وساطة عُمانية لإنعاش المفاوضات اليمنية ومنع التصعيد

23 ديسمبر 2022
صنعاء بعد انتهاء الهدنة في 2 أكتوبر (محمد حمود/Getty)
+ الخط -

بعد تهديدات جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) بتصعيد عسكري جديد، بدأ وفد عماني زيارة، الأول من أمس الأربعاء، إلى العاصمة صنعاء، للقاء قيادات الحوثي، ضمن جهود دبلوماسية متجددة لتحريك المحادثات بشأن الأزمة اليمنية وتمديد الهدنة المنتهية.

وفي حين تبقى المحادثات سرية من دون تسريبات عن فحواها، تتفاوت التقديرات لما يمكن أن تنتهي إليه، وإمكان انزلاق الأوضاع إلى مواجهة عسكرية في حال فشل هذه الوساطة.

وأعلن عضو وفد الحوثيين التفاوضي، حميد عاصم، أن "زيارة الوفد العماني تأتي ضمن سلسلة زيارات في إطار استكمال النقاشات حول المشاورات الماضية، وأوضحنا للجميع أننا لن نقبل باستمرار مرحلة اللاسلم واللاحرب".

وأضاف مهدداً: "لا يمكن بقاء الوضع على ما هو عليه، فإما أن تصرف الرواتب، أو العودة لحالة الحرب، وأي هدنة من دون تلبية مطالب شعبنا ستكون فقط في مصلحة العدوان (التحالف الذي تقوده السعودية)"، وفق ما نقلت قناة "المسيرة" المتحدثة باسم الحوثيين.

وفد عماني إلى صنعاء

من جهته، قال رئيس وفد الحوثيين التفاوضي محمد عبد السلام إن "زيارة الوفد العماني إلى صنعاء تأتي استكمالاً لما يجرى من نقاشات حول السبل الكفيلة بإنهاء الحرب". وأضاف في تغريدة عبر "تويتر" أن "رفع الحصار وتلبية مطالب الشعب اليمني كحقوق طبيعية وإنسانية لا يتم السلام من دونها".

وكان عبد السلام قد ألمح في تصريح الأربعاء، عقب وصوله مع الوفد العماني إلى صنعاء، عن إجراء لقاءات مع السعودية وأطراف دولية أخرى في مسقط، خلال الفترة الماضية منذ انتهاء الهدنة في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقال إن زيارة الوفد العماني تأتي في إطار نقل الأفكار والمقترحات التي حملتها المباحثات مع الجانب السعودي والأطراف الدولية إلى القيادة في صنعاء في ما يتصل بحلحلة الوضع، في إشارة إلى حالة الجمود في ملف الأزمة اليمنية.


حميد عاصم: إما صرف الرواتب أو الحرب

وللمرة الثانية يكشف الحوثيون بشكل رسمي عن لقاءات ومحادثات جانبية من السعودية، بعد يومين من إعلان ما يسمى بالمجلس السياسي للحوثيين وجود اتصالات مع التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن من أجل وقف الحرب، فيما لا تزال بنود تلك المفاوضات غير معلنة.

وكان الحوثيون قد هددوا الإثنين الماضي بالتصعيد العسكري، وقالوا إنهم سيتخذون الإجراءات اللازمة لمنع مخطط التحالف الذي تقوضه السعودية، لإيقاعهم في "فخ" استمرار حالة "اللا سلم واللا حرب"، بحسب ما نقلت وكالة الحوثيين الرسمية بصنعاء.

وتأتي التحركات الدبلوماسية ضمن جهود دولية وأممية سابقة خلال الشهرين الماضيين لتمديد الهدنة المنتهية في 2 أكتوبر الماضي، بعد إعلان فشل تمديدها بعد أن استمرت ستة أشهر، ووضع الحوثيين عدداً من الشروط لتمديدها، والتي يراها الوسطاء معقّدة.

ومنذ انتهاء الهدنة، يشترط الحوثيون مطالب عدة من أجل تمديدها، وأبرزها دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم، على الرغم من ذلك، أعلنت الحكومة اليمنية الموافقة على تلك المطالب بناء على المقترح الأممي المقدم لتمديد الهدنة، لكن تعثرت في التفاصيل وتنفيذ الاتفاق.

وكشف عبد السلام عن تلقيهم وعوداً بتنفيذ متطلباتهم بصرف الرواتب وتنفيذ مطالبهم، وقال: "أبلغونا أنه لا توجد مشكلة في ذلك بحسب قولهم، لكن متى نبدأ وكيف نبدأ، ونحن قدمنا مقترحات في هذا الإطار وهو ما نحن بصدد نقاشه مع القيادة"، في إشارة إلى زيارتهم الحالية إلى صنعاء.

