أعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية، مساء اليوم الجمعة، اعتقال 11 شخصاً متورطاً في تفجيرات مدينة كرمان يوم الأربعاء الماضي، مشيرة إلى أن أحد الانتحاريين اللذين نفذا الهجومين بحزام ناسف كان من رعايا دولة طاجيكستان، فيما لم تُحدد بعد هوية الانتحاري الثاني.
وأضافت الوزارة، في بيان، أنها نفّذت أول عملية استخباراتية مساء يوم الأربعاء "من خلال التعرف إلى العناصر المتورطة في نقل الإرهابيين إلى داخل البلاد". وقالت إنها "في فجر يوم الخميس، تمكنت من اكتشاف مكان إقامة منفذي الهجومين الانتحاريين في ريف مدينة كرمان، واعتقال شخصين في المكان كانا قد وفرا المكان وقدما إسناداً".
وتابعت أنها اعتقلت أيضاً 9 أشخاص آخرين من "شبكة إسناد الخلية الإرهابية والمرتبطين معها في 6 محافظات"، متوعدة باعتقال آخر شخص كان على صلة بالهجومين في كرمان.
وذكرت أنها عثرت في مقر إقامة المنفذين الانتحاريين على معدات جاهزة للتفجير، منها حزامان ناسفان، وجهازا توجيه عن بعد، ومتفجرات، وآلاف الشظايا التي كانت تستخدم في الأحزمة الناسفة، لافتة إلى أن "وجود هذه المعدات يشي بأن الخلية ربما كانت تريد تنفيذ تفجيرات أخرى".
وجاء البيان بعد ساعات من تصريح وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي، للتلفزيون الإيراني، بأن السلطات اعتقلت بعض الضالعين في تفجيرات كرمان، وإن الأجهزة الأمنية ستكشف عن تفاصيل الحادث.
من جهته، قال نائب وزير الداخلية الإيراني للشؤون الأمنية، مجيد أحمدي، لوكالة "إرنا" الرسمية، إن الأجهزة الأمنية اعتقلت "عدة أشخاص في 5 مدن بخمس محافظات هم على صلة بهذا الحادث"، أي تفجيرات كرمان.
وأضاف مير أحمدي أن المعتقلين هم "عناصر إسناد"، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية ستعلن خلال الساعات القادمة عن تفاصيل اعتقال هؤلاء. وتابع أن السلطات قد عثرت على "بقايا جثث الإرهابيين الاثنين اللذين نفذا التفجيرات الانتحارية".
وشيّعت حشود إيرانية كبيرة، اليوم الجمعة، في مدينة كرمان جنوب شرقي إيران، قتلى تفجيرات الأربعاء الماضي بالمدينة، حيث شارك في التشييع كبار قادة البلاد السياسيين والعسكريين، في مقدمتهم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وقادة "الحرس الثوري" والجيش، وسط دعوات متصاعدة للانتقام والرد "الصعب" على التفجيرات التي استهدفت مراسم إحياء الذكرى الرابعة لاغتيال قائد "فيلق القدس" السابق، الجنرال قاسم سليماني.
وكانت التفجيرات التي استهدفت مراسم إحياء ذكرى سليماني أودت بحياة 89 شخصاً، من بينهم 56 رجلاً و23 امرأة، و15 طفلاً، وكذلك 12 شخصاً من رعايا أفغانستان، بحسب ما أعلنه التلفزيون الإيراني اليوم الجمعة.
وتأتي هذه الإحصائية بخلاف ما أوردته السلطات الصحية الإيرانية، الأربعاء الماضي، حيث كانت قد أعلنت أن عدد القتلى وصل إلى 103.
وتبنى تنظيم "داعش" الإرهابي أمس الخميس، تفجيرات كرمان، معلناً أن انتحاريين من التنظيم قد نفذاها، غير أن السلطات الإيرانية ظلت تتهم أيضاً خلال الأيام الأخيرة الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراء هذه التفجيرات الأقوى التي تضرب إيران منذ عقود تقريباً، مع ترديد أن "داعش" "صنيعة أميركية وإسرائيلية".
كذلك، طالب المشيعون بالرد على اغتيال قائد "الحرس الثوري" الإيراني في سورية، الجنرال رضي موسوي، خلال الشهر الماضي من قبل إسرائيل، فضلاً عن التنديد باغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" صالح العاروري، الثلاثاء الماضي في ضربة جوية إسرائيلية قتلت أيضاً 6 آخرين من الحركة، من بينهم قائدان في كتائب القسام.
