أعلن عدد من أعيان وأهالي المنطقة الغربية والوسطى في ليبيا عن تأييدهم للحكومة المكلفة من مجلس النواب، برئاسة فتحي باشاغا، دون وصايا أو تدخلات خارجية، وبعيدا عن المال الفاسد، مطالبين إياه بالسير بالبلاد إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وتلا الأعيان والأهالي، مساء اليوم الأحد، بيانا أكدوا فيه وحدة الصف ودعم تحقيق الأمن والاستقرار بعيدا عن أعمال العنف، إضافة إلى ضرورة توحيد المؤسسة العسكرية شرقا وغربا وجنوبا، مشددين على أن "وحدة ليبيا خط أحمر".
ورفض البيان التدخلات الأجنبية في الشأن الليبي، وثمّن في ذات الوقت جهود الوساطة التي تساعد على إيجاد حل للأزمة الليبية.
كما أكد البيان دعم اللواء أسامة جويلي آمر المنطقة العسكرية الغربية الموالي لباشاغا، في الحفاظ على مبدأ التداول السلمي على السلطة، مطالبًا برحيل القوات الأجنبية والمرتزقة فورا عن ليبيا.
وجاء البيان بعد اجتماع ضم عددا من القيادات العسكرية والقادة الميدانيين في المنطقتين الغربية والوسطى بمشاركة أعيان مدن مصراتة والزاوية وورشفانة.
وسبق هذا البيان، بيان عدد من القيادات العسكرية بمدينة مصراتة، أكدوا خلاله رفضهم "محاولات التشبث بالسلطة، وتعطيل المسار الديمقراطي"، في إشارة لموقف حكومة الدبيبة الرافض لتسليم السلطة.
كما أكد البيان على استعداد قيادات مصراتة لـ"التصدي بكل قوة لمحاولة عسكرة الدولة أو الاستحواذ عليها، والاستهتار بمواردها ومقدراتها".
وجاء البيانان خلال محاولة حثيثة لاستئناف الاجتماعات العسكرية التي دعا لها اللواء الجويلي، الداعم لحكومة باشاغا، مع قيادات مجموعات مسلحة من طرابلس داعمة للدبيبة، والتي بدأت الأربعاء الماضي، على أن تستأنف اليوم الأحد، لمنع حالة التصعيد العسكري في القطاع الجنوبي والجنوبي الغربي من العاصمة طرابلس.
اجتماع الجويلي مع قيادات طرابلس العسكرية لا يزال يواجه تعثرًا
وشهدت مناطق جنوب وجنوب غرب طرابلس، الأربعاء الماضي، حشودا عسكرية كبيرة للقوات التابعة للجويلي، قابلتها حشود أخرى للقوات التابعة للمجاميع المسلحة المؤيدة للدبيبة.
ولم تتوصل اجتماعات الأربعاء الماضي إلى أي نتيجة واضحة، باستثناء خفض التصعيد وسحب الطرفين لآلياتهم وأفرادهم العسكرية إلى داخل مقارهم.
وبحسب ما قالت مصادر ليبية مطلعة لـ"العربي الجديد"، فإن استئناف اجتماع الجويلي مع قيادات طرابلس العسكرية، اليوم، لا يزال يواجه تعثرا، بسبب تحفظ عدد من قيادات طرابلس، ومن بينهم قائد جهاز دعم الاستقرار عبد الغني الككلي، وعبد السلام زوبي آمر الكتيبة 301، على بعض البنود المقترحة للاجتماع، في ظل إصرار الجويلي على ضرورة رحيل حكومة الدبيبة من طرابلس.
وأشارت إلى أن فرصة التئام الاجتماع لا تزال ممكنة حتى الآن في ظل الاتصالات الكثيفة بين الطرفين.
وكان الجويلي قد حذر من اندلاع حرب جديدة، معتبرا أن "خيار الحرب وارد بقوة"، إذا استمر الوضع في طرابلس "دون حلول"، مؤكدا، خلال تصريحات تلفزيونية الجمعة الماضية، رفضه مبدأ التشبث بالسلطة "عبر القوة" في إشارة لحكومة الدبيبة التي تحالفت مع عدد من مجاميع طرابلس المسلحة لحمايتها وتمكين بقائها في السلطة.
وفيما تلزم حكومة الدبيبة الصمت التام حيال حالة التوتر العسكري في مناطق جنوب وجنوب غرب العاصمة، أعلن أهالي منطقة قصر بن غشير، جنوب غرب طرابلس، دخولهم "في اعتصام مفتوح" رفضا لعودة الحرب إلى منطقتهم.
وطالب الأهالي، في بيان مرئي بثته عدد من منصات التواصل الاجتماعي، بضرورة خروج التشكيلات المسلحة من المنطقة.
المنفي يبحث تطورات الأوضاع العسكرية مع عدد من القادة العسكريين
وفي الأثناء قال المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي، إن رئيس المجلس، محمد المنفي، بحث، اليوم الأحد، تطورات الأوضاع العسكرية والأمنية مع عدد من القادة العسكريين، ومن بينهم اللواء صلاح النمروش، آمر المنطقة العسكرية بالساحل الغربي، اللواء والمقدم محمود حمزة وآمر اللواء 444 قتال، دون أن يعلن عن نتائج اللقاء.
وكان باشاغا قد وجه كلمة لليبيين، ومعارضي حكومته، ليل البارحة، أكد خلالها رفض حكومته لـ"من يفرض نفسه بالقوة"، ووصف من "يستخدم الأموال بالاستمرار في السلطة بالإرهاب والديكتاتورية".
وفي محاولة لاستيعاب معارضي حكومته قال باشاغا: "أنتم جزء لا يتجزأ من ليبيا، وليبيا لن تكون إلا بنا جميعا، دون إقصاء أو استبعاد أو تخوين. سنبدأ من المستقبل وليس من الماضي".
وأضاف لمعارضيه الذين وصفهم بـ"المتخوفين من إجراءات الحكومة"، قائلا "نحن لم نأت لانتقام أو لتصفية الحسابات، بل أتينا للملمة الوطن الذي ضاعت خيراته وثرواته وسيادته وكرامته، أتينا لرد الاعتبار للمواطن الليبي الذي يعاني".
وتابع "دولتنا سنبنيها جميعا بسواعد المؤيدين وتعاون المعارضين (...) أمامنا تحد وطني، ويجب أن نتحلى بالشجاعة والمسؤولية للنهوض بالبلاد".
يذكر أن حكومة باشاغا نالت ثقة مجلس النواب في فبراير/ شباط الماضي، لكنها لم تستلم زمام الحكم في عاصمة البلاد طرابلس التي تتمركز فيها حكومة الدبيبة، وترفض تسليم السلطة إلا لجهة منتخبة.
ويتخوف مراقبون للمشهد الليبي من عودة الحرب للمنطقة بعد سنتين من وقف إطلاق النار، خاصة مع مشاهد حشد مؤيدي الحكومتين خلال الأيام السابقة بالغرب الليبي، وغياب فرصة وجود توافق حول قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ العام الماضي.
ويتخذ باشاغا من مدينة سرت مقرا مؤقتا لحكومته، لكنه يصر على دخول طرابلس حيث يسيطر الدبيبة على المؤسسات الحيوية في الدولة، وعلى رأسها مصرف ليبيا المركزي، والمؤسسة الوطنية للنفط التي قام هذا الشهر بتغيير مجلس إدارتها واستئناف إنتاج وتصدير النفط.