هوكشتاين إلى إسرائيل: استباق توريط بايدن في لبنان

17 يونيو 2024
عاموس هوكشتاين في لبنان، 4 مارس 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- وصول المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين إلى إسرائيل وبيروت في محاولة لتهدئة التوترات المتصاعدة بين إسرائيل وحزب الله، وسط مخاوف من تحول الاشتباكات إلى مواجهة أوسع.
- القوات الإسرائيلية تكثف تحركاتها العسكرية ضد حزب الله، مما يثير قلق الولايات المتحدة من احتمال تورطها العسكري المباشر في الصراع، خاصة قبل الانتخابات الأميركية.
- الزيارة تسعى لإيجاد حلول دبلوماسية للتوتر القائم، رغم الازدواجية في المواقف الأميركية والمخاوف من أن تكون النتائج مجرد تسكين مؤقت للوضع بدلاً من حلول جذرية.

يصل المبعوث الأميركي الخاص عاموس هوكشتاين، اليوم الاثنين، إلى إسرائيل، وبعدها ينتقل إلى بيروت. زيارته التي لم تكن متوقعة، جاءت مع بلوغ التصعيد العسكري بين إسرائيل وحزب الله درجة تهدد بتجاوز قواعد الاشتباك المعمول بها وتحويلها الى مواجهة أوسع وأعمق بينهما.

الخشية من تدحرج الوضع في هذا الاتجاه تكررت ولو بالتلميح أكثر من مرة في الأسبوعين الأخيرين على لسان المسؤولين، خاصة في وزارة الخارجية الأميركية. وازداد التخوف من هذا الاحتمال بعد فشل التوصل الأسبوع الماضي إلى صفقة وقف إطلاق نار وتبادل أسرى في غزة، إذ سارعت إسرائيل إلى رفع منسوب تهديداتها بالترافق مع استدارة عسكرية نحو الشمال يبدو أن الإدارة اخذتها على محمل الجدّ.

من مؤشرات الاستدارة، أن القوات الإسرائيلية شنت أخيرا غارات بعيدة في العمق اللبناني (شمال البقاع)، وبما يشبه "التمهيد" لعمليات أوسع. وحسب معلومات منسوبة إلى مسؤولين، فإن واشنطن "على دراية بأن القوات الإسرائيلية تعمل على تدريب وحدات خاصة مهمتها القيام بعمليات انقضاض عبر الحدود الشمالية ولا ينقص سوى وضعها في مواقعها على الحدود". تضاف إلى ذلك محاولات إسرائيل لاستدراج حزب الله إلى توسيع المواجهة عبر اغتيال كبار قياداته العسكرية (طالب عبد الله قبل ثلاثة أيام)، لدفعه إلى الانتقام وبما يؤدي إلى انفلات الردود، على غرار ما جرى بعد الغارة الإسرائيلية على المجمع الدبلوماسي الإيراني في دمشق، والتي أدت إلى مقتل سبعة من كبار الضباط الإيرانيين. سيناريو تخشى جهات أميركية أن يقود إلى سلسلة ردود تستعصي على السيطرة.

والأخطر، وفق هذه المعلومات، أن تدخل إسرائيل في حرب أخرى مع حزب الله "ولا تقوى على إنهائها من دون دعم أميركي" مباشر. والتخوف الأميركي في هذا الحال، من أن تعثر إسرائيل في حرب الشمال إضافة إلى المراوحة في حرب غزة، لا بدّ أن يزيد انكشافها ويفتح الباب لتورط أميركي هو آخر ما يحتاجه بايدن قبل أقل من خمسة أشهر من انتخابات زادت حرب غزة من متاعبها على الرئيس. وثمة شكوك بأن نتنياهو يعمل لمثل هذا التوريط خدمة لحساباته في غزة كما خدمة للجمهوريين وترامب في الانتخابات.

هوكشتاين "تحدث بلسانين"

على هذه الأرضية تقررت زيارة هوكشتاين إلى المنطقة. قبل أسبوعين لم تكن على الجدول حسب وزارة الخارجية. كانت الإدارة الأميركية توحي بأن الوضع على الحدود اللبنانية تحت السيطرة وأن المخرج الدبلوماسي الذي كان هوكشتاين قد وضع إطاره مسلّم به وإن ضمناً من الطرفين.

مع أن المذكور تحدث بلسانين في هذا الموضوع. في السابق قال إن هذا الملف منفصل عن غزة. وفي ذلك تلميح بالموافقة مع الحكومة الإسرائيلية على ترك جبهة الشمال مفتوحة إذا حصل وقف لإطلاق النار في غزة. الآن تقول العكس لناحية أن وقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن ينعكس إيجابا على الجبهة مع لبنان. والازدواجية لم تقتصر على هذه الناحية. الإدارة بقيت حتى آخر لحظة تزعم أن نتنياهو أعطى موافقته "علنا" على خطة بايدن، في حين أنه اكتفى بموافقة حكومة الحرب عليها من دون اعتراضه وبما حفظ له مساحة للمناورة والتملص منها إذا جرى اعتمادها.

الآن هو يناور لنقل المواجهة إلى الشمال. في غزة اختار بايدن أن لا يلجم نتنياهو. تهاونه شجع رئيس الحكومة الإسرائيلية على التصعيد في جبهة الشمال والمضي في هندسة توسيع رقعة المواجهة فيها. ولو كانت الإدارة جادة أو عازمة على قطع الطريق على مثل هذا التوجه لكان وزير الخارجية أنتوني بلينكن قد حسم هذا الموضوع أثناء جولته في المنطقة الأسبوع الماضي. لكن الحسم غريب عن الإدارة في هذه الحرب وبالتالي ليس من المتوقع أن يرجع هوكشتاين بأكثر من تسكين مؤقت للتصعيد على الجبهة مع حزب الله.