هل يلجأ الاحتلال إلى سياسة الاغتيالات ضد الحوثيين؟

25 ديسمبر 2024
أضرار تسبّب بها صاروخ يمني على تل أبيب، 12 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أطلق الحوثيون صواريخ على إسرائيل، مما أدى إلى تفعيل صفارات الإنذار وسقوط شظايا في "بئر يعكوف"، كجزء من دعمهم لغزة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
- إسرائيل تسعى لعقد جلسة طارئة في مجلس الأمن لإدانة الهجمات وتحميل إيران المسؤولية، بينما يواجهون تحديات من أذرع إيران في المنطقة، بما في ذلك تعطيل الممر التجاري في البحر الأحمر.
- الحوثيون أعلنوا عن إحباط أنشطة استخباراتية أميركية وإسرائيلية، بينما توعدت إسرائيل بضربات قاسية تستهدف قيادات الحوثيين والبنى التحتية الاستراتيجية.

على مدى أربع ليالٍ وفي أقل من أسبوعٍ واحد، استيقظ نصف الإسرائيليين مصدومين، عقب تفعيل صفارات الإنذار بسبب إطلاق الحوثيين صواريخ على تل أبيب، وهو ما تعتبره دولة الاحتلال محاولة لإطالة حرب الاستنزاف التي حاول الحوثيون فرضها جزءاً من "جبهة الإسناد" التي افتتحوها عقب اندلاع حرب الإبادة التي يواصلها الاحتلال ضد قطاع غزة.

وليلة الثلاثاء/ الأربعاء، أطلق الحوثيون صاروخاً جديداً على إسرائيل. وإن ادعى جيش الاحتلال إسقاطه قبل وصوله للأجواء الإسرائيلية، فإن شظايا صاروخية سقطت على بيت في "بئر يعكوف"، ما تسبب في إيقاع أضرارٍ بممتلكاته، وفقاً لموقع "واينت" العبري. الأخير نقل عن صاحبة البيت المتضرر قولها إنه "هرعنا للملجأ، عقب دوي صفارات الإنذار، قبل أن نسمع دوّي انفجار قوي. وفقط بعد 10 دقائق خرجنا للشرفة لنفاجأ بسقوط شظايا صاروخ اعتراضي بطول متر، متسبباً بأضرار لشرفتنا".  أمّا جد العائلة، الذي ينقل عنه الموقع أنه عمل لأكثر من 35 سنة في الصناعات الجوية الإسرائيلية، والذي لعب دوراً في إطار مشروع تطوير منظومة صواريخ "حيتس" (السهم، 1 و2)، فرأى أنه "من حسن الحظ أن الشظايا الصاروخية غير صغيرة، ولم تخترق النوافذ وتتشظى في المنزل"، واعتبر أنه "من السيريالية أن أجد نفسي بعد كل هذه السنوات مُلاحقاً من الصواريخ التي عملت على تطويرها".

وفجر اليوم، وتحديداً عند 04:22، استيقظ الإسرائيليون في مدن تل أبيب، وهرتسليا، وريشون لتسيون، ورحوفوت، وبات يام، وحولون، وبيتح تكفا، وبني باراك، وهود هشارون، ويفنه، ومناطق أخرى، على صفارات الإنذار التي دفعتهم لدخول الملاجئ. وهذه المرة انتهى الأمر وفقاً للموقع بـ"اعتراض صاروخ خارج إسرائيل"، مع ذلك فُعلّت صفارات الإنذار "خشية سقوط شظايا صاروخية". وعلى أثر الصفارات أبلغ السكان عن سماعهم دوّي انفجارات، فيما أفادت "نجمة داوود الحمراء" بأن طواقهما تلقت بلاغات عن سقوط شظايا في عدد من المناطق، فضلاً عن إصابات طفيفة خلال الهروع إلى الملاجئ، بينها إصابتا هلع. فيما تسببت الشظايا بأضرار للممتلكات في الأماكن التي سقطت فيها.

تشويش الروتين الليلي للإسرائيليين يترك دولة الاحتلال في وضع تستصعب فيه إيجاد حل جذري يوقف التهديدات الحوثية المتواصلة؛ فيما تتهيأ للجلسة الطارئة التي سيعقدها مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، بناء على طلبها. وتعليقاً على الجلسة المنتظرة، اعتبر السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، أنه "على ما يبدو الحوثيون لم يستوعبوا بعد ما الذي يمكن أن يحدث لأولئك الذين يهاجمون إسرائيل"، مشدداً على أنه "أتوقع من مجلس الأمن دعم إسرائيل وإدانة الهجمات الموجهة ضدها"، مطالباً المجلس بـ"استغلال الاجتماع الدولي من أجل تحميل إيران المسؤولية"، في إشارة إلى اتهام الأخيرة بدعم وتسليح الحوثيين.

