جاء تغيير وزير الري المصري السابق محمد عبد العاطي وتعيين هاني سويلم بدلاً منه في لحظة حرجة تعيشها مصر تتعلق بأمنها المائي، ليكشف عن تغيير باستراتيجية الدولة في التعامل مع ملف المياه.
وقال مسؤول حكومي بوزارة الري المصرية إن "تعيين سويلم جاء في إطار توجه الحكومة لترشيد استهلاك المياه إلى أقل حد ممكن، لا سيما مع إحكام إثيوبيا السيطرة على النيل الأزرق الذي يمد مصر بـ85 في المائة من حصتها من مياه النيل، وإعلان إتمام الملء الثالث لسد النهضة، من دون التوصل إلى اتفاق فني قانوني شامل بشأن إدارة وتشغيل السد".
مصدر مصري: بتعيين سويلم تكون مصر اعترفت بعجزها عن الحفاظ على حقوقها بالنيل
وأوضح المصدر أن "تخصص الدكتور هاني سويلم العلمي ومجال عمله الرئيس هو تحلية المياه، والاستخدامات المحدودة للمياه، وهو ما يعد اعترافاً رسمياً مصرياً بأن لا سبيل إلى الحفاظ على حقوق مصر التاريخية من مياه النيل، في ظل التعنت الإثيوبي، وعدم موافقتها على إشراك كل من مصر والسودان في إدارة وتشغيل سد النهضة".
إدارة ملف المياه
وأضاف المصدر أن "اختيار سويلم وزيراً للري في الوقت الحالي يتسق مع توجه الحكومة إلى تقليل استخدام المياه، وتحلية مياه البحر، ومعالجة مياه الصرف الصحي، لكن كل هذه الخطط لن تعوض شيئاً يذكر من المياه العذبة التي كانت تحصل عليها مصر من نهر النيل، وبشكل مجاني".
والجدير بالذكر أن وزير الري المصري هاني سويلم كان يعمل أستاذاً لإدارة الموارد المائية والتنمية المستدامة، ومديراً تنفيذياً لوحدة "اليونسكو للتغيرات المناخية وإدارة المياه" في جامعة أخن الألمانية، ويشغل أيضاً منصب المدير الأكاديمي لقسم "هندسة المياه".
وسبق له أن ألّف 21 كتاباً من المراجع الدولية في إدارة الموارد المائية، والتنمية المستدامة، والبيئة، وتطوير نظم التعليم، وساهم في كتابة كتب ومراجع علمية في مجالات إدارة الموارد المائية، والتنمية المستدامة، ونشر أبحاثاً وأوراقاً بحثية في 4 مؤتمرات علمية، وشارك في 10 لجان دولية.
خبير مصري: سويلم يتبنى النظريات الغربية المتعلقة بالمياه وإدارتها
وأعدّ سويلم استراتيجية مصرية لإدارة المياه والطاقة لإنتاج الغذاء بالموارد المائية المحدودة، وفرص تحلية المياه وإنتاج المحاصيل والأسماك. وأسس سويلم أول مركز في شمال أفريقيا للتعليم من أجل التنمية المستدامة الذي تم إقراره من جامعة الأمم المتحدة، وأنشأ في عام 2012 أول مركز في الشرق الأوسط للتنمية المستدامة وأبحاث تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية لأغراض الزراعة الحديثة بالجامعة الأميركية في القاهرة.
ونفذ الوزير الجديد في مصر مشروعات بتمويل أوروبي بلغت قيمتها 20 مليون يورو لتطوير البحث العلمي والتعليم العالي والتعليم الأساسي في مصر، من خلال مشروعه "إديو كامب" لتطوير المدارس المصرية الحكومية.
وقاد سويلم فريقاً بحثياً لإجراء أول تجربة بحثية في مصر لاستخدام الطاقة الشمسية في تحلية المياه. وأشرف على فريق بحثي لتطوير نظام محاكاة لفيضان نهر راين الألماني لحماية المواطنين والمنشآت، في 2008.
مهمات الوزير الجديد
وبحسب خبير ري مصري، يعمل في مركز بحثي، تابع للوزارة، فإن "وزير الري المصري الجديد هاني سويلم يتبنى النظريات الغربية الخاصة بالمياه وإدارتها، والتي تقوم على أساس سياسة وضعتها الدول الكبرى التي تسعى إلى التحكم في الأنهار من قبل دول المنبع، إما برغبة داخلية، أو بمساعدة خارجية، أو باستخدام المؤسسات والجهات المانحة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهذه السياسات الجديدة تضر بالدول المنتفعة من مياه الأنهار، مثل مصر".
وحذّر الخبير في حديثٍ مع "العربي الجديد" من أن "استسلام مصر لهذه السياسة الجديدة والتي تهدف بالأساس إلى تحويل المياه إلى سلعة تباع وتشترى، بالمخالفة للأعراف والقوانين الدولية، من شأنه أن يضيع على مصر حقها التاريخي والإنساني في مياه نهر النيل، سبب الحياة في مصر".
وأشار إلى أنه "كان من الأولى برئيس الوزراء أن يختار وزيراً من مدرسة الري المصرية العريقة التي تقوم عقيدتها على تقديس نهر النيل، والحفاظ عليه، سواء باستغلاله الاستغلال الأمثل، أو بالدفاع عنه أمام أي قوى تريد حرمان مصر من مياهه".
وفي أول تعليق له على أزمة سد النهضة الإثيوبي، قال وزير الري والموارد المائية الجديد هاني سويلم "إن وزارة الري وزارة عريقة ونسميها مدرسة الري المصرية العريقة ولها أسس ونظام"، وأضاف: "نحتاج إلى تطوير أنظمة الري ورفع كفاءة المنظومة".
وتابع سويلم أن "ملف السد الإثيوبي له أبعاد مختلفة، له شق سياسي وشق قانوني وشق فني، وأنا الحقيقة أحب الالتزام بالحديث عن الشق الفني وأترك الشق السياسي للسياسيين"، مضيفاً أن "ما أطلبه هو أن آخذ وقتي في الوزارة قبل الإدلاء بتصريحات".