هيئة التفاوض السورية: جولة اللجنة الدستورية المقبلة محورية وهامة

14 يناير 2021
العبدة: اجتماعات اللجنة الدستورية من المفترض أن تخوض في المضامين الدستورية (Getty)
+ الخط -

قال رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة، أنس العبدة، اليوم الخميس، إن الجولة المقبلة من محادثات اللجنة الدستورية، في 25 يناير/كانون الثاني الجاري، "ستكون محورية وهامة"، ومن المفترض أن تخوض في المضامين الدستورية.
وأكّد العبدة في إحاطة له أمام الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري بمناسبة اختتام دورتها الـ54، على تمسك الهيئة بتطبيق القرارات الدولية وفي مقدمتها بيان جنيف والقرار 2254، وعلى سعيها إلى تحقيق انتقال سياسي حقيقي، وفق ذلك بما يحقق تطلعات الشعب السوري بالحرية والكرامة والديمقراطية.
ولفت إلى سعي الهيئة لفتح كامل مسارات العملية السياسية بالتزامن مع عمل اللجنة الدستورية السورية، وذلك كون الأخيرة تتحرك ببطء قد يؤثر على العملية السياسية بشكل عام.
وقال إن الأمم المتحدة، وفريقها الخاص بالشأن السوري، مطالبة بأن تكون لديها خطة عمل جديدة وفعّالة من أجل ألا تصل الأمور إلى طريق مسدود كما حدث مع فريق المبعوث الأممي الأسبق ستيفان دي ميستورا.
كما أشار العبدة إلى أن الهيئة تعمل على ملف المعتقلين كأولوية، وتقوم بإثارة هذا الملف في جميع لقاءاتها وأنشطتها، وشدد على ضرورة إطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير المختفين قسرياً، معتبراً أن هذا الملف غير تفاوضي ويجب على المجتمع الدولي فرض ذلك على "نظام الأسد".
واتفقت وفود المعارضة والنظام والمجتمع المدني في ختام الجولة الرابعة من محادثات اللجنة الدستورية في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول الفائت، على تحديد موعد الجولة الخامسة بتاريخ 25 يناير/ كانون الثاني الجاري.
وتتألّف اللجنة الدستورية، وهي نتاج مؤتمر "سوتشي" أو ما سمي بـ"مؤتمر الحوار الوطني السوري" الذي عقد مطلع 2018، من 150 عضواً، ثلثهم من المعارضة التي تمثلها الهيئة العليا للتفاوض، وثلثهم  من النظام السوري، والثلث الأخير من المجتمع المدني السوري.
وتضطلع اللجنة بمهمة إعادة صياغة الدستور السوري، من خلال دراسة كافة الدساتير السورية، كما تهدف إلى صياغة دستور حديث يحقق تطلعات السوريين.

قصف ومواجهات جنوبي إدلب

ميدانياً، قتل ثلاثة عناصر من قوات النظام السوري، مساء أمس الأربعاء، وأصيب آخرون بقصف ومواجهات مع فصائل المعارضة وفصائل أخرى متشددة، في منطقة جبل الزاوية، جنوبي إدلب، شمال غربي سورية.

وأعلن فصيل "أنصار التوحيد"، قصف مواقع لقوات النظام والمليشيات الموالية لها قرب بلدة حزارين، ما أدى إلى مقتل ثلاثة عناصر وإصابة سبعة آخرين على الأقل بجراح.

وقنص مقاتلون ضابطاً للنظام على أطراف قرية جوباس، الواقعة بالقرب من مدينة سراقب، شرق مدينة إدلب، أثناء اقترابه من مواقع فصائل المعارضة.

وتشهد أطراف إدلب الجنوبية قصفاً واشتباكات بين قوات النظام والمليشيات الموالية لها من جهة، وفصائل المعارضة من جهة أخرى، بشكل متكرر، ما يوقع قتلى وجرحى في صفوف الطرفين.

في المقابل، استهدفت قوات النظام السوري بصاروخ موجه اليوم الخميس صهريجاً لنقل المياه في قرية القرقور بسهل الغاب، شمال غربي حماة، ما أدى إلى احتراقه دون وقوع خسائر بشرية.

وفي سياق منفصل، صدّت فصائل الجيش الوطني المعارض المدعوم من تركيا هجوماً لمجموعة تابعة لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) على محاور مدينة تل رفعت شمال حلب، بعد مواجهات بالأسلحة الرشاشة بين الطرفين.

وعلى خلفية ذلك، قصفت مدفعية الجيش التركي مواقع لتلك القوات في محيط قرية مرعناز ومدينة تل رفعت، وأطلقت قنابل مضيئة في سماء المنطقة التي تشهد محاولات تسلّل واشتباكات بشكل مستمر.

إلى ذلك، اغتال مسلحون مجهولون، اليوم الخميس، أحد وجهاء عشيرة "البكير" في منطقة العزبة شرقي دير الزور، شرقي سورية.

في حين، سيّرت القوات الروسية والتركية، اليوم الخميس، دورية مشتركة قرب مدينة الدرباسية في ريف الحسكة شمال شرقي سورية.

أزمة جديدة

فجّرت تصريحات قيادي في حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي في سورية، اتهم خلالها قوات "البشمركة" بالارتباط بالجانب التركي، أزمة جديدة في المشهد الكردي السوري، حيث يُنظر إليها باعتبارها خطوة إلى الوراء في الحوار بين هذا الحزب الذي يملك ذراعاً عسكرية قوية في الشمال الشرقي من سورية، وبين المجلس الوطني الكردي. 

