يُرتقب وصول وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، إلى لبنان، السبت، في ظل تزايد الضغوط الدبلوماسية الساعية إلى منع اتساع رقعة التصعيد الحدودي بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي وتجنب حرب شاملة.
وأكد نائب المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، كريستوف لوموان، أنه "يجب تجنّب اندلاع حرب إقليمية"، مشدداً على أن كولونا "ستمرر رسائل لضبط النفس" و"التحلّي بالمسؤولية" لاحتواء خطر جبهة ثانية، تزامناً مع الحرب المتواصلة في قطاع غزة المحاصر.
وتشهد المنطقة الحدودية في جنوب لبنان تصعيداً عسكرياً متفاقماً بين إسرائيل وحزب الله منذ اندلاع الحرب على غزة.
وينفّذ حزب الله بشكل رئيسي عمليات يومية ضد أهداف عسكرية إسرائيلية قرب الحدود، واضعاً ذلك في إطار دعم قطاع غزة و"تأييداً لمقاومته". وتردّ إسرائيل بقصف مناطق حدودية مستهدفة ما تصفه بتحرّكات مقاتلي حزب الله وبنى تحتية عائدة له قرب الحدود.
وأسفر التصعيد في جنوب لبنان عن استشهاد 129 شخصاً، بينهم 91 مقاتلاً في صفوف حزب الله و17 مدنياً. وأفادت سلطات الاحتلال عن مقتل عشرة أشخاص على الأقل من الجانب الإسرائيلي.
وتزايدت حدة القصف الإسرائيلي في الأيام الأخيرة، تزامناً مع تكرار التحذيرات من مسؤولين إسرائيليين لحزب الله.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال تفقده قواته المحتشدة على طول الحدود الشمالية مع لبنان الأسبوع الماضي: "أقترح على أعدائنا أن يكونوا حذرين، لأنه إذا اختار حزب الله شن حرب شاملة، فإن ذلك سيحوّل بيروت وجنوب لبنان، ليس بعيداً من هنا، إلى غزة وخانيونس".
وفي الكواليس، تعمل الدول الغربية، وأبرزها فرنسا والولايات المتحدة، على منع تدهور الوضع، بحسب مصادر دبلوماسية.
في باريس، ثمة تأكيد على أن "الخطر حقيقي للغاية" إذا "قلّل اللبنانيون من شأن تصميم إسرائيل على حماية حدودها، والصدمة التي تعرض لها الإسرائيليون بعد هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول".
لكن مصدراً دبلوماسياً فرنسياً يقول إنه يجب على القادة الإسرائيليين ألا يخطئوا بالانخراط في صراع لن يُنتج بالضرورة أمناً إقليمياً.
وأوضح لوموان أن الوزيرة الفرنسية التي تزور إسرائيل، الأحد، "ستُكرر بالتالي دعوات فرنسا إلى التحلّي بالمسؤولية وضبط النفس".
وقبل كولونا، توجّه رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية، برنار إيميه، إلى بيروت الأسبوع الماضي في السياق نفسه، بحسب ما أكد مسؤولون لبنانيون التقوا به.
نخبة حزب الله
وبحسب مصدر دبلوماسي غربي في بيروت، فإن "إسرائيل تريد من حزب الله أن يتراجع مسافة 40 كيلومتراً عن الحدود".
ويطالب الإسرائيليون خصوصاً بسحب مقاتلي "قوة الرضوان"، وهي وحدة نخبة في حزب الله، والأسلحة الثقيلة من المناطق القريبة من الحدود، بحسب المصدر الذي طلب عدم كشف هويته.
ويردّ حزب الله بأن ليس له وجود علني مرئي في المنطقة الحدودية، من حيث يشنّ مقاتلوه ومقاتلو فصائل أخرى عمليات عسكرية ضد مواقع إسرائيلية.
وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الثلاثاء "لا نناقش أي وضعية للجنوب اللبناني مع أحد مع استمرار العدوان على غزة".
وتُطالب إسرائيل "بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701"، بحسب مصادر دبلوماسية غربية.
وينصّ هذا القرار الذي جرى تبنيه لوقف الأعمال القتالية بين إسرائيل وحزب الله عقب حرب يوليو/ تموز عام 2006، على أن ينتشر الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام الأممية (يونيفيل) فقط، في جنوب لبنان.
ولوقف الأعمال القتالية الحالية، يقترح الوسطاء "تسوية النزاع الحدودي" بين البلدين اللذين يختلفان حيال ترسيم الحدود، بحسب المصدر الدبلوماسي الغربي.
ويتحدث المصدر في إطار التسوية عن انسحاب إسرائيل من القطاعين المتنازع عليهما اللذين تحتلهما، أي مزارع شبعا والجزء اللبناني من قرية الغجر.
ويُعتقد في باريس أن تنفيذ القرار 1701 هو أساس العمل. ولكن يجب تحديد المعايير التي يمكن اقتراحها على اللبنانيين والإسرائيليين وتؤدي إلى وقف التصعيد.
وقد تزور كولونا السبت قوات اليونيفيل التي تعرّضت أيضاً لنيران إسرائيلية خلال التصعيد جنوباً، على غرار الجيش اللبناني الذي قتل له جندي.
وقال لوموان الخميس: "إننا ندين أي اعتداء على أمن قوات اليونيفيل، التي تشكّل فرنسا الكتيبة الأكبر فيها" والتي تضم 700 جندي.
ومن المقرر أن تتوجه كولونا الأحد إلى إسرائيل والضفة الغربية، حيث يُخشى أيضاً من اتساع نطاق الصراع.
(فرانس برس)