"ولاية سيناء" يحافظ على تماسكه بموازاة تراجع "داعش"

19 يوليو 2016
اعتمد "ولاية سيناء" على عمليات خاطفة ضد الجيش(فرانس برس)
+ الخط -
يُعتبر تنظيم "ولاية سيناء" المسلح، الذي أعلن مبايعته تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أكثر فروعه تماسكاً ونشاطاً، مقارنةً بالتراجع الذي شهده "داعش" في الدول التي يوجد فيها، تحديداً في العراق وسورية وليبيا.
وتقول مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، إن أحد أهم أسباب تماسك "ولاية سيناء" في مواجهة ضربات الجيش المصري، هو عدم وجود مقار أو تمركزات ثابتة وواضحة يمكن رصدها وتوجيه ضربات إليها، تساعد في حسم المعركة على الأرض لمصلحة الجيش، بعكس باقي فروع "داعش"، ومنها في ليبيا على سبيل المثال، حيث بدأ التنظيم خلال العامين الماضيين في اختيار مقار معروفة، فضلاً عن الترتيب لتحويل سرت إلى مركز ثقل في شمال أفريقيا.
وتوضح أن تنظيم "أنصار بيت المقدس"، منذ بداية عمله حتى قبل مبايعة "داعش" وتحويل اسمه إلى "ولاية سيناء"، كان يعتمد على العمليات الخاطفة في توقيت وظروف مناسبة يختارها هو لتحقيق أكبر قدر من الخسائر البشرية والمادية للجيش وأجهزة الأمن. وما يرتبط بالعمليات الخاطفة، هو إجادة التنظيم للتخفّي والاختباء إذا استدعى الأمر ذلك، اعتماداً على عناصره من أصول سيناوية، وهم على دراية كاملة بالطرق في الصحراء، ما دفع الجيش المصري إلى الاعتماد على أفراد من البدو كدليل لتحركاته خلال العمليات المسلحة، بحسب المصادر.
وتشير المصادر إلى أن عناصر التنظيم المسلح لم تعد تنفذ عمليات موسعة تظهر فيها أعداد كبيرة منها، خوفاً من استهدافها عن طريق الطائرات، وبالتالي فإن الخسائر في صفوفها تكون أقل ولا تصل لمستويات قيادية. وتؤكد أن عامل السرية الذي يفرضه التنظيم بحكم صعوبة العمل بسيناء، ومواجهة الجيش المصري، أثّر لناحية عدم معرفة قادة التنظيم أو هيكله، أو المسؤولين العسكريين، حتى إن من يظهر منهم في الإصدارات الإعلامية، لا تُعرف هويتهم الحقيقية أو تُكشف وجوهم، مع استخدام علامات لإخفاء الوجوه، في بعض الأحيان، مثل أبو أسامة المصري، هو أحد القيادات الشرعية، بحسب ما صدر عنه من خطب وأحاديث.


كما أن وجود خطة ممنهجة لدى "ولاية سيناء" في استهداف والتخلص من المتعاونين مع الجيش والأجهزة الأمنية المصرية، قلل من حظوظ معرفة تحركات عناصره مما يصعب عملية الاستهداف، بحسب المصادر ذاتها. وتشير إلى أن الانتهاكات وعمليات القتل العشوائي والاعتقالات والقصف بالطائرات الحربية والمدفعية، وما أسفر عنها من سقوط قتلى وجرحى مدنيين بينهم أطفال ونساء، كلها كان لها أثر بالغ في عدم التعاون مع الجيش المصري في رصد تحركات عناصر التنظيم.
وتعتبر المصادر أن "الانتهاكات الكبيرة من الجيش والأجهزة الأمنية، منحت التنظيم المسلح حاضنة شعبية نسبية باعتباره المخلص من هذا الظلم الواقع عليهم"، مضيفة أن "استراتيجية الجيش في التعامل مع ملف سيناء سيئة للغاية ولم تتمكن من وقف عمليات التنظيم التي زادت خلال الشهرين الماضيين عن شهور سابقة بما يزيد عن 30 عملية ضد قوات الجيش والشرطة في الشهر الواحد، على الرغم من التنسيق المصري الإسرائيلي وتوجيه طائرات من دون طيار ضربات في سيناء".
وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول الخبير العسكري اللواء يسري قنديل، إن عمليات الجيش في سيناء تُحدث تقدّماً بصورة مستمرة، وإن كانت هناك بعض الأخطاء في الاستراتيجية يتم تداركها بين الحين والآخر. ويضيف قنديل لـ"العربي الجديد"، أن الأزمة تكمن في احتماء العناصر المسلحة بالمدنيين ما يصعّب من عملية استهدافهم بالطائرات الحربية ويعوّق العمليات العسكرية، وهو ما يجعل حسم المعركة يحتاج لوقت ليس بقصير.
وحول قدرة التنظيم على تنفيذ عمليات في سيناء على الرغم من الحديث عن سيطرة الجيش، يؤكد قنديل أن وضع التنظيم في سيناء ليس كوضع "داعش" في سورية والعراق، فهو لا يسيطر على أراضٍ أو مناطق وليس لديه مقار، وبالتالي هو يعتمد على حروب العصابات، الضرب والاختباء. ويشير إلى أن خطر "داعش" في سيناء لم يصل إلى درجة خطره في ليبيا على سبيل المثال، وهناك تقدم في دحر مسلحي التنظيم في ليبيا، وسيتم القضاء عليه تماماً خلال الفترة القليلة المقبلة، ليشكّل ضربة قوية جديدة له بعد التراجعات والخسائر على جبهتي سورية والعراق.