وفي وقتٍ سابق، أعلن المتحدث باسم الجيش أنه انتهى من التحقيق العملي بشأن إصابة صاروخ أطلق من اليمن، حديقة في مدينة يافا. وأظهر التحقيق الذي أجرته الجبهة الداخلية، بالتعاون مع ممثلين عن سلاح الجو، أن "الإنذار جرى تفعيله متأخراً". وفي السياق، تدعي إسرائيل أن الحوثيين يمثلون قلقاً ليس بالنسبة لها فحسب؛ إذ في بداية الأسبوع اُسقطت طائرة حربية أميركية من طراز إف إيه-18 "عن طريق الخطأ" فوق البحر الأحمر بواسطة صاروخ وجهته سفينة حربية أميركية، وذلك بعد الهجمات التي شنّتها الولايات المتحدة ضد أهداف حوثية في العاصمة صنعاء. ونجح الطياران اللذان كانا في الطائرة من الإفلات، فيما سارع الحوثيون إلى تحمل المسؤولية عن إسقاط الطائرة. 

وهذه الحاثة وفقاً لـ"واينت" تؤشر على "التحدي الكبير الذي تمثله أذرع إيران، ليس لإسرائيل فحسب وإنما للولايات المتحدة والمجتمع الدولي كله"، فمنذ عملية "طوفان الاقصى" أعلن الحوثيون عن فتحهم لـ"جبهة الإسناد"، وفي إطارها أطلقوا عدداً من الصواريخ والمسيّرات الانقضاضية، شملت إصابات مباشرة، ونجحوا في تعطيل الممر التجاري الرئيس في البحر الأحمر من خلال استهداف سفن متوجهة إلى إسرائيل، وحتّى إنهم احتجزوا إحداها.

وعلى الرغم من أن واشنطن شنّت هجمات عدّة على مناطق في اليمن، اعتبر الموقع أنها "كانت حذرة" هذه السنة في توجيه هجمات ضد الحوثيين، وعلى ما يبدو يعود ذلك إلى "رغبتها في عدم الإضرار بالجهود الدبلوماسية التي تحاول التوفيق بين الحوثيين والرياض"، وإلى الخشية من تصعيد أكبر في الشرق الأوسط، ومع ذلك أقامت الولايات المتحدة تحالفاً دولياً شن عدّة هجمات ضد الحوثيين، هدفت معظمها إلى إحباط هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر.

إسرائيل، من جهتها، "امتنعت" لشهور طويلة عن الرد على الهجمات الحوثية، والهجوم الأول الذي شنّته ضدهم كان في شهر يوليو/تموز الماضي، والثاني في سبتمبر/أيلول، والثالث في الأسبوع الماضي. وفي جميع هذه الهجمات استهدفت إسرائيل أهدافاً استراتيجية، بينها منشآت طاقة وموانئ. الحوثيون من جانبهم أعلنوا أن ذلك لن يردعهم وأنهم سيواصلون استهداف إسرائيل بالصواريخ والمسيّرات، كجزء من "دعم غزة". في غضون ذلك، تجد إسرائيل ذاتها في حيرة من أمرها، فيما تترد أصوات في تل أبيب تدعو لاستهداف القيادة الحوثية، على غرار استهداف قيادتيّ حزب الله وحماس؛ إذ إن إسرائيل تستخلص من الحرب السعودية - الحوثية، ومن الهجمات على المنشآت الاستراتيجية اليمنية، أنها غير كافية لردع الحوثيين، وتعتبر أن استهداف القيادات يُعد "علاجاً" فعّالاً في إطار تحقيق الردع المنشود. وفي وقتٍ سابق، كشفت قناة i24 الإسرائيلية، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، عن خطوط عريضة لإضعاف الحوثيين، تتضمن أربعة عناوين، في مقدمتها إلحاق الضرر بالقيادة الحوثية، وثانيها تدمير منظومات إنتاج الأسلحة، وثالثها الإضرار بسلسلة التوريد من إيران، وآخرها استهداف البنى التحتية والمنشآت.
من جهة أخرى، أعلنت جماعة الحوثيين أن أجهزتها الأمنية نجحت في إحباط أنشطة استخباراتية لوكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي أي إيه) وجهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد". وذكرت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين أن "الأجهزة الأمنية نجحت في القبض خلال الأيام الماضية على عدد من الجواسيس"، الذين أُسندت لهم "أنشطة استخباراتية منها رصد وتحديد مواقع القوة الصاروخية والطيران المسيّر والبحرية ومواقع عسكرية أخرى، ورصد وتحديد أماكن القيادات العسكرية والسياسية والأمنية والشخصيات الاجتماعية المناهضة للأعداء، ورصد وجمع معلومات عن خبراء ومعامل ومنصات وعربات إطلاق الصواريخ والطيران المسيّر، ورصد أماكن ومواقع القوات البحرية والمعسكرات ومخازن الأسلحة التابعة للقوات المسلحة". كما أشار البيان إلى "محاولة الجواسيس رصد وجمع معلومات عن أماكن وجود زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي"

ويأتي إعلان جماعة الحوثيين بعد يومين من تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس التي توعد فيها بتوجيه ضربات قاسية للحوثيين، حيث قال: "سنتعامل مع قادة الحوثيين في صنعاء وفي كل مكان باليمن"، مضيفا: "سنفعل بصنعاء والحديدة كما فعلنا بغزة ولبنان وطهران"، و"سنلحق الضرر بالبنى التحتية الاستراتيجية التابعة للحوثيين، وسنستهدف البنى التحتية للحوثيين، ونقطع رؤوس قادتهم"، في إشارة إلى إمكانية اغتيالهم.

المساهمون