وفد أوروبي في تونس يتقصى مستقبل المسار الديمقراطي ويلتقي الغنوشي

12 ابريل 2022
الرئيس التونسي قيس سعيّد حل البرلمان (ياسين جيدي/الأناضول)
+ الخط -

التقى الوفد البرلماني الأوروبي، الذي يزور تونس هذه الأيام، الرئيس قيس سعيّد، ورئيسة الحكومة، نجلاء بودن، قبل لقاء رئيس البرلمان (المحلول بقرار من سعيّد)، راشد الغنوشي، في إطار زيارة اطلاع وتقصي مستقبل المسار الديمقراطي والمشاورات الدائرة لتجاوز الأزمة.

وأفاد مصدر، لـ"العربي الجديد"، بأن الوفد البرلماني الأوروبي عقد، اليوم الثلاثاء، جلسة مع رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي، ونائبيه سميرة الشواشي وطارق الفتيتي.

وبحسب المصدر عينه، الذي تحفّظ عن ذكر هويته، فإن اللقاء تطرق إلى الوضع السياسي العام في البلاد ووضع البرلمانيين التونسيين وخراطات الطريق المقترحة لتجاوز الوضع الراهن.

وفي وقت سابق، التقى سعيّد الوفد البرلماني الأوروبي، قائلاً إن "الحوار الوطني قد انطلق فعلاً، وسيكون على قاعدة نتائج الاستشارة الإلكترونية، وذلك من أجل الإعداد لتنظيم الاستفتاء وإجراء انتخابات تشريعية حرة ونزيهة تحت إشراف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات".

واستعرض سعيد، نقلاً عن بلاغ الرئاسة التونسية، "الأسباب التي دفعت إلى اتخاذ جملة من التدابير والإجراءات منذ يوم 25 يوليو/تموز 2021"، مشدّداً، في السياق، على حرصه "التام على إنهاء هذه الفترة الاستثنائية عبر تنفيذ الخطوات التي تمّ إعلانها".

من جهتها، قدمت رئيسة الحكومة نجلاء بودن، خلال لقائها الوفد البرلماني الأوروبي "الاستحقاقات السياسية القادمة من أجل استكمال مسار البناء الديمقراطي في تونس عبر الاستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات تشريعية". وأكدت "المسار التشاركي الذي اعتمد منذ إعلان خريطة الطريق الذي انطلق بالاستشارة الوطنية واللقاءات مع المنظمات الوطنية ليشمل لاحقاً كل ممثلي المجتمع المدني".

بدوره، عبّر الوفد الأوروبي عن "وقوفه ومساندته لتونس في مسارها الإصلاحي من أجل تدعيم الديمقراطية"، مشدداً في الوقت ذاته على "ضرورة احترام مبادئ التشاركية والتعددية والتمثيلية في بقية مراحل خريطة الطريق".

وأكد "أهمية إنجاح التجربة التونسية واستعداده لوضع خبرته وتجربته لمساعدة تونس على إتمام استحقاقاتها السياسية في أفضل الظروف".

ويضم الوفد الذي يزور تونس كلاً من مايكل جالر (رئيس) وخافيير نارت (عن كتلة تجديد أوروبا) وجاكوب دالوند (كتلة الخضر/التحالف الأوروبي الحر) وأندريا كوزولينو (التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين)، بحسب بلاغ نشرته بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس.

وجاء في البلاغ أنّ "أعضاءً في لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي برئاسة جالر، يزورون تونس للقيام بمشاورات حول مسار تونس نحو الإصلاحات السياسية والعودة إلى الاستقرار المؤسساتي".

وبحسب البلاغ، فإن "الزيارة ستمتدّ من 11 إلى 13 إبريل/نيسان 2022، وسيلتقي خلالها الوفد البرلماني رئيس الجمهوريّة، قيس سعيّد، وممثلين عن الحكومة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني لمناقشة كيفية مواصلة الاتحاد الأوروبي دعم تونس في عملية الإصلاحات السياسية وتعزيز الديمقراطية".
وأشار البلاغ إلى "سعي أعضاء البرلمان الأوروبي لإعادة تأكيد الحاجة إلى حوار سياسي شامل واحترام سيادة القانون والحريات المدنية وحقوق الإنسان"، فضلاً عن الحاجة إلى "وجود نظام سياسي يقوم على المبادئ الديمقراطية، ولا سيّما مبدأ الفصل بين السّلط، الذي يتمّ ضمانه من خلال الضّوابط والموازين المؤسّسية".

وحسب البعثة، سيكون للوفد "الفرصة للتحاور مع الجهات ذات الصلة حول إمكانية وكيفية دعم البرلمان الأوروبي لتونس في عمليّة الإعداد للانتخابات المتوقعة نهاية سنة 2022".

وجاء في البلاغ أيضاً أن "الوفد سيولي اهتماماً خاصاً للوضع الاقتصادي في تونس والطريقة المثلى التي يمكن بها الاتحاد الأوروبي أن يدعم السلطات التونسية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية لفائدة جميع التونسيين، في ظلّ أزمة الأمن الاقتصادي والغذائي وجائحة الوباء العالمية وانعكاسات الحرب بأوكرانيا".

