وزير خارجية فرنسا إلى بيروت: تكثيف الجهود لمواجهة سيناريو الحرب الشاملة

26 ابريل 2024
جولة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه الثانية إلى بيروت (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الجهود الأوروبية والأميركية تتكاتف لإعادة الاستقرار إلى الحدود اللبنانية، مع التركيز على الحل الدبلوماسي لوقف النزاع بين حزب الله وإسرائيل، في ظل تصاعد التوترات والتهديدات الإسرائيلية بشن هجوم على لبنان.
- زيارة وزير الخارجية الفرنسي ولقاءات الرئيس ماكرون بالمسؤولين اللبنانيين تهدف لتأكيد الدعم الفرنسي للبنان والجيش اللبناني، وتأتي ضمن مساعي نزع فتيل الحرب وتعزيز استقرار لبنان.
- لبنان يؤكد على التزامه بالقرارات الدولية ورفض الحرب، مع التأكيد على ضرورة إيجاد حل ينهي الأعمال القتالية ويضمن الاستقرار، رغم التحديات والتهديدات الإسرائيلية المستمرة وتحفظات حزب الله على بعض بنود المبادرة الفرنسية.

تتواصل الجهود الأوروبية الأميركية لإعادة الاستقرار إلى الحدود اللبنانية وتعبيد طريق الحلّ الدبلوماسي لوقف إطلاق النار بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي وإبعاد شبح الحرب الواسعة الذي يخيّم بقوّة في الأيام الماضية، في ظلّ تصاعد وتيرة العمليات العسكرية المتبادلة وارتفاع منسوب التهديدات الإسرائيلية بشنّ هجوم شامل على لبنان.

في هذا الإطار، تأتي جولة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، الثانية إلى بيروت، في إطار محاولة معالجة الوضع في الجنوب اللبناني، وبحث الاقتراحات الفرنسية للتهدئة وإنهاء الأعمال القتالية بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي بأسرعِ وقتٍ ممكنٍ، مع تنامي المخاوف الدولية من انزلاق الأمور إلى حرب مفتوحة.

والجمعة الماضي، التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه في باريس رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي وقائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون، في إطار الجهود المبذولة لنزع فتيل الحرب، ودعم المؤسسة العسكرية. وجدّد ماكرون تأكيد دعم فرنسا للجيش اللبناني في المجالات كافة، والتشديد على أهمية الاستقرار في لبنان وضرورة إبعاده عن تداعيات الحرب في غزة.

وأعاد ماكرون كذلك تأكيد المبادرة الفرنسية بشأن الحلّ في الجنوب، والتي كانت قد قدّمتها فرنسا في شهر فبراير/ شباط الفائت، مع بعض التعديلات التي تأخذ بعين الاعتبار الواقع الراهن والمستجدات.

واستقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، أمس الخميس، سفير فرنسا لدى لبنان هيرفيه ماغرو، وبحث في التحضيرات لزيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى بيروت، والمحادثات التي سيجريها في السرايا الحكومية عصر الأحد.

وقال المكتب الإعلامي لميقاتي إنّ "البحث جرى في الاقتراحات الفرنسية لمعالجة الوضع في جنوب لبنان والملف الرئاسي".

وأشار مصدرٌ مقرّبٌ من ميقاتي لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "زيارة وزير الخارجية الفرنسي مهمّة لمناقشة الجهود الدولية التي تُبذل في إطار وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وعلى الجنوب اللبناني، ومتابعة المحادثات التي تجرى بهذا الشأن، كما سيصار إلى بحث موسّع بالمبادرة الفرنسية للتهدئة".

ولفت المصدر إلى أنّ "ميقاتي لمس من زيارته الأخيرة إلى باريس حرص فرنسا على استقرار لبنان ودعمها لمؤسساته، يتقدّمها الجيش اللبناني، وبذلها كل الجهود الممكنة لإيجاد حلّ ينهي الحرب"، مشدداً على أنّ "لبنان يؤكد باستمرار أنه لا يريد الحرب، وهو يلتزم القرارات الدولية، ومنها القرار 1701، بيد أن الإسرائيلي هو الذي يواصل انتهاكاته، وتجاوزاته، وخرقه لجميع القرارات والمواثيق الدولية".

ولفت أيضاً المصدر إلى أنّ "لبنان يواصل اتصالاته مع الخارج ومباحثاته في إطار وقف العدوان، ويتلقى في السياق تحذيرات من خطورة الوضع وضرورة العمل على إبعاد الحرب، ولكنه على وقع التهديدات الإسرائيلية المستمرة بشنّ عدوان على لبنان، لم يتلقَّ ضمانات جدية بمنع حدوث ذلك".

