هدوء حذر في الضاحية الجنوبية لبيروت.. ولا ثقة بنيّات الاحتلال

13 أكتوبر 2024
عمال الإنقاذ يصلون إلى موقع غارة إسرائيلية في بيروت، 11 أكتوبر 2024 (Getty)
+ الخط -

يخيم الهدوء الحذر على الضاحية الجنوبية بعكس حال البقاع والجنوب

مصدر نيابي في حزب الله: لا نفرّق بين منطقة وأخرى

نفى مصدر مقرب من بري لـ"العربي الجديد" التفاوض بشأن الضاحية وحيفا

يخيّم الهدوء الحذر على الضاحية الجنوبية لبيروت منذ ليل الخميس الماضي بعد الغارتين الداميتين اللتين ضربتا قلب العاصمة اللبنانية وأسفرتا عن استشهاد عددٍ من المدنيين، فيما يزعم جيش الاحتلال أنّه استهدف مسؤول التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا، علماً أن نواب كتلة الوفاء للمقاومة نفوا وجود أي شخصية قيادية في المكانين.

وبعث جيش الاحتلال آخر إنذار لسكان الضاحية الجنوبية، وتحديداً في حارة حريك لإخلائها بهدف قصفها في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بعد تنفيذه مجزرتي بيروت، بيد أنه لم ينفذ أي عملية فيها، ومنذ ذاك التاريخ، يخيم الهدوء الحذر على المنطقة، بعكس حال البقاع والجنوب بشكل خاص، حيث يشتدّ القصف الإسرائيلي ويزداد عنفاً ودموية وتدميراً للأسواق والمدن والمعالم التاريخية وحتى الأثرية، وضرباً لسيارات الإسعاف، ضمنها الصليب الأحمر، والمستشفيات والمراكز الصحية.

وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الأحد، بأنه في الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال توسيع عمليته البرية في جنوب لبنان، فإن سلاح الجو لم يهاجم بيروت منذ ثلاثة أيام، وتحديداً منذ أن طلب الرئيس الأميركي جو بايدن ذلك في مكالمته مع رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء الماضي، بحسب ما أفادت به. وتابعت الصحيفة أن الهجوم الأخير في العاصمة اللبنانية كان في وسط المدينة، وبحسب التقارير، كان هدفه القيادي في حزب الله وفيق صفا.

في الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال توسيع عمليته البرية في جنوب لبنان، فإن سلاح الجو لم يهاجم بيروت منذ ثلاثة أيام

وذكر موقع "واينت" العبري، يوم الجمعة الماضي، أن بايدن طلب من نتنياهو تقليل الهجمات الإسرائيلية على بيروت إلى الحد الأدنى، وذلك على خلفية مقتل عدد من المدنيين.

وكثرت التحليلات حول أسباب الهدوء في الضاحية الجنوبية لبيروت تحديداً، وما ترافق مع ذلك من تسريبات في وسائل إعلام لبنانية عن محادثات جدية تُجرى لوقف إطلاق النار بين مسؤولين لبنانيين وأميركيين بالدرجة الأولى، وما تردد في الإعلام عن طلب رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وقف قصف الضاحية مقابل وقف قصف حيفا. مع العلم أن التسريبات الأميركية في الأيام الأخيرة كانت واضحة لجهة أن الوقت لم يحن لوقف إطلاق النار، إذ نقلت شبكة "سي أن أن" الأميركية، يوم الثلاثاء الماضي، عن مسؤولين أميركيين، أن الولايات المتحدة لا تحاول بشكل نشط إحياء الاتفاق، وإنما تعمل على تقييد العمليات الإسرائيلية في لبنان وضد إيران بدلاً من وقف الأعمال العدائية.

كذلك، رُبطت التطورات الميدانية في الضاحية الجنوبية بتصريح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي تعرّض لجملة انتقادات إثره، عندما أكد يوم الجمعة الماضي أنه "بنتيجة المساعي التي بدأت يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، والمتعلقة بتخفيف التصعيد، خفّت حدة الغارات على الضاحية، وخفت وتيرة التصعيد".

وقال ميقاتي إنه "تلقى اتصالاً من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، يصبّ في إطار التنسيق الحاصل والسعي الجدّي لوقف إطلاق النار، ووجدتُ من خلال الاتصال التضامن الكامل مع لبنان على الصعد كافة، وأنهم يسعون بكل جهد لإتمام وقف إطلاق النار، وهذا كان مطلبي، وعلى الأقل وقف قصف المدنيين وهذه الأضرار الحاصلة على المدنيين".

وتلقى رئيس الحكومة اتصالاً من الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين جرى خلاله البحث في سبل التوصل إلى وقف إطلاق النار ووقف المواجهات العسكرية، للعودة إلى البحث في حل سياسي متكامل ينطلق من تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 1701.

