استمع إلى الملخص
- وُلد في الإسكندرية عام 1931، وشارك في المقاومة ضد الاستعمار البريطاني، واعتُقل في قضية محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، ثم هاجر إلى ليبيا ولقب بـ"ملك الأسمنت".
- شغل منصب مفوض العلاقات الدولية في جماعة الإخوان، وأسس "بنك التقوى"، وترك إرثًا مليئًا بالتناقضات وكتابًا بعنوان "كنت شاهدًا على حصار المسلمين".
توفي صباح اليوم الأحد رجل الأعمال المصري يوسف ندا، إحدى الشخصيات المثيرة للجدل في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، عن عمر ناهز 93 عامًا. واشتهر يوسف ندا بمسيرته التي جمعت بين النشاط السياسي والاقتصادي، حيث لعب دورًا حيويًا في توسيع نفوذ الجماعة على المستوى الدولي، إضافة إلى نجاحه في تأسيس إمبراطورية اقتصادية امتدت عبر عدة دول. ورغم اتهامه سابقًا بدعم الإرهاب، إلا أن التحقيقات أثبتت براءته، ليظل رمزًا للغموض والتأثير على مدار عقود.
يوسف مصطفى علي ندا (17 مايو/أيار 1931 - 22 ديسمبر/ كانون الأول 2024) كان رجل أعمال مصريًا يحمل الجنسية الإيطالية، ومقيمًا في كامبيونا الإيطالية الواقعة داخل الحدود السويسرية. شغل منصب المفوض السابق للعلاقات الدولية في جماعة الإخوان المسلمين، ولعب دورًا محوريًا في توسيع نفوذ الجماعة على المستوى الدولي، حسب مراقبين. وُلد في الإسكندرية، وكان الرابع بين 11 أخًا، امتلك والده مزرعة ومصنعاً لمنتجات الألبان، مما أتاح له التعرف على أسس العمل التجاري منذ الصغر. تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة الرملية الابتدائية، ثم التحق بمدرسة الرمل الثانوية، وبعد إنهاء هذه المرحلة، التحق بكلية الزراعة في جامعة الإسكندرية، حيث أصبح عضوًا في اتحاد طلاب الكلية.
النشاط السياسي والمقاومة
انضم ندا إلى جماعة الإخوان المسلمين عام 1947، وفي عام 1951، انخرط في أعمال المقاومة ضد الاستعمار البريطاني في منطقة قناة السويس، وشارك في القتال ضده في أوائل الخمسينيات. في أكتوبر/تشرين الأول 1954، اعتُقل يوسف ندا في القضية التي حوكم فيها مع آخرين وهي قضية محاولة اغتيال الرئيس المصري جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية، وقضى ما يقرب من عامين في السجن، وأُفرج عنه في إبريل/نيسان 1956 دون توجيه اتهام رسمي. بعد خروجه من السجن، فُصل من الجامعة وشُطب قيده.
بعد الإفراج عنه، بدأ ندا نشاطه التجاري في مصر، حيث اشتغل في تجارة منتجات الألبان وأدار مكتبًا للتصدير، وعاد إلى كلية الزراعة فأكمل دراسته، ليتخرج منها عام 1959. في أغسطس/آب 1960، قرر الهجرة من مصر، فتوجه إلى ليبيا، حيث لُقّب في نهاية الستينيات بـ"ملك الأسمنت في منطقة البحر المتوسط". بعد ثورة الفاتح عام 1969، نزح إلى اليونان، ثم انتقل إلى النمسا، حيث توسعت أعماله التجارية، واستقر لاحقًا في كامبيونا الإيطالية.
في جماعة الإخوان المسلمين
شغل ندا منصب مفوض العلاقات الدولية في جماعة الإخوان المسلمين، ولعب دورًا بارزًا في توسيع علاقات الجماعة دولياً، رتب لقاءات مع قادة الثورة الإيرانية، وتوسط في نزاعات بين دول مثل السعودية واليمن، وساهم في حل الأزمات بين الحكومة الجزائرية وجبهة الإنقاذ. أسس ندا "بنك التقوى"، الذي اتهمته الولايات المتحدة بدعم الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، ووُضعت شركاته تحت الحراسة، وفُرضت عليه الإقامة الجبرية؛ ورغم التحقيقات المكثفة من قبل السلطات السويسرية والإيطالية والأميركية، لم تُثبت أي تهم ضده، ورُفع اسمه لاحقًا من قوائم المشتبه بهم.
في أوائل السبعينيات، تزوج ندا من السورية آمال صلاح الدين الشيشكلي، ابنة أخ أديب الشيشكلي. عُرف يوسف ندا بمواقفه الجريئة وصراحته التي لم تكن تخلو من الجدل، انتقد السياسات العربية والإسلامية، ودعا إلى ضرورة الحوار كوسيلة لحل النزاعات. ورحل تاركًا خلفه إرثًا مليئًا بالتناقضات، أشاد به كثيرون لدوره كوسيط وصاحب رؤية استراتيجية داخل الحركة الإسلامية، بينما انتقده آخرون بسبب مواقفه المثيرة للجدل. ورغم اختلاف الآراء حوله، لا يمكن إنكار أنه كان شخصية محورية في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين وفي العمل الإسلامي الحديث. ترك خلفه كتابه "كنت شاهدًا على حصار المسلمين"، ليكون شهادة على ما عاشه وما واجهه.