وثيقة أميركية مسرّبة تكشف تقديم زعيم "فاغنر" عرضاً سرياً لأوكرانيا

15 مايو 2023
شكك مسؤولون أميركيون وأوكرانيون بمصداقية عرض زعيم "فاغنر" (Getty)
+ الخط -

كشفت وثيقة أميركية مسربة، عن "عرض استثنائي" قدمه زعيم مجموعة "فاغنر" الروسية، يفغيني بريغوجين، لأوكرانيا في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، بعد مقتل الآلاف من عناصر مجموعته في المعركة المستمرة من أجل السيطرة على مدينة باخموت الأوكرانية، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".

وقالت الصحيفة نقلا عن وثيقة مسربة ضمن مجموعة الوثائق الأميركية السرية المسربة على منصة "ديسكورد"، إن بريغوجين عرض سحب القادة الأوكرانيين جنودهم من المنطقة المحيطة بباخموت، مقابل إعطاء كييف معلومات عن مواقع للقوات الروسية، بما يمكّن أوكرانيا من مهاجمتها.

وحسب التسريب، نقل بريغوجين الاقتراح إلى مديرية الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، عبر اتصالات سرية أجراها أثناء الحرب.

وتدفع روسيا بثقلها العسكري منذ أغسطس/آب العام الماضي، للسيطرة على مدينة باخموت الاستراتيجية، في عملية شهدت مشاركة فعالة لمجموعة "فاغنر" شبه العسكرية، لكن خلافات قائد المجموعة المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع قادة الجيش الروسي، أوقعت الشك في إمكانية سيطرة موسكو على المدينة. 

وادعى بريغوجين أن القادة العسكريين الروس فشلوا في تجهيز وإعادة إمداد قواته بالذخيرة. وقالت "واشنطن بوست" إن عرض بريغوجين مقايضة أرواح مقاتلي "فاغنر" بالجنود الروس قد يُعتبر "خيانة".

ولم توضح الوثيقة المسربة مواقع القوات الروسية التي عرض بريغوجين الكشف عنها، في حين أكد مسؤولان أوكرانيان أن الأخير تحدث عدة مرات إلى مديرية الاستخبارات الأوكرانية. وقال أحد المسؤولين للصحيفة، إن بريغوجين مدد العرض بشأن باخموت أكثر من مرة، لكن كييف رفضته لأن المسؤولين لا يثقون به، واعتقدوا أن مقترحاته قد تكون خادعة.

وحسب الصحيفة، حذر مسؤول أميركي من شكوك مماثلة في واشنطن حول نوايا بريغوجين؛ إذ تحدث المسؤولون الأوكرانيون والأميركيون للصحيفة، شريطة عدم الكشف عن هويتهم، لمناقشة هذه المعلومات الحساسة.

وفي مقابلة مع "واشنطن بوست" هذا الشهر، لم يؤكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاتصالات مع بريغوجين. وقال: "هذه مسألة استخبارات عسكرية". كما اعترض الزعيم الأوكراني على بث معلومات سرية علنًا، وقال إنه يعتقد أن التسريبات أفادت روسيا.

وفيما تسود شكوك أميركية- أوكرانية حول مصداقية العرض المقدم، قالت الصحيفة إنه "لا جدال حول تعرض بريغوجين للإحباط المرير من القتال الطاحن في باخموت". وقد اشتكى، علناً وسراً، من أن وزارة الدفاع الروسية لم تقدم لمقاتليه الذخيرة والموارد الأخرى التي يحتاجونها للنجاح.

وهدد بريغوجين، الذي وعد بالسيطرة على المدينة بحلول 9 مايو/أيار، مع احتفال روسيا بيوم النصر، علنًا، بسحب قواته من القتال.

وتكشف وثائق مسربة أخرى نقلتها الصحيفة، أن مسؤولين في وزارة الدفاع الروسية يتساءلون بشكل خاص عن كيفية الرد على انتقادات بريغوجين لأداء الجيش، ومطالبه بمزيد من الموارد. لكنهم اعترفوا على ما يبدو بأنها ليست مطالب غير مشروعة. 

وتتحدث الوثائق، عن صراع على السلطة بين بريغوجين وكبار المسؤولين، بمن فيهم وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.

وفي ظل هذه الخلفية المتوترة، أقام زعيم "فاغنر" علاقة سرية مع المخابرات الأوكرانية، والتي شملت بالإضافة إلى المكالمات الهاتفية، اجتماعات شخصية مع ضباط المخابرات في بلد غير محدد في أفريقيا، وفقًا لإحدى الوثائق التي نشرت تفاصيلها "واشنطن بوست".

وتظهر المعلومات الاستخباراتية الأميركية المسربة ضمن الوثيقة، أن بريغوجين تحسّر على الخسائر الفادحة التي خلفها القتال لقواته، وحث أوكرانيا على توجيه ضربات أشدّ ضدّ القوات الروسية. 

ووفقًا لإحدى الوثائق، أخبر بريغوجين ضابط استخبارات أوكراني أنّ الجيش الروسي كان يعاني من إمدادات الذخيرة. ونصح القوات الأوكرانية بالمضي قدمًا في هجوم على حدود شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا، في حين كانت الروح المعنوية للقوات الروسية منخفضة. 

كما أشار التقرير إلى معلومات استخبارية أخرى لفتت إلى أن بريغوجين كان على علم بتراجع الروح المعنوية بين قوات "فاغنر"، وأن بعض مقاتليه رفضوا أوامر بالانتشار في منطقة باخموت تحت نيران كثيفة، خوفا من تكبد المزيد من الضحايا.

ولم يرد الكرملين على طلب للتعليق على اتصالات بريغوجين مع أوكرانيا، وفقا للصحيفة.

وتشير الوثائق أيضا إلى أن كييف تشك، أو ربما تعرف، أن الكرملين على علم باتصالات بريغوجين مع المخابرات الأوكرانية، ومن ضمنها مفاوضاته السرية بشأن باخموت.

وتقول إحدى الوثائق وفقا لاتصالات تمّ اعتراضها، إن رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، كيريلو بودانوف، "توقع من الروس استخدام تفاصيل محادثات بريغوجين السرية مع الاستخبارات واجتماعاته مع ضباطهم في أفريقيا لجعله يبدو وكأنه عميل أوكراني". ولا تشير الوثيقة، ما إذا كان بودانوف يشتبه في أن موسكو ربما تعلم بالفعل أن بريغوجين يتحدث إلى ضباط الاستخبارات الأوكرانية.

ووفقا للصحيفة، فإن بريغوجين، عندما تم إبلاغه بأن وثائق المخابرات الأميركية كشفت اتصالاته بالاستخبارات الأوكرانية، بدا وكأنه يؤكد التسريب. وقال: "نعم بالطبع يمكنني تأكيد هذه المعلومات، ليس لدينا ما نخفيه". وكتب أمس الأحد عبر قناته على "تليغرام": "ما زلت أنا وبودانوف في أفريقيا".

ولم يرد بريغوجين على سؤال لـ"واشنطن بوست"، حول عرضه الكشف عن مواقع القوات الروسية مقابل انسحاب أوكراني في باخموت.

المساهمون