طلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من كبار المسؤولين العسكريين المصريين، في الفترة السابقة، إنتاج ما يصل إلى 40 ألف صاروخ ليتم شحنها سراً إلى روسيا، بحسب ما أظهرته وثيقة استخباراتية أميركية مسربة نشرتها صحيفة "واشنطن بوست"، الإثنين.
وتضمنت الوثيقة المسربة، المؤرخة بـ17 فبراير/ شباط 2023، محادثات بين الرئيس المصري وكبار المسؤولين العسكريين في بلاده، تشير إلى خطة لتزويد روسيا بقذائف مدفعية وذخائر. وبحسب الوثيقة، فقد طلب السيسي من المسؤولين الحفاظ على سرية إنتاج وشحن الصواريخ "لتجنب المشاكل مع الغرب".
ورداً على أسئلة بخصوص الوثيقة وصحة المحادثات التي تصفها، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد، إنّ "موقف مصر منذ البداية يقوم على عدم التدخل في هذه الأزمة والالتزام بالمحافظة على علاقات متساوية بين الجانبين"، مؤكداً على موقف بلاده الداعم لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي في قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأضاف: "نواصل حثّ الطرفين على وقف الأعمال العدائية والتوصل إلى حلّ سياسي من خلال المفاوضات".
وقال مسؤول في الحكومة الأميركية، تحدث إلى الصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويته: "لسنا على علم بأي تنفيذ لتلك الخطة"، مضيفاً: "لم نر ذلك يحدث".
وأشارت المتحدثة باسم البنتاغون، سابرينا سينغ، إلى أنّ وزارة العدل فتحت تحقيقاً في تسريب وثائق سرية.
وقال السيناتور الديمقراطي كريس مورفي، عضو العلاقات الخارجية والمخصصات في مجلس الشيوخ، للصحيفة إنّ "مصر هي واحدة من أقدم حلفائنا في الشرق الأوسط "، وتابع: "إذا كان صحيحاً أنّ السيسي ينتج سراً صواريخ لروسيا يمكن استخدامها في أوكرانيا، فنحن بحاجة إلى حساب جاد بشأن حالة علاقتنا".
وخطوة تسليم مصر صواريخ لروسيا في حال حدوثها قد تؤدي إلى تأزم العلاقات المصرية الأميركية، إذ لا تزال القاهرة، على الرغم من علاقتها الوطيدة بموسكو، مستفيدة من شراكتها مع الولايات المتحدة التي قدمت لمصر على مدى عقود أكثر من مليار دولار سنوياً، على مستوى المساعدة الأمنية.
وبحسب الصحيفة، فإنّ الوثيقة لا تذكر بوضوح سبب اهتمام روسيا بالحصول على الصواريخ، لكن من المعروف أنّ الجيش الروسي ينفق كميات هائلة من الذخيرة في الحرب على أوكرانيا.
يُذكر أنّ واشنطن كانت قد ادعت أنّ كوريا الشمالية تزود روسيا سراً بقذائف مدفعية، وأنّ الصين تفكر في ذلك.
وقالت مرشحة إدارة بايدن لمنصب حقوق الإنسان الأعلى بوزارة الخارجية سابقاً سارة مارغون، للصحيفة إنّ "البيع والتسليم المتعمدين للقذائف إلى الحكومة الروسية، التي ارتكبت جرائم حرب فظيعة، تتجاوز حدود السلوك المقبول بمراحل، خاصة بالنسبة لحليف مقرّب ظاهرياً للولايات المتحدة"، مضيفةً أنّ ما تم الكشف عنه في الوثيقة، إذا كان صحيحاً، "يثير التساؤل بشأن ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة الاستمرار في الدفاع عن مصر ودعمها".
وأشار مدير البرامج الأميركية في مجموعة الأزمات الدولية مايكل وحيد حنا، في حديث لـ"واشنطن بوست"، إلى أنّ إدارة بايدن تقود الجهود الغربية لحرمان روسيا ومرتزقتها من التكنولوجيا والأسلحة اللازمة لحربها في أوكرانيا، ومعاقبة الخصوم الأميركيين مثل إيران وكوريا الشمالية الذين فعلوا ذلك، "لذا فكرة أنّ تكون مصر تخطط للعب هذا الدور يمثل إحراجاً للولايات المتحدة"، وفق قوله.
وكانت موسكو والقاهرة قد وقعتا عدة صفقات مهمة أخيراً، بما في ذلك اتفاق لبناء ورشة ضخمة للسكك الحديدية في مصر، كما بدأت شركة "روساتوم" الروسية الحكومية للطاقة الذرية، العام الماضي، بناء أول محطة للطاقة النووية في مصر.
وبحسب الصحيفة، قد يؤدي قيام القاهرة بتزويد الحكومة الروسية بالأسلحة إلى فرض عقوبات أميركية على مصر.