في جهته، قال مصدرٌ دبلوماسي في السفارة الفرنسية في بيروت لـ"العربي الجديد" إنّ "زيارة سيجورنيه تأتي في إطار جولة يقوم بها على المنطقة، تشمل لبنان، وتندرج في سياق الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار سواء في غزة أو لبنان"، لافتاً إلى أنّ "هناك مخاوف دولية جديّة من التصعيد الحاصل بين حزب الله وإسرائيل، وانفلات الأوضاع نحو حرب واسعة، وهو ما تخشاه فرنسا، وتحاول العمل مع شركائها لتفاديه".

ولفت المصدر إلى أنّ "وزير الخارجية الفرنسي سيبحث مع المسؤولين اللبنانيين، خصوصاً رئيس البرلمان نبيه بري، الاقتراحات الفرنسية والتعديلات التي طرأت عليها، ونأمل أن تلقى رداً إيجابياً في ظلّ خطورة الوضع"، مشيراً إلى أنّ "الملف الرئاسي سيكون بدوره على طاولة المباحثات، لأهميته في هذه المرحلة الدقيقة التي تشهدها البلاد وتحتّم وجود رئيس لها".

وعلى صعيد حزب الله، قال مصدرٌ نيابي يمثله، لـ"العربي الجديد"، "كلّ الحراك، سواء الفرنسي أو الأميركي في حال عودة عاموس هوكشتاين، أو الغربي والدولي بأكمله لا يعنينا، ولا تؤثر فينا التحذيرات، فلتُصبّ الجهود لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وقبل ذلك لا بحث بأيّ موضوع"، مكرراً التأكيد أن "جبهة لبنان ستبقى مساندة لجبهة غزة".

وقدّمت فرنسا اقتراحاً مكتوباً للبنان لإنهاء الأعمال القتالية على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة بين حزب الله وجيش الاحتلال، تضمّن بنوداً عدّة، جرى تسريبها اعلامياً، أبرزها دعوة وحدة النخبة التابعة لحزب الله إلى الانسحاب مسافة تبعد عشرة كيلومترات عن الحدود، وهدم الجماعات المسلحة في لبنان جميع المباني والمنشآت القريبة من الحدود، إلى جانب نشر ما يصل إلى 15 ألف جندي من الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية، في الجنوب اللبناني.

وأبدى لبنان بعض التحفّظات على المبادرة الفرنسية، لم يعلن عنها رسمياً، لكن الخارجية اللبنانية اعتبرتها "خطوة مهمة للوصول إلى سلام وآمن في جنوب لبنان"، مجددة "تأكيد الموقف اللبناني الذي لا يرغب في الحرب ويطالب بالتطبيق الكامل والشامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701".

من جهته، قال عضو كتلة حركة أمل البرلمانية "التنمية والتحرير" (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، ومنخرطة في الحرب جنوباً وسقط لها عدد من الشهداء)، النائب قاسم هاشم، لـ"العربي الجديد"، "لا معلومات لدينا حول جولة سيجورنيه، فالزيارة قد تكون استطلاعية، خصوصاً أنها ليست مخصصة للبنان فقط بل تشمل المنطقة".

ولفت هاشم إلى أنّ "لبنان أجاب على الاقتراحات الفرنسية، فهو أكد التزام لبنان بالقرارات الدولية، في مقدّمها القرار 1701، ويريد أن يحصل في المقابل على ضمانات بالتزام العدو بها، وتنفيذ ما يتوجب عليه، فهو يمعن في تجاوزها".

وحول التحفظات اللبنانية، قال هاشم إن "لبنان يبحث عن مصلحته، ومن الطبيعي أن يتحفّظ على البنود التي لا تخدم مصلحته، وأهمها ما قيل حول انسحاب مكوّن هو لبنانيّ من القرى والبلدات الجنوبية، إلى ما بعد شمال الليطاني، فهذا غير مبرّر، هذه مجموعات شابة، من أبناء القرى والبلدات، لا يمكن سلخهم عنها، وبالتالي، هذا خارج الإطار الوطني العام ولا يمكن القبول به".

كذلك، أضاف هاشم "لا يمكن التداول أو البحث بموضوع السلاح إلا بعد أن يلتزم العدو بتنفيذ ما هو متوجّب عليه بالقرار 1701 الذي لم يحترمه يوماً ويمعن في تجاوزه".

من جهة ثانية، أكد هاشم أن لا علاقة بين ملف الرئاسة اللبنانية والوضع الأمني في الجنوب، مشدداً على أنّ "المستوى الشعبي المقاوم سبق أن أعلن موقفه لناحية الحلول، ومساندة جبهة لبنان لغزة، وحتى أصحاب المبادرات والوفود الآتية إلى لبنان، يعلمون ذلك، بضرورة وقف العدوان على غزة، من دون مماطلة أو تسويف".

المساهمون