هل تستطيع روسيا تحمل خوض حرب طويلة في أوكرانيا رغم العقوبات؟

12 ابريل 2022
تستخدم روسيا نصف قواتها القتالية حاليّاً في أوكرانيا (Getty)
+ الخط -

يقول خبراء في مجال الدفاع والاقتصاد إن بإمكان روسيا تحمّل خوض حرب طويلة في أوكرانيا رغم العقوبات التي يفرضها الغرب عليها بهدف شلّ قدرتها على مواصلة الحرب.

وأدى الغزو الروسي إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز والحبوب التي تصدرها، ما وفّر لها مكاسب كبيرة غير متوقعة لتمويل "عمليتها العسكرية الخاصة" التي بدأت تدخل الآن مرحلة جديدة مع تركيز موسكو على منطقة دونباس الشرقية، بعد إخفاقها في اختراق دفاع أوكرانيا عن العاصمة كييف.

ومع استمرار الحرب، فقد يثبت أن تزايد الخسائر البشرية وضرورة تناوب القوات في المعركة يمثلان تحديين أكثر إلحاحا من الكلفة المالية.

وقال جاكوب كيركيغارد، الخبير الاقتصادي في معهد بيترسون للاقتصادات الدولية بواشنطن: "يمكن تمويل هذا النوع من الحرب منخفضة التقنية بشكل شبه كامل بالروبل، ما يعني أنه يمكنهم الاستمرار في إرسال القوات والمدفعية الثقيلة إلى أوكرانيا على الأقل حتى يحدث انهيار عام بشكل أكبر للاقتصاد".

وقال يوهان نوربيرغ، كبير المحللين في وكالة أبحاث الدفاع السويدية، إن "العقوبات لن تؤثر على هذه الحرب على المدى القصير، لأن الجيش الروسي يقاتل بالدبابات التي بناها بالفعل، والجنود الذين دربهم بالفعل".

ويقول البنك الدولي إنه من المتوقع أن تؤدي العقوبات إلى تقليص الاقتصاد أكثر من 11 في المئة هذا العام، ولكن إيرادات روسيا من صادرات الطاقة آخذة في الازدياد بشكل فعلي.

أدى الغزو الروسي إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز والحبوب التي تصدرها، ما وفر لها مكاسب كبيرة غير متوقعة لتمويل "عمليتها العسكرية الخاصة"

وقالت وزارة المالية الروسية، في الخامس من إبريل/نيسان، إن موسكو تتوقع تحقيق 9.6 مليارات دولار من العائدات الإضافية من مبيعات الطاقة في إبريل/ نيسان وحده، بفضل ارتفاع أسعار النفط التي لا تزال عند نحو 100 دولار للبرميل.

ولكن ما من شك في أن الآلة العسكرية التي تتباهى بها روسيا تلقت ضربة قوية ومكلفة.

وقال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن الولايات المتحدة تقدّر أن روسيا فقدت ما يراوح بين 15 في المئة و20 في المئة من قوتها القتالية خلال غزوها لأوكرانيا.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن ذلك يشمل كل شيء، من دبابات وعربات مدرعة وأنظمة مدفعية وطائرات مقاتلة وقاذفة ومروحيات إضافة إلى صواريخ أرض جو وصواريخ باليستية.

دبابات مفقودة

وتفيد مدونة "أوريكس"، وهي مدونة عسكرية تحصي خسائر الطرفين بناء على أدلة مرئية يمكن التحقق منها، بأن روسيا فقدت 2770 قطعة من المعدات العسكرية على الأقل حتى اليوم، الثلاثاء، منها 476 دبابة على الأقل تم تدميرها أو ألحقت بها أضرار أو تم التخلي عنها أو الاستيلاء عليها.

ويقول يوهان مايكل، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن هذا العدد من الدبابات أكبر من مجموع ما لدى فرنسا (222 دبابة)، وبريطانيا (227 دبابة)، العضوين بحلف شمال الأطلسي.

الأمر قد يستغرق ما بين عشرة أعوام و20 عاماً للوصول من جديد لمستويات المعدات التي كانت متوفرة قبل الحرب

ولا توشك دبابات روسيا على النفاد، إذ تفيد بيانات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بأنها كانت تملك نحو ثلاثة آلاف دبابة قبل الحرب. لكن الخبراء يقولون إن بعض دباباتها ربما تكون متقادمة أو في حالة متهالكة أو تنقصها قطع غيار، لذلك فإن العدد الفعلي للدبابات الصالحة للقتال أقل من ذلك.

وقال ماثيو بوليغ، المتخصص في شؤون الجيش الروسي لدى مركز دراسات "تشاثام هاوس"، إن موسكو لم تستخدم بعد ما لديها من أسلحة حديثة تخشى فقدها، واعتمدت بكثافة على معدات ثقيلة موجودة لديها بوفرة وترجع للعهد السوفييتي.

وأضاف أن الأمر قد يستغرق ما بين عشرة أعوام و20 عاما للوصول من جديد لمستويات المعدات التي كانت متوفرة قبل الحرب، وهي مهمة معقدة بسبب عدة عوامل، منها تحديات التصميم والتحديث والفساد، ومديونيات شركات الدفاع، وعدم القدرة على الحصول على الإلكترونيات الدقيقة المنتجة في الغرب بسبب العقوبات.

عبء عسكري

قال ريتشارد كونولي، الزميل بالمعهد الملكي المتحد للخدمات في لندن ومدير مجموعة "إيسترن" للاستشارات، إن الإنفاق العسكري الروسي بحاجة للارتفاع بسبب الحرب في أوكرانيا وما نتج عنها من زيادة حادة في التوتر مع حلف شمال الأطلسي.

وأضاف أن الإنفاق الدفاعي كحصة من الناتج المحلي الإجمالي يمكن أن يرتفع بشكل كبير عن مستواه الحالي البالغ حوالي أربعة في المئة، ومن المحتمل أن يتضاعف في السنوات القليلة المقبلة.

وقال كونولي إن المواطنين الروس العاديين سيشعرون بالتأثير، لكن الدولة يمكن أن تدفع ثمن المجهود الحربي بدون عناء، حتى لو دخل اقتصادها في حالة ركود. وإذا لزم الأمر، يمكن لروسيا الاستيلاء على موارد مثل الوقود من الشركات المملوكة للدولة.

وأشار إلى أن السؤال الأكثر إلحاحا هو مستوى الخسائر البشرية وصعوبة استمرار حرب يشارك فيها ما يصل إلى 150 ألف جندي في وقت واحد.

واعترفت روسيا حتى الآن بمقتل 1351 جنديا فقط وبإصابة 3825 آخرين، على الرغم من أن أوكرانيا والحكومات الغربية تعتقد أن العدد أكبر بعدة مرات.

وقال كونولي إن روسيا قد تضطر في نهاية المطاف إلى اتخاذ قرار لا يحظى بشعبية من الناحية السياسية بالاستعانة بقوات الاحتياط، والتي يقدرها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بمليوني رجل تقل أعمارهم عن 50 عاما في الخدمة العسكرية خلال السنوات الخمس الماضية.

وأضاف كونولي: "إذا كان لديك 150 ألفا في أوكرانيا، فإن نصف جيشك مشترك بالفعل في عمليات قتالية، وتعرض الكثير منهم لخسائر كبيرة، لذلك هم بحاجة للاستبدال والمناوبة. تستخدم روسيا جيشها بالكامل أو سيصبح الأمر كذلك إذا استمرت الحرب لفترة أطول".

(رويترز)