هل تستغل مارين لوبان احتجاجات فرنسا لصالحها انتخابياً؟

08 يوليو 2023
خطاب لوبان يقوم على كراهية الأجانب (إيمانويل دوناند/ فرانس برس)
+ الخط -

في أول خطاب لها في البرلمان مع انحسار الاحتجاجات في فرنسا هذا الأسبوع، اتهمت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان الحكومة بتحويل البلاد "جحيما" كانت قد توقعته.

وقالت لوبان، البالغة 54 عاماً، "الحقيقة أنكم لم ترغبوا في سماع أي من التحذيرات". ويشكل نواب حزبها، وعددهم 89، أكبر حزب معارض في البرلمان منذ انتخابات العام الماضي.

وأضافت: "توقعنا ما يحدث رغم الصعوبات الشديدة. للأسف كنا على حق".

كثيرا ما تحدثت لوبان ووالدها جان ماري عن زوال فرنسا، بل عن حرب أهلية، منذ أن ركزت خطاباتهما المتشائمة في سبعينيات القرن الفائت على وجود أجانب في فرنسا.

وتابعت: "أولا وقبل كل شيء، نحتاج إلى وقف الهجرة الفوضوية".

ولا تزال تداعيات أعمال العنف الأسوأ في المدن الفرنسية منذ 2005 غير مؤكدة، ما يثير تكهنات بشأن الجهة المستفيدة من انهيار القانون والنظام الذي هز ملايين الفرنسيين.

وسعت لوبان وسواها من اليمين لإلقاء اللوم في أعمال النهب الواسعة والاشتباكات على مجتمعات من أصول مهاجرة، معظمها من مستعمرات فرنسية سابقة في أفريقيا، استقرت في ضواحي بلدات ومدن منذ الستينيات.

ورغم اشتعال الاحتجاجات على خلفية اتهامات بممارسة الشرطة القسوة والعنصرية إثر مقتل الشاب نائل (17 عاما)، وهو من أصول جزائرية، في باريس، يشعر العديد من المحللين بأن وعد اليمين المتطرف بقمع حازم للجريمة والهجرة يمكن أن يجذب مزيدا من الأشخاص.

وقال أوليفييه بابو، المؤسس المشارك لمعهد "سابينز" للدراسات الذي يميل إلى اليمين، لـ"فرانس برس": "أعتقد أننا سنرى زيادة بعدة نقاط لحزب التجمع الوطني في امتداد للمكاسب اللافتة التي حققها في السنوات القليلة الماضية"، مضيفاً: "من دون أن يفعلوا أو يقولوا أي شيء، تساعدهم الأحداث في إقناع جزء من الشعب".

سجلت لوبان أفضل نتيجة لها في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، ونالت 41,5 بالمئة في الدورة الثانية، ثم احتفلت بنتائج انتخابات برلمانية قياسية بعد شهرين.

ويوافق جان إيف كامو، الباحث في شؤون اليمين المتطرف لدى صندوق "جان جور"، على أن لوبان والسياسي الأكثر تطرفا والمعادي للإسلام إريك زيمور، يبدوان الأكثر احتمالا لتحقيق مكاسب من الاحتجاجات.

وقال لـ"فرانس برس": "هناك خطر أن يستفيد إريك زيمور ومارين لوبان من الوضع، وخصوصا خلال الانتخابات الأوروبية المرتقبة العام المقبل".

رد الحكومة

سعت الحكومة للرد على الخطاب الذي يدفع به اليمين المتطرف وحزب "الجمهوريين" والقائل إن المهاجرين هم المسؤولون عن الاضطرابات، التي تضرر فيها 273 مبنى تعود إلى قوات الأمن و168 مدرسة.

وصرح وزير الداخلية جيرار دارمانان أن 90 بالمئة من قرابة 3000 شخص، أوقفوا في خمس ليال من الاحتجاجات الأعنف، هم فرنسيون.

وقال دارمانان: "نعم، هناك البعض الذين قد يكونون من خلفيات مهاجرة"، في إشارة إلى سجلات أسماء الموقوفين التي اطلع عليها خلال جولته على مراكز الشرطة.

"لكن هناك أيضا العديد من (أسماء) كيفن وماتيو أيضا"، على ما قال أمام مجلس الشيوخ الأربعاء.

أضاف: "هذا التحليل القائم على الهوية يبدو خاطئا بالنسبة إلي"، معترفا في الوقت نفسه بأن المسألة المتعلقة بأفضل طريقة لدمج المهاجرين "مثيرة للاهتمام".

ويعتقد كامو أن بعض الناخبين يمكن أن يعطوا الفضل للحكومة لسيطرتها على الاحتجاجات في أقل من أسبوع، مع نشر ما يصل إلى 45 ألف عنصر من قوات الأمن.

والاحتجاجات، التي اندلعت على مستوى البلاد في 2005، استمرت نحو ثلاثة أسابيع، لجأت خلالها الحكومة إلى فرض حالة طوارئ.

وقال كامو لـ"فرانس برس": "من دون الاضطرار للجوء إلى حالة طوارئ ومع استراتيجية الرد التدريجي، أظهرت الحكومة أنها قادرة على احتواء التحرك".

انقسامات في اليسار

اعتبر الرئيس إيمانويل ماكرون أن مقتل الشاب "لا يمكن تفسيره... وغير مبرر"، إثر اندلاع الاحتجاجات عقب إطلاق شرطي النار من مسافة قريبة على الشاب نائل، الذي كان يقود سيارة في حي بغرب باريس.

ووعد ماكرون برد، لكن إصلاحا كبيرا للشرطة دعا إليه اليسار لا يزال خارج النقاش.

ركز ماكرون حتى الآن على كيفية محاسبة الأهالي الذين يرتكب أبناؤهم جرائم، على وقع الصدمة من أعمار العديد من المحتجين الفتيان.

والتحالف اليساري على خلاف أيضا مع زعيم حزب "فرنسا الأبية" الراديكالي جان لوك ميلانشون، ما تسبب أيضا في انقسامات مع حلفائه الاشتراكيين والشيوعيين لعدم دعوته بشكل قاطع إلى الهدوء.

وكان قد اعتبر أن الاحتجاجات تعكس "فقراء يتمردون".

وانتقدته صحيفة "لوموند" التي تميل إلى اليسار في مقالة قالت فيها إنه "على خلاف مع مطلب قوي جدا بإرساء النظام تزداد شعبيته في الرأي العام".

وكتبت الخميس: "في بلد هزته خمسة أيام من أعمال العنف في مدن، اليسار لا يطمئن".

(فرانس برس)

المساهمون