مصدر نيابي في حزب الله: لا نفرّق بين منطقة وأخرى

في الإطار، قال مصدر نيابي في حزب الله، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عمليات المقاومة مستمرة وبكثافة رداً على المجازر الإسرائيلية، فنحن لا نفرّق بين منطقة وأخرى، واستمرار العدوان على البقاع والجنوب ومناطق أخرى يزيد من ردنا عليها بالمستوى نفسه". وأضاف المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه: "أما ما يُحكى عن مفاوضات سياسية بهذا الشأن، فنحن غير معنيين به، نحن فوّضنا إلى الرئيس بري (رئيس البرلمان نبيه) الدور السياسي الذي يلعبه ولنا ملء الثقة به، وهو طبعاً لا يفرّق بين منطقة وأخرى والحل الذي يسعى اليه هو شامل".

وأشار المصدر نفسه إلى أن "المقاومة تقوم بعمليات دقيقة تلحق الأذى بالعدو، وهي توسّع العمليات كلما وسّعها الاحتلال، واليوم أطلقت صلية صاروخية نوعية على قاعدة طيرة الكرمل جنوب حيفا، والكلمة، كما دائماً نقول، للميدان، وأي وقف للعدوان يجب أن يشمل كل الأراضي اللبنانية كما قلنا سابقاً، وبعدها لكلّ حادث حديث".

مصدر مقرّب من بري: لوقف العدوان على جميع الأراضي

من جانبه، نفى مصدرٌ مقرّب من بري، لـ"العربي الجديد"، أي تفاوض بشأن الضاحية وحيفا، "فجهود رئيس البرلمان تنصبّ في إطار وقف العدوان على جميع الأراضي اللبنانية، والتزام القرارات الدولية على رأسها القرار 1701"، مضيفاً: "هناك مفاوضات مكثفة تحصل لا سيما مع الأميركيين والفرنسيين، وقد تكون أفضت في مكان ما إلى بعض التهدئة ليوم أو يومين". واستدرك بالقول: "لكن لا ثقة بالعدو والدليل أنه رغم وقفه حالياً استهداف الضاحية إلا أنه نفذ مجزرتين في بيروت، ومن ثم ارتكب جرائم في البقاع وبعلبك الهرمل والنبطية ومناطق أخرى، ولا يزال يستهدف فرق الإسعاف والصليب الأحمر والمرافق الصحية، وبالتالي، لا يمكن أبداً وصف ما يحصل بتخفيف التصعيد".

وأشار المصدر إلى أنّ "رئيس الحكومة ورئيس البرلمان يقومان بجهود كبيرة حتى تتحرك الدول أكثر للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها والتدمير الممنهج، ودائماً يكون الجواب بدعم لبنان وأهمية وقف إطلاق النار، وبذل الجهود لأجل ذلك، لكن حتى الساعة، العدوان مستمرّ، ولا يمكن الحديث عن أي أجواء إيجابية قبل أن تترجم ميدانياً، وأن نراها تتحقق، وإلا تبقى كلاماً في الهواء، فلا أحد يأمن العدو".

ولفت المصدر إلى أنّ "هناك أسباباً عدة قد تكون دفعت إسرائيل إلى تجنّب ضرب الضاحية في الأيام الماضية، أو استراتيجية معينة تعتمدها، ونجدد التأكيد أن لا تفرقة بين اللبنانيين، وكل شبر يتعرّض للاستهداف وكل مدني يضرب يعني أن لا هدوء في الميدان، مع الإشارة إلى أن هناك ترقباً أيضاً للضربة الإسرائيلية على إيران التي لم تُنفّذ بعد وسيكون لها ربما تأثيراً على مجريات الميدان".

ومنذ اندلاع المواجهات في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد يومٍ من عملية "طوفان الأقصى" وبدء الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، كان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي اغتيل في 27 سبتمبر الماضي، يُهدِّد باستهداف حيفا إذا جرى قصف الضاحية الجنوبية لبيروت، في تكرار لمعادلة "حيفا مقابل الضاحية"، التي كانت سائدة في عدوان يوليو/تموز 2006، فكانت العبارة الشهيرة "حيفا وما بعد حيفا".

وتظهر بيانات حزب الله في الآونة الأخيرة أنه دائماً ما يربط استهداف حيفا أو تل أبيب بالردّ على ما تتعرّض له الضاحية الجنوبية لبيروت أو مناطق أخرى في العمق اللبناني إلى مجازر. وسبق أن صوّرت المقاومة فيديوهات عن طريق مسيّرات "الهدهد" لمواقع من حيفا ومينائها برسالة إلى أنها ستكون في مرمى نيرانها.

المساهمون