هدوء حذر في عقارب التونسية ودعوات إلى الإضراب العام اليوم

10 نوفمبر 2021
لا يزال الاحتقان يسيطر على أغلب السكان الرافضين لفتح مصب النفايات والحل الأمني (فرانس برس)
+ الخط -

تعيش عقارب في محافظة صفاقس بالجنوب الشرقي لتونس هدوءاً حذراً بعد مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن استمرت طوال نهار الثلاثاء، احتجاجاً على إعادة مكبّ للنفايات في المنطقة، فيما شُيِّع جثمان الشاب عبد الرزاق لشهب، وسط حضور مكثف من الأهالي.

وكان الاتحاد التونسي للشغل قد أعلن، مساء الثلاثاء، تنفيذ إضراب عام الأربعاء في عقارب، ويوم حداد على الشاب الراحل.

وتوفي الشاب التونسي عبد الرزاق لشهب خلال الاحتجاجات، يوم الاثنين، جراء إطلاق الشرطة التونسية الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، ما أدى إلى إصابات بحالات اختناق عديدة. ونفت وزارة الداخلية التونسية وفاة الشاب نتيجة ذلك، وقالت إنه كان بعيداً عن مكان المواجهات، فيما تصرّ عائلة الشاب على أنه توفي نتيجة الاختناق.

وأكدت الناشطة في المجتمع المدني، ندى الوكيل، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ هدوءاً حذراً يسود عقارب بعد انتشار قوات الجيش التونسي، التي تولت تأمين أغلب المؤسسات مع انسحاب عناصر الأمن الذين اكتفوا بحراسة مصبّ النفايات الذي يبعد عن المنطقة 20 كيلومتراً.

وتابعت الوكيل قائلة إنّ الجميع متعب بعد المواجهات، مضيفة أن الاحتقان لا يزال يسيطر على أغلب السكان الرافضين لفتح مصبّ النفايات في عقارب.

غليان في الشارع التونسي.. إلى أين تسير الأوضاع؟

ويذكر أنّ منطقة عقارب شهدت منذ مساء الاثنين مواجهات بين عناصر الأمن وأهالي المنطقة، بعد رفضهم فتح مصبّ النفايات المغلق منذ فترة، وتحويل نفايات منطقة صفاقس إليه.

ثلاثة أحزاب تونسية تحمّل الرئيس قيس سعيّد المسؤولية السياسية عن أحداث عقارب

وحمّلت أحزاب "التيار الديمقراطي" والحزب "الجمهوري" و"التكتل"، الثلاثاء، في بيان مشترك، "المسؤولية السياسية لوفاة شاب بمدينة عقارب بصفاقس، ولتعفن الوضع البيئي، وتصاعد الاحتقان الاجتماعي؛ لرئيس الجمهورية قيس سعيّد"، مشيرة إلى أنّ "سعيّد المنفرد بالسلطة كلّف وزير داخليته اعتماد الحل الأمني في غياب حلول عاجلة لأزمة الفضلات المتراكمة بجهة صفاقس منذ أربعين يوماً".

وطالبت الأحزاب بـ"فتح تحقيق جدي ومستقل؛ لتحديد المسؤوليات، وإحالة الملف على القضاء"، لافتة إلى أنّ "بقاء جهة صفاقس دون محافظ منذ أسابيع عديدة ترجم قصوراً في إدارة شؤون الدولة، وزاد من تعقيد الأوضاع".

وأعلنت جمعيات ومنظمات تونسية أخرى رفضها المقاربة الأمنية "القمعية" تجاه التحركات السلمية في عقارب، مؤكدة عقد مؤتمر صحافي الخميس بحضور ممثلين عن حراك "مانيش مصب" في عقارب، وعن عائلة الفقيد عبد الرزاق لشهب.

ومن بين المنظمات الداعية إلى المؤتمر، "الشبكة الأورومتوسطية للحقوق"، و"جمعية القضاة التونسيين"، و"الجامعة التونسية لمديري الصحف"، و"الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات"، و"المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، و"الاتحاد العام لطلبة تونس"، وجمعيات أخرى. 

وقالت المنظمات إنها "فوجئت باستعمال العنف الأمني المفتوح ليلة الاثنين ضد أهالي عقارب الرافضين للفتح القسري لمصب القنة الذي كان يهدد صحتهم وحياتهم لمدة عقود"، منددة بـ"عودة الحلول الأمنية في معالجة قضايا اجتماعية هيكلية ومزمنة، لا يمكن حلّها إلا في إطار سياسات عمومية ناجعة وتشاركية".

واستنكرت المنظمات والجمعيات بأشد عبارات الرفض، "حادثة وفاة الناشط البيئي عبد الرزاق لشهب، خنقاً بالقنابل المسيلة للدموع، التي استعملت بشكل عشوائي في محاولة لتفريق المحتجين، ما خلّف أضراراً بعشرات من النساء والشيوخ والأطفال"، واعتبرت ما حدث "جريمة نكراء، لا يمكن السكوت عنها ولا على مرتكبيها وكل المتواطئين معهم".

وشددت على أنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال تعريض سلامة التونسيات والتونسيين للخطر وهدر حياتهم"، وأعلنت "تجندها لتوفير الدعم القانوني لعائلة الضحية وكل الذين يتعرضون لضرب حقهم في الاحتجاج السلمي في مدينة عقارب".

وفي سياق متصل، أكدت حركة "أمل وعمل"، في بيان لها، أنّ "أوّل ملف اجتماعي وبيئي يُختبر فيه رئيس الجمهورية، لجأ فيه للحل الأمني القمعي، وأضاف به نقطة سوداء جديدة لقائمته، وأثبت أنه امتداد لمنظومة سابقة فاشلة لا يختلف عنها".

وأضافت الحركة أنّ "الهروب نحو الحل الأمني القمعي بعد أكثر من شهر ونصف من بحث مزعوم عن الحلول، دليل على غياب مقاربة حقيقية للتصحيح، وأنّ إعادة فتح مصب القنّة بعقارب المغلق بقرار قضائي؛ أمر مخالف للقانون وازدراء للسلطة القضائية وقراراتها".

المساهمون