تشير معطيات إلى أن دور "اللواء الثامن"، التابع لـ "الفيلق الخامس" المدعوم من روسيا، يقترب من الانحسار في الجنوب السوري، تحت ضغوط روسية تطالبه بالانخراط الكامل في محاربة "داعش" في البادية السورية، وهو ما يلقى رفضا من قيادة اللواء حتى الآن.
وذكرت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن ما تبقى من قيادة اللواء، في مدينة بصرى الشام في ريف محافظة درعا الشرقي، ترفض إرسال مقاتلي اللواء لمحاربة تنظيم "داعش"، لسببين: الأول، أن ذلك يخالف شروط تسوية عام 2018 مع النظام السوري، والتي رعتها روسيا وتنص على عدم إرسال مقاتلي اللواء إلى خارج محافظة درعا، والثاني أن قيادة اللواء لا تريد القتال إلى جانب المليشيات الإيرانية المنتشرة في البادية السورية.
وأوضحت المصادر أن الضغوط الروسية تزايدت على قيادة اللواء في الآونة الأخيرة لإرسال مقاتلين إلى جبهات القتال في البادية السورية، وأبرز تلك الضغوط، قطع الرواتب عن مقاتلي اللواء الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ خمسة أشهر، وهو ما دفع الكثير من عناصر اللواء المقدر عددهم بـ 1600 عنصر إلى تركه والهجرة خارج سورية، خشية تعرضهم لعمليات اعتقال أو انتقام من جانب أجهزة النظام الأمنية.
وفي تقرير له اليوم السبت، قال موقع "تجمع أحرار حوران" أن روسيا تضغط على قيادة اللواء من أجل القبول بإنشاء معسكر لهم في البادية السورية، يكون مركز انطلاق لعناصرهم التي ستشارك في معارك عسكرية ضد تنظيم داعش، إضافة إلى قطع الرواتب بين الحين والآخر عن عناصر اللواء، وهو ما تسبب في زعزعة استقراره، ودفع مئات العناصر وقادة الدرجة الثانية إلى الهروب خلسةً إلى خارج البلاد، خاصة بعد سحب البساط بشكل جزئي من تحت اللواء وخسارته جزءا كبيرا من سلطته على المنطقة.
ونقل الموقع عن قيادي في اللواء قوله "إنّ عدم الحماية الكافية لعناصر اللواء في الآونة الأخيرة وانقطاع الدعم تدريجياً عنهم، إضافة إلى تحويل التبعية المباشرة إلى شعبة المخابرات العسكرية 265 في السويداء، دفعت عدداً من العناصر يتراوح بين 100 إلى 150 عنصراً إلى ترك اللواء، ومغادرة معظمهم إلى خارج البلاد".
وأضاف المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ من بين الفارّين "العشرات من قياديي الصف الثاني وقيادات المجموعات"، مشيراً إلى أنّ اللواء يقوم برفع أسمائهم على أنّهم فارون من الخدمة، مشيرا إلى أن الأوضاع الأمنية في مناطق سيطرة اللواء الثامن تتجه للأسوأ، من دون استبعاد أن تشن المخابرات الجوية عمليات أمنية وتنفيذ حملات اعتقالات فيها، لا سيما أنّ بعضها لم تخضع لعملية التسوية التي أجرتها اللجنة الأمنية مؤخراً في عموم محافظة درعا.
ورأى الناشط معاذ الحريري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن روسيا وصلت إلى قناعة كما يبدو أن دور اللواء قد انتهى في محافظة درعا، وأنه يجب تسليم زمام الأمور كلها لقوات النظام، لذلك لا تبالي بموقف قيادة اللواء وعناصره الرافضين للتوجه إلى معارك البادية السورية ضد تنظيم داعش والتي تبتلع كل يوم المزيد من عناصر قوات النظام والمليشيات الإيرانية.
وأضاف الحريري أن اللواء الثامن يبدو اليوم في موقف لا يحسد عليه، سواء وافق على القتال في البادية، ما يعني دفع عناصره إلى مصير مجهول، وزجهم في معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، أو تمسكوا برفضهم لهذه الضغوط. وفي هذه الحال، مع انقطاع الدعم المالي، ورفع الغطاء الأمني عنهم، سوف يتسرب العناصر إلى خارج اللواء، وسوف يفضل من يستطيع منهم المغادرة خارج البلاد، لأنهم لا يأمنون تعرضهم للاغتيال أو الاعتقال من جانب الأمن العسكري التابع للنظام.
وفي بلدة معربة بريف درعا الشرقي، أخلى اللواء الثامن جميع حواجزه المنتشرة على مداخل البلدة، وذلك نتيجة لتخلّي عدد كبير من العناصر عن اللواء، وفرار بعضهم الآخر إلى خارج البلاد.
وتشكل "اللواء الثامن" في يوليو تموز 2018 بقيادة أحمد العودة، قائد ما كان يسمى "فرقة شباب السنة" التابعة للجيش الحر، بعد سيطرة النظام السوري على محافظة درعا، ويضم نحو 1600 عنصر، معظمهم عناصر سابقون في فصائل الجيش الحر.
وغادر العودة محافظة درعا في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، إلى الأردن عبر معبر نصيب الحدودي، مع وصول عملية التسوية وتسليم السلاح إلى مناطق نفوذه شرق درعا، والتي استثنت مركز قيادة اللواء في مدينة بصرى الشام وبلدة معربة، ليطل في نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني بصور من روسيا من دون توضيح سبب وجوده هناك.