدعي التحقيق فيها ومحاسبة مرتكبيها". وأوضح أن "بدء هذه التحقيقات من الاحتلال، محاولة لقطع الطريق أمام لجان التحقيق الدولية، ومحاولة استباقية للقول، إن إسرائيل تجري تحقيقاتها بنفسها".

غيرّ أن يونس، ينبه إلى أنه لـ"الذهاب بهذه الجرائم المنظورة إلى المحاكم الدولية، يجب أن تستنفد التقاضي المحلي، وحينها يصبح للضحايا وذويهم الحق في أن يفتح العالم لهم قضاءه لملاحقة مجرمي الحرب ومحاسبة المرتكبين والمتسترين على هذه الجرائم".

ويتوقع أن "تغلق النيابة العسكرية الإسرائيلية القضايا التي فتحتها، وألا يكون هناك محاسبة لأي من الجنود المجرمين". وأكد في الوقت عينه أن "جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يقدم، يوماً، أيّاً من جنوده إلى المحاكمة، بل يوفر لهم الحصانة والحماية من الملاحقات".

من ناحيتها، اعتبرت المتحدثة باسم "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، مها الحسيني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إعلان الاحتلال بدء التحقيق في بعض جرائم جيشه في القطاع، "محاولة بائسة من إسرائيل للتغطية على جرائمها".

وتشير الحسيني، إلى أنّ "الاحتلال الإسرائيلي يريد القول، وخاصة للمجتمع الدولي، أنه يحقق في الادعاءات الفلسطينية بشأن قيام جنوده بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في القطاع"، موضحةً أنه "يريد كذلك إرسال رسائل مضللة حول جديته في التحقيق".

وتلفت إلى أنّ "التحقيقات التي يجريها الاحتلال الإسرائيلي تفتقد لأية مصداقية، في ظل وقائع على الأرض تؤكد أن الاحتلال منذ نشأته لم يحاسب أيّاً من جنوده على الجرائم المثبتة التي ارتكبوها ضد الفلسطينيين، وأنه أغلق وتحفظ على العشرات من القضايا المرفوعة ضدهم".

وتبينّ المتحدثة باسم "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، أنّ "الاحتلال الذي بات منبوذاً على المستوى الدولي، ويرفض استقبال لجان التحقيق الدولية في جرائمه ضد مدنيي قطاع غزة، يسعى إلى إحتواء وجهات النظر السلبية التي تقابله دوليّاً، عبر إعلانه التحقيق في عدد من الجرائم".
المساهمون