وقال عضو الهيئة الرئاسية المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي والمعروف اختصاراً بـ(PYD)، آلدار خليل، في تصريحات صحافية، أمس الأربعاء، إن قوات "البشمركة السورية مرتزقة للدولة التركية، واستخدمتهم في شنكال (سنجار) وقنديل". وتابع: "مثلما استخدم (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان المرتزقة في ليبيا وأذربيجان يستخدم هؤلاء أيضاً، ولهذا ليس من الممكن قبولهم، فالذين عملوا كمرتزقة ليس من المعقول أن يكون لهم دور أو وظيفة في المجال العسكري".

واستدعت تصريحات خليل على الفور ردود فعل غاضبة، حيث اعتبرت رئاسة إقليم كردستان شمال العراق "مثل هذه التصريحات، وإطلاق هذه التهم، إنما يضر وحدة الصف، والهدف الرئيس منه هو تخريب الحوار الجاري بين الأطراف الكردية".
وأضافت في بيان: "معلوم من هو الذي يتبادر إلى أذهان الناس فور الحديث عن العمالة. إن الأفعال والتاريخ والأحداث تشهد من الذي كان عميلاً لهذا وذاك". من جانبه، اعتبر المجلس الوطني أن تصريح خليل "ما هو إلا محاولة جديدة منه للتنصل مما تم إنجازه في المفاوضات برعاية أميركية وإفشال عملية وحدة الصف الكردي"، مطالباً الجانب الأميركي وقيادة "قوات سورية الديمقراطية" بـ"وضع حد نهائي لهذه التجاوزات والإساءات، وإبعاد كل شخص لا يؤمن بمبادرة وحدة الصف"، وفق بيان.

ويرأس آلدار خليل وفد الأحزاب الكردية التي تدور في فلك "الاتحاد الديمقراطي" المنخرطة في حوار مع المجلس الوطني الكردي بدأ في إبريل/نيسان الفائت، واصطدم بعدة عقبات أبرزها إصرار المجلس على عودة قوات البشمركة السورية إلى منطقة شرقي نهر الفرات، وفك ارتباط "الاتحاد الديمقراطي" بحزب العمال الكردستاني، وإلغاء التجنيد الإجباري، وحسم مصير المعتقلين والمختطفين.

وتشكلت قوات "بشمركة سورية" عام 2012، وتضم نحو 8 آلاف مقاتل سوري كردي، يتخذون من إقليم كردستان العراق قاعدة لهم، وكانوا شاركوا في محاربة تنظيم "داعش" إلى جانب قوات الإقليم. ويُنظر إلى تصريحات خليل على أنها بمثابة إطلاق لـ"رصاصة الرحمة" على الحوار الكردي الكردي حيث أكدت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن خليل "يرفض بالمطلق فك الارتباط بالعمال الكردستاني وعودة قوات البشمركة إلى شمال شرقي سورية"، مشيرة إلى أنه "أطلق هذه التصريحات لخلط الأوراق مستغلا مرور الإدارة الأميركية بمرحلة عدم اليقين"، وفق المصادر.

 ومن الواضح أن خليل يحاول دفع المجلس الوطني الكردي المنضوي في "الائتلاف الوطني السوري" إلى إعلان الانسحاب من الحوار الذي يكاد يرقى إلى مستوى المفاوضات، كي يبقى الاتحاد الديمقراطي المهيمن على قوات سورية الديمقراطية من خلال الوحدات الكردية المسيطرة على منطقة شرقي الفرات الغنية بالثروات. 

لكن عضو الهيئة الرئاسية لـ"المجلس الوطني الكردي"، المنسق العام في حركة "الإصلاح الكردي"، فيصل يوسف، أكد لـ"العربي الجديد"، أن المفاوضات "خيار استراتيجي لتحقيق وحدة الموقف الكردي التي تصب في مصلحة الشعب الكردي وقضية الديمقراطية في عموم البلاد".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتابع: "أدرج المجلس ذلك في برامجه طيلة السنوات الماضية، لكن حزب الاتحاد الديمقراطي لم يلتزم بالاتفاقيات الثلاث (هولير 1 و2 ودهوك) التي أبرمت في السابق، لذلك كان إصرارنا على وجود ضامن وراعٍ للمفاوضات وإجراءات لبناء الثقة". 

وأكد يوسف أن المجلس الوطني "ملتزم بخيار المفاوضات على أرضية اتفاقية دهوك والرؤية السياسية المشتركة، وصولاً إلى تحقيق اتفاقية تحقق شراكة فعلية ومتساوية في كل القضايا بالمناطق الكردية". 

وأضاف: "لكن موقف الطرف الآخر (الاتحاد الديمقراطي) يعود للجهة الضامنة والراعية لآليات ضبط المفاوضات وحمايتها من الاستهداف، بغية نسفها من خلال تصريحات المسؤولين في الاتحاد الديمقراطي. المجلس يؤكد على جاهزيته لاستمرار المفاوضات وفق الأسس المتفق عليها قبل البدء بها". 

وترعى الخارجية الأميركية وقائد قوات "سورية الديمقراطية" مظلوم عبدي الحوار بين الطرفين الكرديين بغية تشكيل مرجعية سياسية كردية تمثل الكرد السوريين في استحقاق الحل السياسي، إضافة إلى مشاركة الجانبين في إدارة الشمال الشرقي من سورية. واتفق الجانبان في جولتين على أن اتفاقية دهوك، التي أبرمت بينهما برعاية من قيادة إقليم كردستان العراق، في أكتوبر/ تشرين الأول 2014، ستشكل أيضاً أرضية لهذه المفاوضات. ونصت الاتفاقية على تشكيل مرجعية سياسية كردية، على أن تكون نسبة تمثيل "حركة المجتمع الديمقراطي" (لاحقاً أحزاب الوحدة الوطنية الكردية-25 حزباً) فيها 40 في المائة، و"المجلس الوطني الكردي" 40 في المائة، و20 في المائة للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين.

المساهمون