هل تسلم ألمانيا دبابات ليوبارد 1 القتالية لأوكرانيا؟

12 ابريل 2022
دبابة قتالية من طراز "ليوبارد 1"(Getty)
+ الخط -

على وقع المواقف المتذبذبة في العاصمة البلجيكية بروكسل حول فرض المزيد من العقوبات على نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الإثنين، طالبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا باربوك بتزويد أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة بأسرع وقت ممكن للدفاع عن نفسها بوجه القوات المسلحة الروسية التي تتحضر لهجوم متوقع في شرق أوكرانيا. توازياً، أعلنت شركة ألمانية عن جاهزيتها لتزويد كييف بدبابات "ليوبارد-1"، مبرزة ضرورة موافقة الحكومة الألمانية.

شركة ألمانية جاهزة لتزويد كييف بدبابات "ليوبارد-1"

وبرز أمس، الإثنين، إعلان مجموعة "راينميتال" الألمانية لتصنيع الأسلحة عن استعدادها لتسليم ما يصل إلى 50 دبابة قتالية من طراز "ليوبارد 1"، بالإضافة إلى 70 مدرعة من طراز "ماردير"، بحسب صحيفة "هاندلسبلات".

وبحسب المجموعة المصنعة للأسلحة، فمن الممكن تسليم أول دبابة قتالية من طراز "ليوبارد 1" خلال 6 أسابيع، بينما يمكن تسليم المدرعات من طراز "ماردير" في غضون ما بين 6 و8 أشهر، تسلم أول 10 مدرعات منها في غضون 5 أسابيع، في حال وافقت الحكومة الاتحادية على ذلك. 

وأشار المدير التنفيذي للمجموعة أرمين بابرغر إلى أن المركبات يتم فحصها حالياً، ويمكن تدريب الجنود الأوكرانيين عليها في غضون أيام قليلة، علماً أن دبابات ليوبارد 1 قديمة العهد، ويستخدم الجيش الألماني منها حالياً النموذج "ليوبارد 2". 

وفي خضم ذلك، أشارت شبكة "ايه آر دي" الإخبارية إلى أن مسؤولي لجان الدفاع في ائتلاف إشارات المرور الألماني المكون من الاشتراكي الديمقراطي والخضر والليبرالي الحر، يدعمون تسليم "ليوبارد 1" إلى القوات المسلحة الأوكرانية.

وقالت المتحدثة باسم السياسة الدفاعية في حزب الخضر سارة ناني، لصحيفة "هاندلسبلات"، إن استخدام هذا النوع من الدبابات ليس بالمهمة السهلة، لكن الأوكرانيين يعلمون أكثر مني ما إذا كان هذا النوع سيساعدهم في مواجهة القوات الروسية أم لا.

فيما اعتبر المتحدث باسم اللجنة في الحزب الليبرالي الحر ماركوس فابر أنه يجب إيجاد طريقة لإرسال المدرعات إذا ما أرادها الأوكرانيون، قبل أن يستدرك قائلاً إن النقطة الأساسية أنه ينبغي التدريب على "ليوبارد 1" بشكل مكثف. 

على المقلب الآخر، شككت رئيسة لجنة الدفاع الألمانية في البرلمان (البوندستاغ)، ماري أغنيس شتراك تسيمرمان، في حديث مع مجلة "فرتشافتسفوخه"، بعرض مجموعة راينميتال القاضي بتسليم 50 دبابة قتالية "ليوبارد 1" لأوكرانيا.

وأوضحت تسيمرمان أن "تسليم هذا النوع من الدبابات إلى أوكرانيا، ومهما كان حجمها، لن يؤدي إلى أي تغيير ميداني، إن لم يكن باستطاعة القوات الأوكرانية التعامل معها".

غير أن تسيمرمان لفتت في الوقت عينه إلى أنها تدعم مطالب باربوك، قائلة إنه "ومع كل العروض المفيدة يجب أن تدرك الصناعة الألمانية أنها لا يمكن أن تستخدم أوكرانيا للتخلص من الأسلحة التي لم تعد ترغب بها"، دون إيضاح ما هو نوع الأسلحة المقصودة.

وبدلاً من ذلك، اقترحت رئيسة لجنة الدفاع الألمانية أن يقوم الشركاء في أوروبا الشرقية بتسليم الأسلحة الثقيلة لأوكرانيا من المخزونات الروسية السابقة والتي يمكن استخدامها على الفور، لا سيما أن الدبابات الألمانية تتطلب التدريب أولاً، ويمكن لألمانيا الاستبدال والتعويض عنها لشركائنا في عمليات التسليم المقبلة.  

يذكر أنه وحتى الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي كانت ألمانيا مترددة لأسباب تاريخية، في إرسال أسلحة إلى كييف التي طلبتها في مواجهة التوتر المتصاعد مع موسكو. لكن المستشار أولاف شولتز تبنى موقفاً مغايراً وتلقت القوات الأوكرانية بالفعل أسلحة مضادة للدبابات وقاذفات صواريخ وصواريخ أرض-جو من برلين.

