غيّر جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأيام الأخيرة تعليماته لجنوده في منطقة خانيونس جنوبي قطاع غزة، حيث بدأت وحدات خاصة بخوض قتال داخل أنفاق غزة، في مواجهة المقاومين على مسافة قصيرة، بحسب ما أوردته صحيفة "هآرتس"، أمس الاثنين.
وأفادت الصحيفة بأنّ ما يقف خلف تغيير طريقة القتال، نابع من اعتقاد الجيش الإسرائيلي بأنّ خلق احتكاك مع "حماس" داخل أنفاق غزة يقود إلى معلومات مهمّة بشأن أماكن وجود المحتجزين الإسرائيليين، وكبار قادة الحركة.
وتشير التقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية، إلى أنّ المحتجزين وقادة الحركة ما زالوا يوجدون داخل الأنفاق في المنطقة، ويتنقّلون من مكان إلى آخر، حسب وتيرة تقدّم الجيش الإسرائيلي.
وتلقّى جنود الاحتلال في بداية الحرب تعليمات بعدم دخول أنفاق غزة، بسبب اعتقاد الجيش بأنّ "حماس" تحاول جذبهم إليها من أجل مهاجمتهم فيها.
وبحسب ادعاء الصحيفة، فإنّ حركة حماس لم تؤمن حقاً، على ما يبدو، بأن جيش الاحتلال سيحاول البحث عن قياديي الحركة، كما أضافت أنه في غالبية الأنفاق، تم تفخيخ الفتحات، فيما لم يتم تفخيخ الأنفاق نفسها على نحو يشكّل تهديداً للجنود.
ونقلت "هآرتس" عن ضباط في الميدان لم تسمّهم، قولهم إنهم فوجئوا بحجم الأنفاق والفتحات التي تم حفرها على طول قطاع غزة، خاصة في منطقة خانيونس، حيث يوجد معظم قادة "حماس"، وفق الاعتقاد الإسرائيلي، وبالمقابل "فوجئت" الحركة بأنّ الجيش يحارب أيضاً تحت الأرض.
وتابعت الصحيفة أنّ الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأول في العالم الذي يخوض قتالاً على نطاق كبير تحت الأرض، وأنه يتعلم خلال المعارك، مضيفة أن العمليات العسكرية داخل أنفاق غزة صعبة ومعقدة، وتتم في ظلام دامس، مع الاعتقاد بأنّ الجنود قد يجدون محتجزين إسرائيليين، الأمر الذي يتطلّب مهارات عالية من القوات.
ويدرك جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفقاً للصحيفة، أنه من أجل الوصول إلى قادة "حماس"، والأنفاق التي يتم فيها احتجاز الأسرى وفق تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية، فإن القصف الجوي لا يكفي، وذلك لأن معظم الأنفاق عميقة جداً.
من جهة أخرى، ذكرت "هآرتس"، أن كبار المسؤولين في جيش الاحتلال الإسرائيلي يدركون أنّ استهداف قيادة "حماس"، بما في ذلك رئيسها في قطاع غزة يحيى السنوار، ورئيس الجناح العسكري محمد ضيف، لن يؤدي بالضرورة إلى انهيار "حماس" كمنظمة، لكنهم يعتقدون أن ذلك سيؤثر كثيراً على نشطاء الحركة، وكذلك على المجتمع الإسرائيلي.
كما يرى الجيش أن هناك حاجة لعمليات كبيرة ضد البنى التحتية لـ"حماس" ونشطائها، وخاصة ضرب مراكز سلطتها من أجل انهيارها.
تقسيم أنفاق غزة إلى أنواع
ويقسّم جيش الاحتلال أنفاق غزة التي بنتها "حماس" إلى أنواع عدة، معتبراً أن لكلّ كتيبة في "حماس"، والتي تعمل في مناطق معينة، أنفاقاً هجومية وأخرى دفاعية، بالإضافة إلى أنفاق لوجستية.
ويمكّن ذلك "حماس"، وفق الاعتقاد الإسرائيلي، من الحفاظ على استمرارية القتال في الجبهات المختلفة داخل القطاع، وتزويد المقاومين بالذخيرة، والطعام، وتعزيزهم بقوات إضافية عند الحاجة.
كما يرى جيش الاحتلال أنّ "ضباط كتائب حماس يعملون من داخل الأنفاق، ويرسلون خلايا لاستهداف الجنود الإسرائيليين، أو إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل".
ولفتت الصحيفة إلى وجود نوع آخر من الأنفاق، وهي "أنفاق استراتيجية، مخصصة من أجل احتياجات كبار المسؤولين في حماس، وفيها يتم احتجاز الأسرى"، مشيرة إلى أن هذه الأنفاق مبنية على نحو جيد وعميق نسبياً، وفيها أبواب تستطيع التصدي لاقتحام قوات الاحتلال على نحو مفاجئ.
وعثرت قوات الاحتلال في الآونة الأخيرة على نفق من هذا النوع في خانيونس، بحسب "هآرتس"، "شمل قاعات لتركيز قوات المنظمة، وغرف اجتماعات، وغرف سكن للنشطاء، وغرف احتجاز، ومراحيض، وغيرها"، لافتة إلى أن "جزءاً من هذه الأنفاق مبنيّ بعرض يتيح حركة مركبات في داخله أيضاً".
ونقلت الصحيفة مزاعم جيش الاحتلال بأن "الأنفاق الاستراتيجية مبنية غالباً على مقربة من مساجد، ومدارس، ومراكز وكالة غوث اللاجئين (أونروا)، أو المستشفيات".
كما أشارت إلى وجود "أنفاق تكتيكية" تستخدمها حركة حماس بالأساس في القتال، وأن "هذه الأنفاق مكوّنة من عدة أنفاق صغيرة متصلة جميعها بنفق رئيسي"، ما يتيح للمقاومين الخروج من عدة نقاط مختلفة في ميدان المعارك.
وزعم ضباط لم تسمّهم الصحيفة، أن جيش الاحتلال "يعثر في كل مبنى تقريباً أو ساحة، على فتحات أنفاق، ما يعني أن سكان غزة كانوا يعلمون جيداً بشأن بناء هذه الأنفاق"، وفق المزاعم الإسرائيلية التي تحاول تبرير قتل المدنيين العزّل.