المرشح الرئاسي يوسف أوشيش لـ"العربي الجديد": الجزائر لا تتحمل انحرافات أخرى

05 سبتمبر 2024
أوشيش: مشروعنا الانتخابي يحمل اسم "رؤية" (العربي الجديد)
+ الخط -

يجب التوقف عن الشعوذة السياسية

نتطلع إلى حفاظ الجيش على حياده في الانتخابات

مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الجزائرية في السابع من سبتمبر/ أيلول الحالي، يجيب مرشح جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش عن أسئلة "العربي الجديد" حول برنامجه للحكم في حال فوزه، ومسار الانتخابات الرئاسية في الجزائر هذا العام.

*عند إعلان الترشح، قلتم إن أحد أهدافكم هو إعادة طرح الخطاب الديمقراطي وانتشار الحزب. إذا أجريتم تقييماً أولياً لهذه الانتخابات، هل تعتبرون أنكم حقّقتم ذلك، خصوصاً مع مستوى تجاوب شعبي معكم يمكن وصفه بالإيجابي والمفاجئ؟

جبهة القوى الاشتراكية وضعت كل الوسائل، وتمّ استحضار كل الشروط الحزبية منذ اليوم الأول لإعلان المشاركة في هذه الانتخابات الرئاسية من أجل تحقيق كل الأهداف التي سطّرناها، السياسية منها، الاستراتيجية وكذلك التكتيكية، واليوم ومع تطورات الحملة الانتخابية الرئاسية، نرى تحقيقاً تدريجياً للأهداف المسّطرة، لا سيما تعزيز الروابط التواصلية مع كل فئات الشعب الجزائري وترسيخ الثقة التي يضعونها في مشروعنا، بالإضافة إلى إحداث ديناميكية سياسية وإعادة الاعتبار للفعل السياسي وفرض خطاب راق وممارسة حضارية سواء خلال هذه العملية الانتخابية أو في المشهد السياسي بصفة عامة، وهذا رغم المناخ المعادي للسياسة في مجمله ورغم الانحرافات التي تسبب بها البعض لتنفير الناخبين من الصندوق، وتشويه الفعل السياسي لأهداف غير بريئة، وهذا ما لا يخدم العملية السياسية عامة.

أوشيش: ازدياد العزوف الشعبي لن تتحمله الجزائر خلال هذا السياق غير المسبوق الذي تجتازه

لمسنا تجاوباً وتفاعلاً من طرف الشعب الجزائري بكل فئاته، وذلك يعود في المقام الأول للمصداقية التي يحظى بها حزبنا لدى الجزائريين، وثانياً للمشروع الذي نحمله خلال هذا الاستحقاق الرئاسي والذي أطلقنا عليه اسم "رؤية"، والذي يقدم إجابات واقعية وصريحة لكل الإشكاليات المعقدة التي تعترض يوميات مواطنينا وتقف حجر عثرة أمام تطلعاتهم المشروعة، كما تنطوي رؤيتنا على مقاربات تهدف إلى رفع كل التحديات التي تواجهها بلادنا على كافة الأصعدة، داخلية كانت أم خارجية.

*وبالنسبة لإعادة الانتشار، هل كسبتم قواعد شعبية جديدة تعزّز وجود الحزب؟

نعم هذا بالتأكيد، على الصعيد الحزبي، بالفعل كنا بحاجة إلى هذه المشاركة لتعزيز انتشارنا الوطني ولتقييم قدراتنا في التعبئة وهي الفرصة لتجديد الثقة في الطاقات الشابة داخل جبهة القوى الاشتراكية وتحضيرها لدخول غمار الاستحقاقات السياسية المقبلة.