وقال: "كنا مرنين في الدخول إلى هدنة مستدامة أو طويلة يتم فيها صرف الرواتب، والدخول في نقاشات أوسع تؤدي إلى وقف الحرب، ومن ثم التهيئة للحوار السياسي بين اليمنيين وصولا إلى حل سياسي دائم".

وتأتي زيارة الوفد العماني إلى صنعاء ضمن جهود الوساطة التي تقوم بها مسقط بين الحوثيين والسعودية والرعاية المباشرة لها خلال الأشهر الماضية، والتي ما زالت سرية كعادتها خلال السنوات الماضية من الحرب، في الوقت الذي لا تتحدث السلطات العمانية عن دورها.

وفي منتصف أكتوبر الماضي، أُعلن عن تبادل الوفود بين السعودية وجماعة الحوثيين، وزار وفد سعودي صنعاء، في المقابل زار وفد الحوثيين مدينة أبها السعودية، لأربعة أيام، ضمن مخرجات المفاوضات التي يجريها الجانبان في مسقط.


عدنان هاشم: الوفد العماني يزور صنعاء لإبقاء المحادثات مستمرة

ورأى الباحث اليمني عدنان هاشم أنه "عندما يأتي الوفد العماني إلى صنعاء، فمعنى ذلك وصول المفاوضات الثنائية بين السعوديين والحوثيين إلى طريق مسدود، وبهذه الزيارة يتم إبقاء تلك المحادثات مستمرة".

وأضاف في حديث مع "العربي الجديد": "هناك مخاوف من تهديدات الحوثيين بالتصعيد العسكري وإفشال جهود الوساطة العمانية وإغلاق نافذة التواصل، فيما تسعى مسقط لتسريع تلك المفاوضات الثنائية والإعلان عنها بشكل رسمي".

وتابع هاشم: "أعتقد أن ملف صرف الرواتب قد يشهد التزاماً سعودياً، مقابل منع تصعيد الحوثيين على الحدود، وإذا لم نشهد أي مسار لتحريك الملف المجمد من قبل الطرفين، فربما تنتهي حالة التهدئة وتسير الأزمة نحو تصعيد عسكري".

وساطة لإنعاش المفاوضات

من جهته، رأى رئيس مركز أبعاد اليمني للدراسات، عبد السلام محمد، أن "الوساطة العمانية جاءت بعد تصعيد حوثي على الحدود من خلال القنص والهجمات المباغتة، مع نيّة لدى الجماعة في الهجوم على صافر في مأرب وموانئ تصدير النفط في شبوة وحضرموت، وربما يستهدفون ميناء المخا في حال فشل العمانيون في مهمتهم الأخيرة".

وأضاف في تغريدات عبر "تويتر" أن "من بين القضايا المطروحة من قبل الوسيط العماني إنشاء منطقة عازلة على الحدود، ولكن الحوثيين يشترطون، قبل مناقشة هذا الأمر، إعلان التحالف انتهاء الحرب وانسحاب أي قوات أجنبية من اليمن ودفع التحالف تعويضات لإعادة الإعمار".

وتابع: "في حال فشلت عُمان في منع عودة الحرب في اليمن، فستتجه الإمارات والسعودية للتفاوض المباشر مع إيران التي هي الأخرى تبحث عن أي تقارب مع السعودية في هذا الظرف، وعبّرت عن ذلك تصريحات الخارجية الايرانية، فطهران تعيش وضعاً أمنياً واقتصادياً سيئاً مع تصاعد التظاهرات" الإيرانية احتجاجاً على مقتل الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر/أيلول الماضي.

ومنذ انتهاء الهدنة، ما زالت الجهود الدبلوماسية الأميركية والأممية متعثرة في إقناع الأطراف اليمنية بتمديد جديد طويل الأمد للهدنة، لكن تلك الجهود ما زالت مرهونة بالمفاوضات الثنائية التي تجرى في مسقط، في ظل مخاوف من التصعيد العسكري من جديد.

وقال وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك إن "الحكومة الشرعية قدمت تنازلات خلال كل جولات التفاوض السابقة، وصولاً إلى الهدنة الأممية، على الرغم من العراقيل التي اختلقتها المليشيات الحوثية، ورفضها تنفيذ أبسط شروط الهدنة المتمثل في فتح الطرقات ورفع حصارها لمدينة تعز".

وأضاف في مؤتمر صحافي مع نظيرة التركي في أنقرة أمس الخميس: "إن رفض الحوثيين كل دعوات التهدئة وجهود السلام إهانة للمجتمع الدولي، تتطلب التوقف عن سياسة الاسترضاء التي ثبت فشلها، وانتهاج مقاربة مختلفة لمنع عبثها بأمن المنطقة والاستقرار العالمي"، وفق ما نقلت وكالة "سبأ" الحكومية الرسمية.