رئيسي: القوات المسلحة ستحدد مكان الانتقام وزمانه
وفي كلمة له أمام المشيعين، تحدث الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، اليوم الجمعة، عن سيرة الجنرال سليماني، وسط إشادة كبيرة به، كما تطرق إلى تفجيرات كرمان، وكذلك مهاجمة السياسات الأميركية والإسرائيلية، وعملية طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على غزة.
ووسط هتافات وشعارات ثأر وانتقام للحشود المشاركة في مراسم التشييع، أكد الرئيس الإيراني أن "القوات المسلحة الإيرانية هي التي ستحدد الزمان والمكان للانتقام"، مضيفاً أن هذه القوات "تمسك بزمام المبادرة".
وأضاف رئيسي أن "العدو يعلم جيداً أن إيران مقتدرة وصاحبة قوة"، قائلاً إنه "لطالما رأى قوة إيران وجربها مرات"، مع الحديث عن أن سليماني قد أنتج لإيران القوة. وتابع الرئيس الإيراني أن "العدو أصبح عاجزاً وضعيفاً، وسبب عجزه هو أنه يقتل الأبرياء، وفي غزة أيضاً يقتل النساء والأطفال"، مؤكداً أن "نهاية طوفان الأقصى هي نهاية الكيان الصهيوني".
وتابع: "الكيان الصهيوني قد نال الهزيمة حتى اليوم في ساحة المعركة في فلسطين"، مشدداً على أن هذه الهزيمة تحققت على يد "قوة مقاومة لا تملك القوة الجوية والبحرية، لكنها تملك جزاء من القوة البرية والإيمان، إلا أن الكيان أصبح عاجزاً أمامها" رغم مرور ثلاثة أشهر على بدء العدوان.
وأكد الرئيس الإيراني أن العالم اليوم أصبح بقلبه مع فلسطين، ويعادي الكيان الإسرائيلي أكثر من أي وقت مضى.
قائد الحرس الثوري: سيتم الثأر للشهداء
إلى ذلك، قال قائد "الحرس الثوري" الإيراني، الجنرال حسين سلامي، في كلمة له أمام المشيعين، إنه "سيتم الثأر لدماء جميع الشهداء"، لكنه أضاف في الوقت نفسه أن "هذا الانتقام قد أخذ من العدو قبل استشهاد هؤلاء".
وتابع أن هذه التفجيرات "هي نتيجة الهزائم الصعبة التي لحقت بالاستكبار ووكلائه في المنطقة"، مضيفاً: "قد خضنا معركة مباشرة وحقيقية مع أميركا وهزمناهم، فهم قد أتوا بـ135 ألفاً من قواتهم المسلحة إلى العراق، لكنهم هُزموا".
وتابع أن الجنرال سليماني ورفاقه "قد هزموا أميركا في العراق الذي نجا من الهيمنة الأميركية، وهم أرادوا إخضاع أفغانستان لسيطرتهم لكنهم هربوا منها أيضاً، وأرادوا تدمير حزب الله في لبنان، لكنكم ترون اليوم قوة حزب الله، وأرادوا أيضاً إزاحة النظام السوري، لكنه بقي وقد فشلوا أيضاً في حظر إيران"، مضيفاً أنهم "قد غادروا" الخليج و"تقريباً من المنطقة أيضاً".
ومضى قائد الحرس الثوري الإيراني، قائلاً إنه "لا مكان آمناً لأميركا في المنطقة"، مؤكداً أن "طوفان الأقصى قد أظهر إمكانية إلحاق الهزيمة بالكيان الصهيوني".
وشدد على أن "داعش حصيلة السياسة الأميركية"، قائلاً إن التنظيم "قد اختفى من الخريطة السياسية في المنطقة، لكنهم يعملون كعملاء لأميركا والصهيونية، ونحذرهم ونقول لهم إن كنتم رجالاً فقاتلونا، ولماذا تقتلون النساء والأطفال؟". وأضاف سلامي "العدو قد تلقى ضربات صعبة ومؤلمة، والمسؤولون الصهاينة لا خيار أمامهم إلا الهروب من هذا المستنقع".
وفي سياق متصل، قال مصدران مطلعان على معلومات استخبارية، لـ"رويترز"، إن اتصالات اعترضتها واشنطن أكدت ضلوع فرع تنظيم "داعش" بأفغانستان في تفجيري إيران. وذكر أحد المصدرين "المعلومات الاستخبارية واضحة ولا جدال فيها".
وقال المصدران، اللذان طلبا عدم نشر اسميهما لحساسية الأمر، إن المعلومات الاستخبارية ضمت اتصالات جرى اعتراضها، وذلك دون تقديم مزيد من التفاصيل.