*أطلقتم وصف "شعوذة سياسية" على تصريحات لسياسيين يدعمون منافسكم الرئيس عبد المحيد تبون بأن "الانتخابات محسومة"، هل تعتقدون أنها مسعى للتأثير عليكم؟

لا نعتقد أنها موجهة إلى إحباطنا بقدر ما هي تعصف بمصداقية العملية الانتخابية برمتها التي لا نرى أن من مصلحة أي أحد المساس بها، خصوصاً في هذا السياق بالذات. حان الوقت للتوقف عن الشعوذة السياسية، والبهرجة والتهريج من أي طرف أتى، فنحن رافعُنا بدخولنا هذا المسار الانتخابي أن يكون عهداً جديداً للممارسة السياسية وفق قواعد سليمة وأخلاقية تعيد للأحزاب مكانتها وتبعث ثقة المواطنين فيها، ومثل هذه الانحرافات ليس من شأنها إلا زيادة العزوف الشعبي، الأمر الذي لن تتحمله الجزائر خلال هذا السياق غير المسبوق الذي تجتازه.

*بحكم تجارب لممارسات شائنة في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، إلى أي مدى تعتبرون أن هذه الممارسات مثل عدم تكافؤ الفرص في وسائل الإعلام، ما زالت قائمة في انتخابات 2024؟

دخلنا هذه الانتخابات عن وعي تام بكل النقائص التي تشوبها وعن علم بعدم اكتمال شروطها الموضوعية والسياسية، وأكدنا في أكثر من مرة على ذلك، ومن بين هذه التشوهات التي تلحق بالمشهد السياسي عامة هو الانحياز الإعلامي الذي ظهر بشكل مباشر وغير مباشر وعبر أكثر من وسيلة إعلامية عمومية أو خاصة، وقد راسلنا سلطة الانتخابات لوقف هذه التجاوزات، إبراءً للذمة ومحاولة منا لفرض قواعد ممارسة سياسية جديدة. شدّدنا في رؤيتنا على ضرورة استحضار الشروط الأساسية لفرض التغيير، لا سيما الانفتاح وتحرير النقاش العام والرقي به، إلى جانب شروط سياسية أخرى لتوفير المناخ المناسب لضمان تبارز الأفكار والمشاريع في ظلّ الاحترام والمهنية والحياد وتحكيم الشعب في نهاية المطاف، كل هذا مسار يتعين على كل الوطنيين بالجزائر خوضه وفرضه.

*هناك دائماً محاولة للربط بين المؤسسة العسكرية والاستحقاق الانتخابي، هل كان لديكم أي تخوف بشأن تأثير موقف الجيش في هذه الانتخابات؟

 

الجيش الوطني الشعبي مؤسسة وطنية دستورية، والمنتسبون إليها جزء لا يتجزأ من الشعب، ونحن نتطلع إلى أن يحافظ الجيش على حياده في الانتخابات، وليلعب مهامه كاملة من أجل حماية الدولة الوطنية ومرافقة الشعب في تحقيق كل تطلعاته المشروعة، ما سيعود بالإيجاب على احترام إرادة الشعب ودعم توجهه السلمي نحو الديمقراطية.

أوشيش: نضالنا اليوم يبقى نفسه في اتجاه استبدال منظومة الحكم

*لم نلحظ تركيزاً في خطابكم الانتخابي على نقد حصيلة حكم منافسكم الرئيس تبون، بينما كان يمكن استغلال ذلك في السياق الانتخابي، كيف يمكن تفسير ذلك؟

نحن في جبهة القوى الاشتراكية لدينا حكم عام على منظومة الحكم القائمة منذ عام 1962، والتي ناضلنا من أجل تغييرها، ولم نصُغ يوماً أحكاماً ضد شخص معين، ولم نفصل أي مرحلة عن أخرى. أحكامنا واضحة وضوح الشمس مفادها أن التسيير الأحادي والارتجالي، وكذلك اعتماد المقاربات الأمنية لتسيير الشؤون العامة للمواطنين، لن تؤثر إلا سلباً على البلاد بل تهدّد تماسكها ووحدتها. ونضالنا اليوم يبقى نفسه في اتجاه استبدال منظومة الحكم واستغلال كل الفضاءات المتاحة وكذلك المساحات في سبيل ذلك، انتخابية كانت أو داخل المؤسسات أو في ساحات النضال السلمي.

