هل يُطاح برئيسة وزراء إستونيا بعد "فضيحة" زوجها بشأن العلاقة التجارية مع روسيا؟

30 اغسطس 2023
تعيش "المرأة الحديدية" وضعا صعبا بعد الكشف عن تعاون زوجها تجاريا مع روسيا (Getty)
+ الخط -

تعيش رئيسة حكومة إستونيا كاجا كالاس وضعا صعبا، بعد الكشف عن تعاون زوجها تجاريا مع روسيا، وتصدر القضية لنحو أسبوع معظم وسائل الإعلام والصحافة المحلية.

كالاس، التي يُنظر إليها في سياق المواجهة الغربية-الروسية على أنها "المرأة الحديدية" بسبب مواقفها المتشددة من الكرملين ورئيسه فلاديمير بوتين، ليس اسما بسيطا بالنسبة لدول البلطيق وبولندا ودول إسكندنافيا في الموقف المؤيد لأوكرانيا في مواجهة روسيا.

والكشف أخيرا في وسائل الإعلام الإستونية (يوم 23 الشهر الحالي تفجرت القضية) جاء بمثابة قنبلة سياسية في وجه السيدة الحديدية، التي ترى أن العقوبات الحالية على موسكو غير كافية، إذ إن زوجها أرفو هاليك يمتلك حصة قدرها 25 في المائة في شركة نقل "ستارك لوجيستكس"، التي تنقل بضائع بين إستونيا وروسيا، أي المتاجرة غير المباشرة مع روسيا، وإن ببضائع غير مشمولة في العقوبات الأوروبية".

ورداً على ذلك قالت: "تتعلق هذه الحالة بأنشطة شريك زوجي التجاري. ليس لدي أي اتصال أو نظرة عامة مفصلة عن نشاطه التجاري"، حيث حاولت كالاس الدفاع عن نفسها بأن الأمر يتعلق بشريك زوجها في الشركة وأنها لم تملك أي تواصل أو فحص عن النشاط التجاري مع روسيا الذي كسب من خلاله زوجها المال.

لكن ذلك لم يسعف رئيسة الوزراء، إذ سرعان ما تم الربط بين القضية والتقارير الصحافية التي بينت أنها أقرضت زوجها أكثر من 350 ألف يورو في سياق ضخ مال لشركة قابضة تمتلك حصة في شركة النقل. وبرغم أن البضائع المنقولة إلى روسيا غير مشمولة بالعقوبات الأوروبية إلا أن دعواتها المتواصلة لتشديد العقوبات على موسكو، واعتبار أنها غير كافية وبأنه "يجب أن تشمل كل الشركات الأوروبية"، يعني أنها وقعت في مطب تناقض السياسيين مع الخطابات والتصريحات المتشددة.

تقارير دولية
التحديثات الحية

كالاس في سطور

وتعتبر كاجا كالاس شخصية أوروبية معروفة بشكل واسع على المستويات السياسية والإعلامية، فقد كانت عضوا في البرلمان الأوروبي، وأصبحت في 2021 رئيسة حكومة بلدها الصغير إستونيا المكون مع لاتفيا وليتوانيا لتجمّع ما يعرف باسم "دول البلطيق"، وهي جمهوريات سوفييتية سابقة أعلنت استقلالها مع فوضى انهيار الاتحاد السوفييتي في 1990-1991.

 وأصبحت دول البلطيق جزءا من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي(ناتو). وسطع نجم كالاس أكثر مع بداية غزو روسيا لأوكرانيا قبل عام ونصف العام، وحولت بلدها إلى أكثر المتحمسين لدعم كييف.

وتتزعم "المرأة الحديدية" حزب الإصلاح الليبرالي، الذي حققت من خلاله عودة ثانية إلى الحكم بعد انتخابات مارس/آذار الماضية بتحقيق 31 في المائة من الأصوات. قبل أسابيع كان اسم كالاس أحد الأسماء المطروحة تكهنا مع الدنماركية ميتا فريدركسن لخلافة أمين عام حلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، قبل أن يقبل الأخير، بضغط أميركي، تمديد ولايته حتى خريف العام القادم.

