هل تأجل لقاء صالح والمشري في الزنتان أو تم إلغاؤه؟

05 ديسمبر 2022
ترجيح عقد لقاء صالح والمشري بالقاهرة (أرشيف/ دنيس باليبوز/ فرانس برس)
+ الخط -

بعد تعذر لقاء رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، في مدينة الزنتان، أقصى غرب البلاد، ما زال السؤال يدور حول فشل اللقاء أو تأجيله، في ظل تباين حول حقيقة ما جرى، لا سيما أن طرفي اللقاء التزما الصمت، فيما كانت البعثة الأممية الجهة الوحيدة التي أعلنت تعذر إجراء اللقاء، دون أن يحمل بيانها جوابا واضحا بخصوص الدواعي وراء ذلك.

وكان من المقرر أن يلتقي صالح والمشري، أمس الأحد، لمناقشة ملفي المناصب السيادية وتوحيد السلطة التنفيذية، بالإضافة لدعوة اللجنة الدستورية المشتركة لاستئناف اجتماعاتها للمضي في إنجاز قاعدة دستورية للانتخابات، بحسب ما كشفت عنه مصادر مقربة من المجلسين لـ"العربي الجديد" في تصريحات سابقة. إلا أن رئيس البعثة الأممية في ليبيا، عبد الله باتيلي، فاجأ الجميع بإعلانه، ليل السبت، عن تعذر إجراء اللقاء في الزنتان "لأسباب لوجستية".

وتوجه باتيلي إلى المجلسين بضرورة "الاتفاق على مكان وموعد مقبولين للطرفين لعقد اجتماعهما الذي يتعين أن يخرج بمقترحات ملموسة وقابلة للتنفيذ وذات أطر زمنية محددة لإيجاد مخرج توافقي من هذه الأزمة"، كما دعا المجلسين والمجلس الرئاسي أيضا لـ"الدخول في حوارٍ سعياً إلى إيجاد حل وتسريع الجهود الجارية".

واعتبر الباحث في الشأن السياسي، سلامة الهلوب، أن تباينا حدث في الرؤى حول محور اللقاء بين صالح والمشري من جهة، وباتيلي من جهة أخرى، موضحا لـ"العربي الجديد" أنه في حين يريد باتيلي تفعيل عملية تفضي إلى إجراء الانتخابات، يريد صالح والمشري جعل الأولوية لملفي المناصب السيادية، وتوحيد السلطة التنفيذية.

ويعتقد الهلوب أن هذا التباين هو سبب تأجيل اللقاء، لكنه في الوقت ذاته يرى أن بيان باتيلي يحمل أحد أمرين. وتابع موضحا: "الأول أن تغيير الحكومة لم يكن واردا ضمن بنود اللقاء، وعقيلة والمشري هما من دفعا به، وبالتالي تراجع باتيلي وألغى الاجتماع، وفضل أن يخرج بهذا البيان للتأكيد على براءة البعثة مما كان يحضر له عقيلة والمشري بشأن الحكومة".

أما الأمر الثاني وفق الهلوب فهو أن "بند تغيير الحكومة كان مقررا أن يكون بعد بند الانتخابات وإطارها الدستوري، لكن صالح والمشري جعلا تغيير الحكومة ضمن أولويات النقاش، وهذا ما دفع باتيلي لإلغاء الاجتماع، ولسان حاله يقول لعقيلة والمشري إن الاتفاق على موعد للانتخابات وقاعدة دستورية شرط لتغيير الحكومة".

صعوبة التنفيذ

في المقابل، تختلف آراء أعضاء مجلسي الدولة والنواب. وفي هذا الإطار، اتهم عضو مجلس النواب، جبريل أوحيدة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، بتعطيل اللقاء. وقال لـ"العربي الجديد": "من الواضح أن الدبيبة هو من لم يسمح بإجراء لقاء الزنتان، وضغط على المجلس البلدي بالزنتان لعدم قبول إجراء اللقاء في المدينة، لأن محور النقاش ليس في صالحه، وهو التفاهم على المناصب السيادية وتوحيد السلطة التنفيذية".