*هناك إجماع على أن الحملة الانتخابية كانت من دون مناكفات وبمستوى أخلاقي واحترام لافت بينكم كمرشحين، ربما بخلاف انتخابات سابقة، ما الذي يُفسّر ذلك؟

لم يكن ذلك باتفاق، لأنه لم يحصل أي اتصال بيننا خلال هذه الحملة الانتخابية، بينما كانت هناك سابقاً لقاءات مع الرئيس المرشح، عندما حضرنا اللقاء التشاوري لرئاسة الجمهورية، وفيها عرضنا مقاربتنا لحلحلة الأمور بكل صراحة، كما التقينا في مناسبات عدة مع المرشح عبد العالي حساني، في إطار المشاورات التي نعقدها دورياً مع الطبقة السياسية، بهدف إيجاد أرضية توافقية للقضايا ذات الأولوية والاهتمام المشترك. إذن ما يجمعنا مع المرشحين الآخرين هو الاحترام المتبادل، رغم اختلاف التشخيص والرؤى حول كيفية مواجهة التحديات وكسب الرهانات.

*ما هي الأولوية السياسية بالنسبة إليكم ما بعد الانتخابات الرئاسية، خصوصاً أنكم تعهدتم بتنظيم انتخابات نيابية مسبقة؟

الأولوية بالنسبة إلينا في ما يتعلق بالانتخابات بصفة عامة هي تغيير القانون الناظم لها، وكذلك تعديل قانون البلدية والولاية، وهذا ما تضمنته رؤيتنا في إطار الإصلاحات المؤسساتية والسياسية التي نريد أن ندفع بها في حال حصلنا على ثقة الجزائريات والجزائريين يوم السابع من سبتمبر/ أيلول 2024. نحن نرى أن المجالس المنتخبة الحالية المحلية والتشريعية، ولكون أن انتخابها جرى في ظروف استثنائية بعد انتفاضة شعبية وأزمة صحية عالمية، ونسب مقاطعة عالية أثّرت نسبياً على تمثيليتها الشعبية، فإنه من المستحسن الذهاب إلى انتخابات مسبقة وهو ما تعهدنا به في رؤيتنا، إذ نلتزم بإجراء انتخابات عامة في السداسي الأول (الأشهر الستة الأولى) لعام 2025 في حال وصولنا إلى سدة الحكم.

*التزمتم بإطلاق سراح معتقلي الرأي، من حيث أن الحرّيات تشكل محوراً أساسياً في خطابكم الانتخابي، لكن ذلك لم يمنع نشطاء من توجيه اللائمة لكم بهذا الشأن، كيف تعلقون على ذلك؟

أولاً لم نتوقف يوماً عن الدفاع عن ملف الحريات وملف معتقلي الرأي. ثانياً خلال هذه الحملة الرئاسية، أظن أنه لا يوجد حدّ أقصى في مجال الحريات من المطالبة بإطلاق سراح معتقلي الرأي السياسي، وإلغاء كل القوانين المقيدة للحريات لا سيما المادة 87، وهذا ما كرّرته في أكثر من نشاط وتجمع، وسنستمر في المطالبة بذلك. نعتقد أننا المرشح الوحيد خلال هذه الانتخابات الذي التزم في مشروعه بإطلاق سراح كل المعتقلين بسبب آرائهم، كإجراء أول في حال انتخابه، بالإضافة إلى إعادة الاعتبار للحريات السياسية، الجمعوية والنقابية، وتوفير مناخ من التهدئة لتشجيع الانخراط الشعبي حول مشروعنا، وكذلك لإعادة الثقة والأمل في نفوس المواطنات والمواطنين.

المساهمون