من المقرر أن يزور وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، غدا الثلاثاء، موسكو، لبحث المواقف الروسية الجديدة في مفاوضات فيينا، والتي تؤكد الأطراف الغربية المشاركة فيها أن هذه المواقف تسببت بتأخير التوصل إلى اتفاق في المفاوضات وتهدد بانهيارها.
غير أن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، أكد اليوم الإثنين، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أن العقبة الأساسية أمام المفاوضات هي عدم اتخاذ الولايات المتحدة "قرارات سياسية لازمة" للتوصل إلى اتفاق، متهما إياها والغرب بأنهما يركزان الأنظار على المطالب الروسية كعقبة أمام الاتفاق.
وأضاف خطيب زادة أن المطالب الروسية المتعلقة بتقديم واشنطن "ضمانات مكتوبة" لموسكو كي لا تؤثر العقوبات المفروضة عليها في علاقاتها مع طهران، "طرحت بشكل رسمي وشفاف ومعلن" خلال مفاوضات فيينا، قائلا: "يجب أن تناقش هذه المطالب في اللجنة المشتركة للاتفاق النووي".
وأكد المتحدث الإيراني أن مواقف روسيا والصين خلال مباحثات فيينا خلال الشهور الـ11 الماضية كانت "بناءة والأقرب إلى إيران وأكثرها دعما لها".
وفيما أثار الموقف الروسي انتقادات واسعة داخل إيران وسط اتهامات من بعض القوى السياسية والنخب الإيرانية لروسيا بأنها اتخذت الاتفاق المحتمل في فيينا رهين حربها على أوكرانيا، شدد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية على أن المصالح الوطنية الإيرانية هي التي توجه سياسات الحكومة خلال مفاوضات فيينا وأنها تعمل بمقتضاها.
وفي السياق، قال أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، اليوم الإثنين، في تغريدة إن "جميع أركان الدولة بعيدة عن الضجات الداخلية والخارجية وتعمل فقط لأجل الحفاظ على المصالح الوطنية والرقي بها"، مؤكدا "سنبقى في مفاوضات فيينا حتى تتحقق مطالبنا القانونية والمنطقية والتوصل إلى اتفاق قومي".
وبشأن توقف مفاوضات فيينا منذ السبت الماضي، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة في مؤتمره الصحافي، أن ذلك جاء بطلب من مفوضية السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي باعتبارها الجهة المنسقة للمفاوضات والاتفاق النووي، رابطا استئناف المفاوضات والاتفاق النهائي بـ"اتخاذ واشنطن قرارات سياسية لازمة".
وتوقع المتحدث الإيراني ألا تطول فترة توقف المفاوضات، مؤكدا "أننا لسنا في مرحلة الإعلان عن الاتفاق"، وأشار إلى أن "ثمة قضايا أساسية ومحدودة" ظلت عالقة في المفاوضات وأن طهران "تنتظر الرد الأميركي".
تحذيرات إيرانية للعراق
وعلى صعيد آخر، أشار المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إلى القصف الذي نفذه "الحرس الثوري" الإيراني، فجر الأحد في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق بعدة صواريخ، مؤكدا أن بلاده "لن تتحمل وجود معاقل للمؤامرات على حدودها".
وأضاف خطيب زادة: "ليس مقبولا أبدا أن يتحول أحد جيراننا الذي تربطنا به علاقات عميقة إلى بؤرة لتهديد الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، متهما إسرائيل باستخدام الأراضي العراقية لضرب أمن إيران.
وأكد المتحدث الإيراني أن طهران وجهت عدة مرات تحذيرات إلى الحكومة المركزية العراقية بضرورة منع استخدام أراضيها لتنفيذ "عمليات تخريبية وإرسال الإرهابيين" إلى داخل إيران، مضيفا أن إيران "لديها إشراف استخباراتي كامل على أماكن تواجد الأعداء" في العراق والمنطقة.
ودعا بغداد إلى "إنهاء هذا الأمر مرة واحدة للأبد"، وقال: "عندما نعلن عن ذلك اليوم بشكل صريح فذلك ليتلقوا الرسالة بشكل أدق" على حد تعبيره.
وكان "الحرس الثوري الإيراني" قد تبنى قصف أربيل، أمس الأحد، في بيان نشره التلفزيون الإيراني، قائلا إن القصف الصاروخي جاء ردا على "الجرائم الأخيرة للكيان الصهيوني المزور وفي ضوء إعلاننا السابق بالجرائم والأعمال الشريرة لهذا الكيان المشؤوم".
وحذر الحرس "الكيان الصهيوني المجرم من تكرار أي عمل شرير"، متوعدا بـ"رد صعب وحازم ومدمر".
وتقول وسائل إعلام إيرانية، إن القصف جاء ردا على هجوم نفذته إسرائيل خلال الشهر الماضي على موقع صاروخي تابع لـ"الحرس الثوري الإيراني" في محافظة كرمانشاه غربي إيران "انطلاقا من إقليم كردستان العراق"، وفق هذه المصادر الإيرانية.
وقد ووجِه القصف الإيراني بتنديد عراقي ودولي واسع، كما استدعت الخارجية العراقية، أمس الأحد، السفير الإيراني، إيرج مسجدي لتسليمه مذكرة احتجاج رسمية على القصف.
تعليق الحوار مع السعودية
وبشأن عقد الجولة الخامسة من الحوار بين إيران والسعودية في بغداد بعد إعلان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، السبت، أنها ستعقد بعد غد الأربعاء، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن "تاريخ عقدها ليس محسوما بعد".
وهاجم خطيب زادة، الرياض على خلفية تنفيذ أحكام الإعدام بحق 81 شخصا السبت الماضي، واصفا الخطوة بأنها "غير إنسانية"، وقال إن الإعدامات تمت "من دون مراعاة مسارات قضائية عادلة" على حد قوله.
وكانت وكالة "فارس" الإيرانية ووكالة "نور نيوز" المقربة من مجلس الأمن القومي الإيراني، قد نقلتا أمس الأحد عن مصادر إيرانية مطلعة قولها، إن إيران علقت الحوار مع السعودية بشكل مؤقت.
ولم تذكر الوكالات الإيرانية سبب تعليق إيران حوارها مع السعودية في بغداد، لكن خلال الساعات الماضية تصاعدت دعوات في إيران طالبت الحكومة الإيرانية بإلغاء هذا الحوار بعد تنفيذ السعودية إعدامات تقول وسائل الإعلام الإيرانية إن من بينها 41 شخصا من أبناء الطائفة الشيعية في السعودية، فضلا عن 7 يمنيين منتمين لجماعة "الحوثيين" الحليفة لإيران.
وكانت وزارة الخارجية العراقية، قد أعلنت أمس السبت، إنّ العراق سيستضيف جولة أخرى من المحادثات بين السعودية وإيران يوم الأربعاء. ولم تذكر الوزارة مزيداً من التفاصيل.
وستكون هذه المحادثات رابع جولة تستضيفها بغداد لمسؤولين من البلدين وفقاً لوسائل إعلام محلية. فيما لم ترد وزارة الخارجية السعودية على طلب للتعليق.
وانطلق الحوار بين إيران والسعودية في إبريل/نيسان الماضي في بغداد، بعدما تكللت جهود الحكومة العراقية بالنجاح لجمع الطرفين على طاولة واحدة. وعقدت طهران والرياض حتى الآن أربع جولات، آخرها كان أواخر سبتمبر/أيلول الماضي. وأعلن الطرفان أخيراً أنهما على استعداد لعقد الجولة الخامسة من المفاوضات في بغداد قريباً.