وأكثر من ذلك يرى أوحيدة أن لقاء صالح والمشري تواجهه عقدة الجمع بين الملفات الثلاثة جملة واحدة، (القاعدة الدستورية والمناصب السيادية وتوحيد الحكومة). وقال: "حتى لو تم الاتفاق، فمن الصعب تنفيذ ما اتفق عليه في ظل الازدواج الحكومي ووجود الدبيبة على رأس السلطة في طرابلس".

كما أكد أنه "من الصعب فصل المسائل الثلاث عن بعضها، ففي حال تم التوافق على القاعدة الدستورية، لن تستطيع حكومة لا تسيطر على كل البلاد إجراء الانتخابات"، في إشارة لحكومة الدبيبة، ولهذا "من المهم توحيد الحكومة والمناصب السيادية"، على حد قوله. وفيما أعرب عن أمله في إجراء لقاء الرئيسين في أي مكان داخل ليبيا، إلا أنه يعتقد أن اللقاء قد يُجرى في القاهرة في حال تعذَّر إجراؤه محليا.

وفي السياق ذاته، أشارت عضو المجلس الأعلى للدولة، نعيمة الحامي، إلى وجود تقارب بين المجلسين أكثر من أي فترة سابقة، مبدية تفاؤلها بالنتائج. وقالت لـ"العربي الجديد" إن "اللقاء تم تأجيله، ولم يُلغَ أو يفشل"، مرجحة احتمال عقده في الزنتان يوم الأربعاء القادم في حال توفرت الظروف اللوجستية التي اعتبرتها البعثة الأممية سببا في تعذر إجرائه.

وتتفق الحامي مع أوحيدة في إمكانية عقد اللقاء في القاهرة، حال تعذره داخل البلاد، لكنها كشفت النقاب عن خطوة جديدة تتمثل في تقديم عدد من أعضاء مجلس الدولة طلبا للبعثة الأممية بشأن "عقدة جلسة موحدة مع مجلس النواب في مدينة غدامس"، غربي البلاد. وقالت إن الجلسة ستخصص "للتوافق حول قاعدة دستورية وقانون للانتخابات"، معبرة عن أملها أن تستجيب البعثة لذلك، لا سيما وأن مجلس الدولة صوّت على جاهزية القاعدة الدستورية.

أسباب سياسية

من جانبه، لفت أوحيدة إلى إمكانية أن يناقش مجلس النواب هذا الأمر خلال جلسة الغد الثلاثاء، "التي ستُعقَد في بنغازي برئاسة عقيلة صالح".

من جهة أخرى، يعتقد المحلل السياسي، فرج فركاش، أن أسباب إلغاء اجتماع الزنتان "ليست لوجستية فقط، بل سياسية في المقام الأول، بما فيها عدم نضج الاتفاق بين الرجلين"، مرجعا ذلك لـ"عدم التوافق حول شروط الترشح الخاصة بالعسكريين ومزدوجي الجنسية في القاعدة الدستورية".

ولفت فركاش في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى "وجود قوانين ليبية تمنع ترشح هاتين الفئتين ضمن الإعلان الدستوري، هذا بالإضافة للمعارضة الشعبية الواسعة لهذا الترشح"، مضيفا: "الزنتان هي إحدى المدن التي ترفض تمديد بقاء المجلسين اللذين يحاولان خلق أزمات تدفع لبقائهما في السلطة".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وأوضح فركاش أن التحجج بعدم "الجاهزية اللوجستية" لاستضافة المدينة للقاء "غير مقنع، فالزنتان منقسمة أيضا بين المعسكرين، والاجتماع كان محاولة من صالح والمشري لإدخال الزنتان في الصراع كما حاولا سابقا مع مصراتة وفشلا، وأعتقد أنهما قد سيحاولان الاجتماع مرة أخرى في ليبيا، لكن التوجه الآن قد يكون للاجتماع في القاهرة، وهذا سيلقى معارضة أيضا، كما أن باتيلي صرح برغبته في أن تكون الاجتماعات في ليبيا وأن الشأن ليبي خالص".

وحول مصير لقاء الزنتان قال فركاش: "بعد فشل اجتماع الزنتان، سمعنا عن محاولات لاجتماع صالح والمشري في القاهرة، وهناك أحاديث عن احتمال أن يتقابل المشري مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حال اتفاقه مع صالح على المسار القادم الخاص بتوحيد المناصب السيادية والحكومَة".

المساهمون