لكن النزاع في أوكرانيا يكشف تدريجياً الوضع "المقلق" للجيش الألماني حسب مفوضة الدفاع في البرلمان (البوندستاغ) إيفا هوغل، بينما تحدث أحد كبار الضباط عن جيش بري "لا يملك شيئاً".

ودعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، الخميس، أعضاء الناتو إلى إمداد بلاده بسرعة بمزيد من المعدات العسكرية بما في ذلك أسلحة ثقيلة، وقال "من الواضح أن ألمانيا يمكنها أن تفعل المزيد نظراً لاحتياطاتها".

وكان الأوكرانيون قد طلبوا بشكل خاص من برلين تسليمهم مئة مركبة مدرعة من نوع ماردر. ويملك الجيش الألماني هذه الآليات التي تنتجها شركة "راينميتال" الألمانية. 

وذكرت وسائل إعلام ألمانية أن مسألة تسليم هذه الآليات قيد المناقشة من قبل خبراء الأمن الحكوميين لأنها تثير تساؤلات حول الجدوى الفنية والتأخيرات اللوجستية والحفاظ على تحديث الترسانة الألمانية.

برلين تتحفظ

 

في غضون ذلك، لم يتخذ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في لوكسمبورغ قراراً بشأن القيود المحتملة على النفط والغاز الروسي، فيما لاقى طرح وزير الخارجية الألماني تحفظاً.

هذا التحفظ مرة أخرى كان من المستشار الألماني أولاف شولتز نفسه، إذ قال، مساء الإثنين، في برلين، إن ألمانيا سلمت أسلحة لحكومة كييف، وستواصل فعل ذلك، لكنها لن تتصرف من دون التنسيق مع الشركاء في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وفي رد مبطن على باربوك، قال المستشار الألماني إنه "لا ينبغي لأحد أن يمضي قدماً في ذلك ولا حتى ألمانيا، لأن ذلك سيكون خطأ فادحاً"، مشيراً إلى أن "برلين لعبت دوراً خاصاً في الحرب الأوكرانية".

ورأى أن هذا القرار يضع الاشتراكي الديمقراطي وحزبي اليسار والبديل من أجل ألمانيا في موقف موحد.

في المقابل، وأمام مطالبات الوزيرة باربوك بتسليم الأسلحة النوعية من دبابات وطائرات مقاتلة وسفن حربية وقطع مدفعية، أشارت صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" الألمانية إلى أنه وفقط بمزيد من الضغط الاقتصادي على روسيا والأسلحة الكافية لأوكرانيا يمكن أن يتعرض بوتين للهزيمة.

ومضت تقول: "إن برلين تباطأت في كليهما لفترة ليست بالقصيرة"، معتبرة أن "حجج الحكومة الألمانية ضد التخلي الفوري عن الغاز الروسي لها أهميتها، خاصة أن القرار لا يتعلق فقط بألمانيا، بل يتعلق أيضاً بدول الاتحاد الأوروبي التي تعتمد تنميتها بشكل كبير على علاقتها ببرلين".

أهمية الأسلحة الثقيلة في مسار الحرب

ويأتي ذلك، بينما جدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس الإثنين، تحذيره من مغبة التلكؤ أو رفض تقديم المساعدة لأوكرانيا خوفاً من تصعيد نووي.

ومن المعلوم أن الاتحاد الأوروبي بصدد تقديم 500 مليون يورو إضافية، مع الترجيح أن يرتفع المبلغ بزيادة 1.5 مليون يورو لتزويد أوكرانيا بالسلاح، إلا أنها لا تزال بحاجة إلى موافقة البرلمانات الوطنية الأوروبية. 

وفي هذا الصدد، ذكرت الصحيفة الألمانية أن الأسلحة الثقيلة كان من الممكن أن تحدث تغييراً سريعاً وتأثيراً فورياً في مسار الحرب منذ أن بدأت في 24 من فبراير/شباط الماضي.

ولفتت إلى أن الأسلحة الثقيلة على عكس القيود على الغاز التي سيكون تأثيرها متأخراً على الاقتصاد الروسي لن توقف حملة بوتين على الفور. 

وأشارت من جهة ثانية إلى أن برلين كانت مترددة وبيروقراطية وحذرة من انزعاج بوتين منها، ولكن لم يفت الأوان بعد للتراجع. 

وهذا تحديداً ما أشار إليه زيلينسكي في محادثة هاتفية مع شولتز، قبل يومين، مبرزاً أن الموقف الألماني تبدل لصالح أوكرانيا، متوقعاً تنفيذ ما تمت مناقشته مع المستشار، قبل أن يعود ويدعو، أمس الإثنين، أمام البرلمان الكوري الجنوبي إلى تسريع تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا.