لا تشهد قضية قاتل الخبير الأمني والباحث العراقي هشام الهاشمي أي تطورات على مستوى التحقيق أو الوصول إلى العقوبة التي يطالب بها ذوي الخبير، الذي اغتيل في يوليو/تموز 2021، لا سيما بعد أن ألغيت عقوبة الإعدام بحق أحمد الكناني، وهو المتهم الأول بعملية الاغتيال، فيما يُشير مراقبون وناشطون إلى أن المماطلة القضائية في هذا الملف مدعومة من جهات سياسية وفصائل مسلحة.
وفي مايو/أيار الماضي، أصدر القضاء العراقي حكماً بالإعدام بحق قاتل الهاشمي بعد تأجيل محاكمته وجلسات التحقيق الخاصة بالقضية عشر مرات بسبب ظروف غامضة، أرجعها مراقبون إلى امتناع المتهم عن الحضور وضغوط سياسية على القضاء. وجاءت العقوبة بناءً على استناد المحكمة إلى أحكام المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب العراقي.
لكن محكمة التمييز العراقية نقضت حكم الإعدام الصادر بحق أحمد الكناني، ووجهت بإعادة فتح القضية عبر محكمة التحقيق، وبررت المحكمة قرارها بأن اللجنة التي تولت التحقيق في القضية، وهي اللجنة الـ29 التي تشكلت خلال الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي من أجل مكافحة الفساد وجرى حلها في 2022، "ليست لديها أي صلاحيات قانونية للتحقيق في الجريمة".
والكناني (38 سنة) هو ضابط برتبة ملازم في وزارة الداخلية واعتُقل عقب حادثة الاغتيال بأسابيع، وظهر على شاشة قناة "العراقية" الرسمية معترفاً بجريمته في 16 يوليو/ تموز العام 2021، لكنه اختفى بعد ذلك.
وأُجلت جلسة النطق بالحكم عليه 10 مرات متتالية، فيما توجهت معظم أصابع الاتهام إلى "كتائب حزب الله" وارتباط الكناني بها، لكن الجماعة المسلحة نفت في بيان أن تكون وراء الجريمة.
وبحسب مصادر من القضاء العراقي، فإن "المتهم بقتل الهاشمي لا يزال موقوفاً على ذمة التحقيق ولم يُطلق سراحه، وأن إلغاء قرار حكم الإعدام ليس سياسياً بل جاء بناءً على إلغاء جملة من القرارات التي كانت اتخذت في ظل الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي"، مبينة لـ"العربي الجديد" أن "الكناني اعترف بأنه ينتمي إلى إحدى الجماعات المسلحة، بالرغم من كونه ضابطاً تابعاً لوزارة الداخلية".
وأضافت المصادر أن "القضاء العراقي بدأ بفتح القضية من جديد بدءاً من المرافعة الأولى، وإعادة التحقيق، لأن القضية السابقة أغلقت بكافة تفاصيلها وأعيد كل شيء متعلق بالكناني إلى البداية"، مشيرة إلى أن "التأخير في حسم قضية قاتل الخبير هشام الهاشمي طبيعي، وأن معظم القضايا المتعلقة بالإرهاب يحصل فيها تأخير لأنها معقدة وتحتوي على تفاصيل كثيرة".
لكن الناشط حميد العراقي أشار، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "جميع الأدلة متوفرة لدى القضاء العراقي، لا سيما أن المتهم اعترف بكل شيء علناً، وأنه قتل هشام الهاشمي مع سبق الإصرار والترصد، بالتالي فإن التسويف والتأجيل ومحاولة تمييع القضية وعدم تغطيتها صحافياً يهدف إلى تذويب القضية"، معتبراً أن "القضاء العراقي يتأثر ببعض المواقف السياسية، وهذا معروف، وقد صرّح به أكثر من قيادي وحزبي في العراق".
وأضاف العراقي أن "قضية هشام الهاشمي هي قضية كل العراقيين، وأن عملية اغتياله قد يتعرض لها أي عراقي، لا سيما أن القتلة بلا محاسبة مع انفلات غير مسبوق للسلاح بيد العصابات والمليشيات"، داعياً القبيلة التي ينتمي لها الهاشمي إلى "الاحتجاج أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى للإسراع بحسم القضية وتحقيق العدالة".
من جانبه، قال عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد عنوز، لـ"العربي الجديد"، إن "المجتمع المدني يطالب بتحقيق العدالة تجاه قضية هشام الهاشمي التي هزت العراق والوطن العربي والعالم، لا سيما أنه باحث مهم وشارك في دعم الاحتجاجات الشعبية عام 2019، وكان من أهم الأصوات التي دعت إلى مدنية الدولة وحصر السلاح بيد الدولة"، مؤكداً أن "تغييب المعلومات عن ملف محاكمة المتهم باغتيال الهاشمي، لن نسمح به".
وولد الهاشمي في بغداد عام 1973، وينتمي إلى عشيرة الركابي العربية جنوبي البلاد، وهو أكاديمي وباحث متخصص بالشأن الأمني والسياسي في العراق، اغتيل أمام منزله في حي زيونة الراقي ببغداد، في 6 يوليو 2020، بواسطة ملثمين كانوا على دراجات نارية أثناء عودته من مقابلة تلفزيونية، انتقد فيها أنشطة الجماعات المسلحة المسؤولة عن إطلاق الصواريخ ومهاجمة البعثات الدبلوماسية في المنطقة الخضراء ببغداد، واصفاً إياها بـ"قوى اللادولة".