هل تدفع فرنسا إلى حوار وطني في تونس؟

05 أكتوبر 2021
أثار ماكرون مع سعيد مسألة أجندة الإصلاحات في تونس (Getty)
+ الخط -

لم تفصح الرئاسة التونسية عن أي شيء بخصوص حوار وطني مزمع تعهد به الرئيس قيس سعيد لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي، بحسب ما كشفته الرئاسة الفرنسية، السبت الماضي، وفاجأت به الجميع في تونس. 
وأوضحت الرئاسة الفرنسية، في بيان، أن ماكرون أعلن أنه يتابع باهتمام بالغ الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية في تونس. كما أثار مسألة أجندة الإصلاحات المنتظرة من الشعب التونسي والمجتمع الدولي. وأضافت أن ماكرون أعرب عن تمسكه بترتيب حوار يجمع كل مكونات الشعب التونسي حول إصلاح المؤسسات. ونقل البيان عن سعيد قوله إن الحكومة ستكون جاهزة خلال أيام، وإنه سيجري إطلاق حوار وطني في أعقاب ذلك.

تساءل الجميع عن شكل الحوار ومكوناته وتوقيته وأهدافه، وإن كان سيتم أصلاً

وبقدر مفاجأة جميع المكونات السياسية في تونس من هذا التطور، فإن الجميع أكد ضرورة الحوار مبدأ وحلاً وحيداً للخروج من الأزمة، من دون أن يقلل ذلك من حجم التساؤل عن شكل هذا الحوار ومكوناته وتوقيته وأهدافه، وإن كان سيتم أصلاً، بالنظر إلى المواقف السابقة للرئيس من فكرة الحوار، ورفضه لذلك في مناسبات عديدة.
وبدا لافتاً زيارة السفير الفرنسي أندري باران، قبل يوم من المكالمة، مقر الاتحاد العام التونسي للشغل، وعقده اجتماعاً مع أمينه العام نور الدين الطبوبي. وبحسب بيان للاتحاد فقد أكد السفير الفرنسي "أهمية دعم التجربة التونسية وإنجاحها"، مشدداً على أن "فرنسا أقرت العزم على مواصلة مساعدة تونس في مقاومة فيروس كورونا وتعزيز العلاقات بين الشعبين في المجالات الاقتصادية والاجتماعية". وأشار إلى أن السفير الفرنسي ثمّن "دور الاتحاد العام التونسي للشغل في لعب دوره الوطني في كافة المراحل التي مرت بها البلاد". 
وبحسب البيان، فقد تطرق الطبوبي لموضوع تأشيرات دخول التونسيين إلى فرنسا، و"تم تأكيد إيجاد حلول للملفات المطروحة، وعدم التضييق على التونسيين"، مؤكداً حرية التنقل وأهمية تسهيل الإجراءات، وعدم الحد من سفر التونسيين، بما يساعد البلاد في هذا الظرف على تجاوز عقبات التشغيل والدراسة وغيرها.

واعتبر مدير مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي، عدنان منصر، أن "أول بيان من الرئاسة الفرنسية، بعد إجراءات 25 يوليو/تموز الماضي، تحدث عن ضرورة وضع خريطة طريق، والحديث عن الحوار في المكالمة الأخيرة امتداد طبيعي للموقف الفرنسي". وأكد أنه "حصل نوع من العتاب للرئاسة التونسية بسبب وعود لم تطبق. وبيان الرئاسة التونسية لم يذكر ما ذكرته الرئاسة الفرنسية، ما يوضح أن في الموقف الفرنسي ما لا يعجب سعيد كثيراً".
وبين منصر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "بعد 22 سبتمبر/أيلول الماضي أصبح الحديث واضحاً عن ضرورة حوار وسقف زمني، ما يدل على أن ماكرون طلب من سعيد فتح باب الحوار، وكأن هناك قناعة أن الوضع في تونس لا يمكن أن يستمر بشخص واحد، وسلطات من دون سقف زمني، وهذا موقف فرنسا الذي يتقاطع مع طلبات الداخل التونسي". وقدر أن يكون سعيد "هو الذي بادر بالمكالمة، للتأكد من الموقف الفرنسي وترتيب القمة الفرنكوفونية، خصوصاً بعدما راج حديث حول إمكانية تغيير مكانها". وبين أن "فرنسا قد تشترط الإبقاء على القمة في تونس مقابل الحوار، وهذا محتمل ومعمول به دبلوماسياً"، مشيراً إلى أن "فرنسا تدعم الحوار دائماً، وهو ما تبين حتى خلال تجربة الرباعي الراعي للحوار في 2013 وهي تعتبر أن الاتحاد (الشغل) قوة لا يمكن تجاوزها، وهو موقف طبيعي". وذكر نصر بأن "فرنسا كانت من الموقعين على بيان مجموعة السبع، وهو موقف حاد وملزم"، لكنه أشار إلى أنه "لا يبدو أن سعيد يتعاون كثيراً، ليكون موقف داعميه أفضل".

عدنان منصر: حصل نوع من العتاب للرئاسة التونسية بسبب وعود لم تطبق

وحول شكل الحوار والمشاركين فيه، أعلن منصر أن سعيد "قد يدعو الاتحاد العام التونسي للشغل والمنظمات للحوار، ولكن لا أعتقد أنه سيلتقي الأحزاب، فلا مؤشرات على ذلك إلى حد الآن، وبالتالي سيكون حواراً بمنطق سعيد في اعتقادي".
وكان سفراء مجموعة الدول السبع في تونس قد أصدروا بياناً، مطلع سبتمبر، حول الأوضاع في البلاد، حثوا فيه على "سرعة العودة إلى نظام دستوري يضطلع فيه برلمان منتخب بدور بارز، وعلى الحاجة الماسّة لتعيين رئيس حكومة جديد حتّى يتسنّى تشكيل حكومة مقتدرة تستطيع معالجة الأزمات الراهنة التي تواجه تونس على الصعيدين الاقتصادي والصحي، ما من شأنه أن يفسح المجال لحوار شامل حول الإصلاحات الدستورية والانتخابية المقترَحة". ودعوا "خلال تبلور هذا المسار إلى الالتزام العام باحترام الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية لجميع التونسيين، واحترام سيادة القانون". 
وكان الأمين العام لحركة الشعب، المساندة لسعيد، زهير المغزاوي، أعلن، أمس الاثنين، أن "رئيس الجمهورية أعلمه بأنه سيدعو إلى حوار إثر إعلان تركيبة الحكومة". وقال المغزاوي، في تصريح لإذاعة "موزاييك"، إن ''حركة النهضة لن توجه لها الدعوة للمشاركة في الحوار، لأنها جزء من المشكل، ولأنها المسؤولة عن الخراب في البلاد". 

تقارير عربية
التحديثات الحية
المساهمون