"واشنطن بوست": حان الوقت لإنهاء "التمثيلية" وحماية الكرامة الإنسانية وحرية التعبير في مصر
انتقدت افتتاحية صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الصادرة اليوم السبت، ما وصفتها، بـ"دوامة القمع" في مصر، مع استمرار حملات الاعتقال التي ينفذها النظام المصري ضد المعارضين.
وأشارت الصحيفة إلى العفو الذي أصدره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي وصفته بـ"الاستبدادي"، يوم السبت الماضي، عن الناشط والمدون أحمد دومة، الذي كان أحد أشهر الوجوه في الربيع العربي عام 2011، والذي قضى عقدًا من الزمن في السجن. وقالت إنه "بعد أيام، اعتقلت السلطات هشام قاسم، الناشط الديمقراطي (البارز) والناشر السابق الذي كان يعارض الرئيس عبد الفتاح السيسي".
وأضافت الصحيفة: "هكذا تسير دوامة القمع في مصر، حيث يتم احتجاز آلاف السجناء السياسيين لأشهر وسنوات دون محاكمة، وإطلاق سراح حفنة منهم، ثم احتجاز المزيد منهم".
وقالت "واشنطن بوست" إن "اعتقال قاسم أمر (مثير للقلق) بشكل خاص. وهو رئيس سابق للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وكان في السابق ناشراً لصحيفة (المصري اليوم)، وهي صحيفة مستقلة. وفي عام 2007، تم تكريمه من قبل الصندوق الوطني للديمقراطية بجائزة الديمقراطية. لقد كان مدافعاً قوياً عن الصحافة المستقلة في مصر، وينتقد بشدة حكم السيسي العسكري في وقت تمر فيه مصر بأزمة اقتصادية عميقة".
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى تصريحات قاسم لـ"بي بي سي" الشهر الماضي، والتي قال فيها "إن التغيير الذي يجب أن يحدث لا يقتصر فقط على إزاحة السيسي عن السلطة، بل إعادة هيكلة الاقتصاد المصري، وهو ما لا يمكن أن يحدث مع وجود الجيش في السلطة".
وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أن قاسم "أطلق هو وآخرون تحالف (التيار الحر) المكون من أربعة أحزاب، وهو ائتلاف سياسي يخطط لمعارضة السيسي في انتخابات العام المقبل".
وقالت إن قاسم "سعى مراراً وتكراراً إلى فضح الفساد وإدانة القمع في مصر، الأمر الذي وضعه بوضوح في مرمى السيسي، الجنرال السابق الذي تولى السلطة بعد قيادة انقلاب عام 2013 الذي أطاح بأول رئيس منتخب ديمقراطياً في البلاد، محمد مرسي من جماعة الإخوان المسلمين".
وأشارت الصحيفة إلى أنه "تم اعتقال قاسم في البداية في 20 أغسطس/ آب عندما اتهمه وزير العمل السابق كمال أبو عيطة بـ "السب والقذف". وعرض المدعي العام إطلاق سراح قاسم بكفالة قدرها 5000 جنيه مصري، أو نحو 160 دولاراً. ورفض قاسم الدفع قائلاً إن الاحتجاز غير عادل. وكتب على مواقع التواصل الاجتماعي: "أنا أشرف من عبد الفتاح السيسي وكل رجالاته ونظامه". وتم اعتقاله مرة أخرى في اليوم التالي، بتهم القذف والتشهير والاعتداء على موظف عام، وتعمد إزعاج الآخرين، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي"، بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
وقالت "واشنطن بوست" إن السيسي "حاول إخفاء فظائع انتهاكات حقوق الإنسان في مصر. وأعلن عن (حوار وطني) مع المعارضة، وأصدر عفواً عن مجموعات من السجناء، مثل دومة وأكثر من 30 آخرين. لكن عمليات الإفراج يتبعها دائماً المزيد من الاعتقالات والاحتجازات غير المبررة. ورغم أن المعلومات غير واضحة، تشير بعض التقديرات إلى أن هناك أكثر من 60 ألف سجين سياسي في مصر الآن. تستخدم السلطات الحبس الاحتياطي لاحتجاز المتظاهرين والصحافيين والمعارضين لفترات طويلة دون توجيه اتهامات رسمية لهم".
السيسي "حاول إخفاء فظائع انتهاكات حقوق الإنسان في مصر"
ولفتت الصحيفة إلى أنه "بموجب القانون (الأميركي)، فإن 320 مليون دولار من المساعدات العسكرية الخارجية الأميركية لمصر، مشروطة بتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان. وتشمل المعايير، إجراء إصلاحات تحمي حريات التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي والسماح لوسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان بالعمل دون تدخل، ومحاسبة قوات الأمن، والتحقيق والملاحقة القضائية في حالات القتل خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، وتوفير الإجراءات القانونية الواجبة للمحتجزين".
وأشارت إلى أن مجموعة من 11 عضواً في مجلس النواب الأميركي، بمن فيهم غريغوري دبليو ميكس (نيويورك)، الديمقراطي البارز في لجنة الشؤون الخارجية، كتبت إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن لحث الإدارة على حجب مبلغ الـ320 مليون دولار بالكامل حتى يتحسن سجل مصر.
وقالت الصحيفة: "لقد حان الوقت لإنهاء هذه التمثيلية والمطالبة بإحراز تقدم حقيقي لحماية الكرامة الإنسانية وحرية التعبير في مصر - بما في ذلك إطلاق سراح قاسم وغيره من السجناء السياسيين".