وقبل أسابيع، أعلن سعيّد أنه "سيتم تنظيم استفتاء شعبي يوم 25 يوليو/ تموز المقبل، بإشراك الجميع لإبداء رأيهم في طبيعة النظام السياسي، ثم لتبدأ لاحقاً لجنة بصياغة نتائج الاستفتاء في نص قانوني، وسيقول الشعب كلمته عند تنظيم الانتخابات يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل".

وتأتي زيارة الوفد الأوروبي بعد إعلان سعيّد في 30 مارس/ آذار الماضي، حل البرلمان التونسي (المجمدة اختصاصاته).

وقبل ساعات من إعلان الحل، صوّت البرلمان في جلسة افتراضية لمصلحة إلغاء إجراءات استثنائية بدأ سعيد فرضها في 25 يوليو 2021، وهو ما اعتبره الأخير "محاولة انقلابية فاشلة".

وترفض عدة قوى سياسية واجتماعية في تونس تلك الإجراءات الاستثنائية وتعتبرها "انقلاباً على الدستور".

وفي السياق، قال القيادي البارز في تنفيذية "مواطنون ضد الانقلاب"، الحبيب بوعجيلة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الوفد الأوروبي يريد أن يطلع على مختلف وجهات النظر في البلاد، وبالضرورة استوجب لقاء رئيس البرلمان ونائبيه، لأن البلاد تشهد تنازعاً حقيقياً حول الشرعيات بين البرلمان الذي تم حله من طرف الانقلاب الذي يتمسك بشرعيته، وهناك شارع معارض للانقلاب يطالب بعودة الشرعية وعنوانها عودة البرلمان".

ورأى أنّ "من الطبيعي أن يلتقي هذا الوفد رئيس البرلمان ونائبيه"، معتبراً أن "عدم لقائه الغنوشي كان ليطرح علامات استفهام. وبالتالي إن الوفد الأوروبي أراد أن يكون على المسافة ذاتها من جميع الأطراف".

وكشف بوعجيلة أن "ضغوطات رهيبة مورست على الوفد البرلماني الأوروبي حتى لا يلتقي رئاسة البرلمان. ولكن يبدو أن الوفد تحمل مسؤوليته في إطار جولته، وأصرّ على لقائهم".

وأشار إلى أن "هذا اللقاء اعتراف بأن البرلمان ورئيس البرلمان ونوابه طرف في الصراع السياسي وطرف يجب الاستماع لحل الأزمة السياسية".

ورجح بأن "لا يتجاوز التقرير الذي سيصدر عن زيارة الوفد سقف ما عبر عنه البرلمان الأوروبي والاتحاد الأوروبي"، مشدداً على أن "الأوروبيين معنيون بالاستقرار في تونس".

وأوضح أن "بحثهم عن الاستقرار في تونس هو الأساس وليس عن الديمقراطية وفرض تصور سياسي على بلدان جنوب المتوسط وهم يتعاملون مع الطرف القوي، وإذا لاحظوا حالة أزمة أو ضعف في الحكم الذي يهدد الاستقرار سيتدخلون".

واستدرك قائلاً: "لا ننتظر شيئاً من الاتحاد الأوروبي في علاقته بتونس، بل هو مجرد متابعة ومرافقة حتى لا تصل إلى حدود الانفجار".

واعتبر مقرر لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الدولية في البرلمان التونسي (المنحل) والقيادي بائتلاف الكرامة، زياد الهاشمي، في تصريح لـ"العربي الجديد،" أن هذه "الزيارة متأخرة جداً لأنها كانت مبرمجة منذ شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي".

وقال: "أرجأت الزيارة بداية لشهر فبراير/شباط، ثم وقع تنفيذها هذه الأيام"، مشيراً إلى أنه "كان لي لقاءات مع مجموعة من النواب الذين شاركوا في الزيارة قبل قدومهم لتونس، وتم إطلاعنا على برنامج اللقاء مع قيس سعيّد وعلمنا أن من أهم العقبات في هذه الزيارة برنامج عمل النواب الأوروبيين الذي لم ترضَ عنه مؤسسة رئاسة الجمهورية لأنها تشمل لقاءات مع معارضين للانقلاب، وهذا ما رفضه سعيد، وما جعل الوفد أيضاً يرفض تدخلات سلطة الانقلاب في جدول أعماله".

غير أن الهاشمي أكد "أنها زيارة مهمة جداً للمعارضة ولسلطة الانقلاب، فبالنسبة إلى المعارضة تأتي تتويجاً لسلسلة من التحركات منذ إعلان الانقلاب في 25 يوليو، خصوصاً على المستوى الأوروبي الذي لم يكن راضياً عن تجاوزات قيس سعيّد لناحية عدم التزامه ما وعد به".

وأضاف: "هذا ما أكده سعيّد بعد عودته من بروكسل، حيث أشار صراحة إلى عدم مقبولية الانقلاب الدستوري وانعكاس هذا خصوصاً على التعاون المالي بين الجانبين".

واعتبر الهاشمي "أن قول سعيّد إن الحوار قد انطلق فعلياً كما أشار للوفد الأوروبي، ما هو إلا مدعاة لسخرية، لأن الاتحاد الأوروبي انتقد انفراد سلطة الانقلاب بالقرار وعدم مشاركة أي طرف في الإصلاحات السياسية التي هي من بنات أفكار المشروع الشخصي لقيس سعيّد".
 

المساهمون