تعرضت جماعة الحوثيين لعملية استنزاف واسعة في المعارك التي شهدتها محافظة مأرب النفطية خلال اليومين الماضيين، وخلافاً لعشرات القتلى، تعيش المرافق الصحية في العاصمة صنعاء حالة طوارئ، أجبرت السلطات التابعة للجماعة على إطلاق "نداء استغاثة" للتبرع بالدم، بهدف إنقاذ مئات الجرحى.
وقال مصدر طبي في مستشفى الثورة بصنعاء، لـ"العربي الجديد"، إن الطاقة الاستيعابية لغالبية المرافق الصحية في العاصمة بدأت بالنفاد مع تدفق أعداد هائلة من الجرحى خلال الساعات الماضية، غالبيتهم قادمون من جبهة مأرب.
وذكر المصدر أن هناك عشرات الحالات الحرجة لمقاتلين تعرضوا لإصابات قاتلة واندفاع غير محسوب العواقب إلى خطوط النار، في إشارة إلى الهجمات الانتحارية التي نفذتها المليشيا الحوثية، ليل الجمعة، على جبل البلق الشمالي في مديرية صرواح غربي مأرب.
وأطلق بنك الدم التابع للمستشفى الجمهوري في صنعاء، اليوم الأحد، نداء استغاثة للمواطنين دعاهم للتبرع بالدم، لتغطية احتياجات المستشفى الجمهوري وباقي المرافق الصحية من الدم، وذلك من جميع الفصائل، وفقا لوكالة "سبأ" الخاضعة للحوثيين.
واعتبرت السلطات الحوثية، في دعوتها، أن التبرع بالدم يعد "تجسيدا للتكافل"، وسيساهم في إنقاذ من وصفتهم بالمرضى، من دون الإشارة إلى جرحى الحرب في معارك مأرب.
وخلافا للبيان الرسمي الذي دعا سكان صنعاء للتوجه إلى مراكز استقبال المتبرعين خلال أوقات الدوام الرسمي، قال شهود عيان، لـ"العربي الجديد"، إن عربات طبية شوهدت وهي تتجول في شوارع العاصمة وتدعو المارة عبر مكبرات الصوت للتبرع بالدم.
وفيما يخص القتلى، شيعت جماعة الحوثيين، اليوم الأحد، 18 ضابطاً، قالت إنهم قتلوا في المعارك وهم يدافعون عن السيادة الوطنية، في إشارة إلى المعارك الدائرة بمأرب، ما يرفع عدد الذين تم تشييعهم رسميا منذ 7 فبراير/شباط الماضي إلى أكثر من 500، وفقا لما رصده "العربي الجديد" عن وسائل إعلام حوثية.
وتلجأ جماعة الحوثيين لإذاعة بيانات تشييع الضباط في مواكب رسمية فقط، فيما تتجاهل باقي العناصر ممّن تسميهم بـ"اللجان الشعبية" والمتطوعين ورجال القبائل، وهو ما يشير إلى أن أرقام الخسائر البشرية تفوق 1000 قتيل خلال 3 أسابيع من المعارك الضارية في مأرب.
وتراجعت الهجمات الحوثية بشكل نسبي خلال الساعات الماضية جراء النزيف البشري الواسع، ووفقاً لمصادر عسكرية، فقد اقتصرت معارك الأحد على تبادل للقصف المدفعي، وسط توقعات بأن تقوم المجاميع الحوثية بترتيب صفوفها لتنفيذ هجمات جديدة.
#مارب
— المركز الإعلامي للقوات المسلحة #اليمن (@Yem_army_media) February 28, 2021
مدفعية الجيش الوطني تدمر عربة مدرعة واثنين أطقم كانا يحملان تعزيزازت لمليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، في جبهة الكسارة، غرب مارب، ومصرع كل من كانوا على متنها.
وذكر المركز الإعلامي للقوات الحكومية، في بيان على تويتر، أن مدفعية الجيش الوطني تمكنت من إعطاب عربة مدرعة ودوريتين للمليشيا الحوثية، كانت محملة بالأفراد، في جبهة الكسارة غربي مأرب، ما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها.
وواصلت مقاتلات التحالف بقيادة السعودية شن ضرباتها على التحركات الحوثية قبل تنفيذ هجمات جديدة على مواقع القوات الحكومية، ووفقا لقناة "المسيرة" الناطقة بلسان الحوثيين، فقد شن الطيران 15 غارة جوية على مواقعهم في صرواح، غربي مأرب.
#المسيرة_عاجل | #مارب: 15 غارة لطيران العدوان السعودي الأمريكي على مديرية صرواح
— المسيرة - عاجل (@alosbou) February 28, 2021
وفي السياق، تحاول القوات الحكومية ترتيب صفوفها سريعاً لتفادي الهجمات الحوثية المحتملة، حيث أصدر وزير الداخلية إبراهيم حيدان قرارا بتعيين العميد سليم السياغي قائداً للقوات الخاصة بمأرب، وذلك بعد ساعات من تشييع القائد السابق، الذي سقط في معارك الجمعة، العميد عبد الغني شعلان.
وغداة يوم من نعي شعبي واسع للقائد العسكري شعلان، نعى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في برقية متأخرة، قائد القوات الخاصة بمأرب وعدداً من رفاقه، وقال "إن دماء الشهداء وتضحياتهم لن تذهب هدراً، وإن جبال وصحاري ووديان وسهول وكل ذرة من أرض اليمن تزداد تشبثاً بالأرض كلما ارتوت من دماء الشهداء والجرحى لتطارد فلول العناصر الانقلابية".
وخلت برقية العزاء الإنشائية، التي نشرتها وكالة "سبأ" الخاضعة للحكومة الشرعية، من أي توجيه رئاسي أو تلبية للدعوة التي أطلقها 72 برلمانياً في وقت سابق الأحد، ودعوا فيها الرئاسة لسرعة إسناد الجيش الوطني، وذلك بدفع رواتبهم وانتظامها، وتحريك باقي جبهات القتال المجمدة بهدف تخفيف الضغط عن مأرب.