والكشف عن "الفضيحة"، كما توصف إعلاميا، بشأن أعمال زوجها، رفع مستوى الخطاب المعادي لها في الشارع، حيث عبّر بعضهم في وسائل الإعلام الإستونية المحلية عن رغبتهم في أن تستقيل من منصبها، بينما يرى آخرون أن لا شأن لها بتلك "الفضيحة".

الكشف عن "الفضيحة" بشأن أعمال زوج كالاس رفع مستوى الخطاب المعادي لها في الشارع

اتهامها بالتناقض بين سياساتها وخطابها ومقاطعة روسيا دفعها إلى دفاع مستميت عن نفسها بقولها: "ما زلت أعتقد أن كافة الأعمال التجارية مع روسيا يجب أن تتوقف طالما استمر العدوان الروسي على أوكرانيا".

 ونقلت المواقع الإستونية عن كالاس قولها:"حاولت دائما أن أفصل بين عملي وحياتي العائلية. لسوء الحظ، لقد انهار ذلك الآن. القضية تتعلق بأنشطة شريك زوجي التجاري. وشددت على أن ليس لدي أي اتصال أو نظرة عامة تفصيلية على نشاطه التجاري".

وبالفعل شددت كالاس الخناق على روسيا والتصرف خارج حزمة عقوبات الاتحاد الأوروبي، حيث منعت على سبيل المثال السكك الحديدية الإستونية من العمل في إمدادات النيكل لروسيا أو شركاتها.

 وبرغم مجادلة كالاس وزوجها بأن شركة "ستارك لوجيستكس" لم تنتهك العقوبات الأوروبية أو القواعد غير المكتوبة أوروبيا، إلا أن المسألة تتعلق بأخلاق السياسيين عند الناخبين المطالبين باستقالتها.

بالطبع التقطت المعارضة هذه القضية للمطالبة باستقالتها والذهاب إلى انتخابات مبكرة، متسلحين بمطالب حزبي الوسط الآخرين المشاركين في حكومة ائتلافية برئاسة كالاس لـ"تقديم أجوبة أكثر حول القضية أكثر"، وباستطلاعات الرأي التي تفيد، وفقا لما نشر في وسائل الإعلام المحلية، أن نحو 50 في المائة يطالبون باستقالتها.

ومن جهته دعا الرئيس الإستوني، آلار كاريس، كالاس إلى "توضيح الوضع"، وبعد ذلك يجب تقييم الخطوة التالية، على حد قوله.

واليوم الأربعاء، أفادت الأنباء أن قيادة حزب الإصلاح الليبرالي سوف يعقد اجتماعات لمناقشة القضية ومستقبل كالاس السياسي.

 وتعتبر تصريحات قيادات نافذة في الحزب، مثل البرلماني ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان ماركو ميكلسون، أن الأمر بات يتعلق "بمصداقية سياسات أستونيا على المستوى الدولي في دعم أوكرانيا ومواجهة روسيا". وقرر الحزب، الذي سيلتقي في نهاية الأسبوع القادم، عقد اجتماع موسع يوم الثامن من سبتمبر/ أيلول القادم مخصص للاستماع إلى أجوبة كالاس.

على كل، الموقف الحساس في إستونيا واندفاعها مع دول البلطيق لتأكيد استمرار دعم أوكرانيا يتعلق بمخاوف تاريخية من أن يكونوا التالين على لائحة الكرملين في سياسات التدخل حيث يقيم الناطقون بالروسية. وتثير دول البلطيق بشكل دائم تلك المخاوف أمام الحلفاء الغربيين، الذين دفعوا أيضا بتعزيزات عسكرية أطلسية أكبر نحو الدول الثلاث منذ انطلاق الحرب في أوكرانيا.

 

 

المساهمون