وضعت الحكومة العراقية، أمس الأربعاء، خطة نشر وحدات عسكرية على الحدود العراقية مع إيران وتركيا، مشيرة إلى التنسيق بين الجيش العراقي ووحدات البشمركة، في خطوة تأتي بالتزامن مع التصعيد الإيراني من جهة والتركي من جهة أخرى باستهداف الأحزاب المعارضة لهما في شمالي العراق.
يأتي ذلك بموازاة حراك للبرلمان العراقي الذي عقد، أول من أمس الثلاثاء، جلسة مغلقة استضاف فيها قيادات عسكرية وأمنية رفيعة، لبحث الهجمات الإيرانية والتركية المتكررة على بلدات عراقية حدودية، ضمن إقليم كردستان ونينوى، والتي تصاعدت خلال الشهرين الماضيين، مخلفة ضحايا بين المواطنين العراقيين.
وبعد يوم واحد من لقاء مغلق لرئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان البارزاني، مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بحث فيه بحسب بيان رسمي ملف الهجمات التركية والإيرانية المتواصلة داخل إقليم كردستان.
ووفق بيان للمجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي، فإنّ اجتماعاً عقد برئاسة السوداني، بحضور أعضاء المجلس ورئيس أركان البشمركة، لبحث الاعتداءات والخروقات التركية والإيرانية على الحدود العراقية، والقصف الذي طاول عدداً من المناطق في إقليم كردستان العراق.
وبحسب المتحدث باسم السوداني، اللواء يحيى رسول، فإنّ "الاجتماع وفي إطار العمل لوقف هذه الاعتداءات، أكد على استمرار الجهود الدبلوماسية، كما قرر وضع خطة لإعادة نشر قوات الحدود العراقية لمسك الخط الصفري على طول الحدود مع إيران وتركيا، وتأمين جميع متطلبات الدعم اللوجستي لقيادة قوات الحدود وتعزيز القدرات البشرية والأموال اللازمة وإسنادها بالمعدات وغيرها، بما يمكّنها من إنجاز مهامها".
وأضاف "كما تم التأكيد على المناورة بالموارد البشرية المتاحة لوزارة الداخلية لتعزيز المخافر الحدودية، والتنسيق العسكري مع حكومة الإقليم ووزارة البيشمركة، بهدف توحيد الجهد الوطني لحماية الحدود العراقية".
الإعلان عن الخطة الجديدة، يأتي كأحد مطالب طهران التي حملها زعيم "فيلق القدس"، إسماعيل قاآني، في زيارته الأخيرة لبغداد، حيث أكدت مصادر سياسية أنّ قاآني طالب بغداد بمسك الحدود الدولية مع إيران بدلاً من البشمركة، إلى جانب مطالب أخرى تتضمن تفكيك تجمعات القوى الكردية الإيرانية المعارضة لطهران وسحب سلاحها وإبعادها عن الحدود.
ولم يحدد الاجتماع العراقي فترة زمنية معينة لنشر القوات، ولا أعدادها، إلا أنّ ضابطاً في البشمركة أكد لـ"العربي الجديد"، شرط عدم ذكر اسمه، أنّ "تفاصيل الانتشار العسكري سيتم وضعها ضمن الخطة التي سيتم إعدادها في غضون الأيام القليلة المقبلة".
وكشف أنّ "الحكومة العراقية الحالية منفتحة على التعاون مع البشمركة، وهذه خطوة جيدة بصالح الأمن، لا سيما أنّ البشمركة لها خبرة كبيرة في مناطق الإقليم وتضاريسها والثغرات التي يمكن استغلالها من قبل الأطراف الأخرى"، مشيراً إلى أنّ "الخطة التي سيتم وضعها ستكون بالتنسيق التام بين قيادات الجيش والبشمركة".
دبلوماسياً، من المفترض أن يقوم السوداني بزيارة قريبة إلى طهران وأنقرة لبحث الملف مع المسؤولين فيها، وإيجاد الحلول المناسبة.
وقال النائب عن تحالف "الفتح" (جزء من الإطار التنسيقي)، معين الكاظمي، إنّ "ما يحصل داخل الأراضي العراقية من استهداف عسكري بحجة وجود أحزاب معارضة لكل من إيران وتركيا، أمر غير مقبول".
وأكد في تصريح صحافي أنّ "زيارات السوداني القادمة تشمل إيران وتركيا، من أجل معالجة هذه المشكلة، وتكون للعراق جهود حثيثة لمنع تواجد حركات توصف بأنها إرهابية على أراضيه".
وأضاف أنّ "ذلك الإجراء يجب أن يواجه من قبل إيران وتركيا باحترام سيادة العراق"، مؤكداً أنّ "تسوية هذا الملف بحاجة إلى تفاهم جدي وحقيقي، واستعداد عراقي لمنع تحرك الجماعات المناهضة لكل من إيران وتركيا على أراضيه".
وشدد على أنّ "السلاح الذي بيد العراق لمواجهة أي خرق للاتفاقات المتعلقة بحسن الجوار هو السلاح الاقتصادي والتأثير على التبادل التجاري المشترك"، مستدركاً أنّ "العراق يحتاج إلى استمرار العلاقات مع دول الجوار، وهذا ما يجعل رئيس الوزراء يذهب بنفسه إلى الحوار معها بشأن هذه الملفات".
ووصل، أمس الثلاثاء، إلى العاصمة بغداد رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني في زيارة يبحث خلالها العلاقات والملفات العالقة بين بغداد وأربيل، وآخر المستجدات، ومنها القصف الإيراني والتركي على أراضي الإقليم.
وكانت وزارة الخارجية العراقية، قد نددت بالهجمات الإيرانية والتركية المتكررة على إقليم كردستان، معتبرة أنها تخالف المواثيق والقوانين الدولية، وتمثل خرقا لسيادة البلاد.
وكثفت طهران، أخيراً، قصفها بالصواريخ والطائرات المسيرة على بعض المناطق في شمالي العراق، حيث تتمركز أحزاب وتنظيمات معارضة كردية إيرانية، فيما يعتقد الحرس الثوري الإيراني أن الأحزاب المعارضة تدفع الناشطين الإيرانيين إلى استمرار التحشيد ضد الحكم الديني في إيران، وذلك وفقاً لتفسيرات مراقبين، كما كثفت تركيا قصفها على مواقع حزب العمال الكردستاني في شمالي العراق أيضاً.