تتزايد الضغوط من أجل الكشف عن مكان احتجاز النائب والمحامي نور الدين البحيري، بعد 3 أيام من اختفائه، في ظل أنباء عن نقله إلى المستشفى وقلق على حالته الصحية، وتحذير حركة "النهضة" من أن حرمان البحيري من العلاج والدواء مدة ثلاثة أيام يمكن أن يهدد حياته بـ"الخطر المميت".
وأكد القيادي في حركة "النهضة"، رياض الشعيبي، لـ"العربي الجديد "، أنه تم إعلام بعض المحامين من هيئة الدفاع عن نور الدين البحيري، المختفي منذ ثلاثة أيام لدى الأمن التونسي، أنه تم نقله إلى المستشفى بسبب تدهور حالته الصحية.
وأضاف الشعيبي أنهم "متخوفون جداً على صحة البحيري، في ظل غياب معلومات دقيقة عن وضعه ومكان احتجازه".
الغنوشي يتصل بقيس سعيد.. ولم يرد
كما أفاد الشعيبي، عبر تدوينة على صفحته بـ"فيسبوك"، بأن رئيس البرلمان التونسي ورئيس حركة "النضهة" راشد الغنوشي اتصل هاتفيا بالرئيس قيس سعيد، لمطالبته بالكشف عن مصير البحيري، و"تحميله مسؤولية تعرض حياته للخطر، لكنه لم يجبه".
وكتب الشعيبي، في تدوينة سابقة الأحد: "الآن نُقل البحيري على عجل للمستشفى وهو في حالة خطرة جدا". وتابع: "البحيري يواجه الموت.. جريمة قتل متعمد.. ثلاثة أيام دون طعام.. ثلاثة أيام دون ماء.. ثلاثة أيام دون دواء".
ومضى قائلا إن الرئيس "قيس سعيد يتحمل المسؤولية كاملة عن حياة الأستاذ نور الدين البحيري".
رسالة رئاسة البرلمان
إلى ذلك، حملت رئاسة البرلمان الرئيس قيس سعيد المسؤولية لجهة الكشف عن مصير البحيري، وطمأنة أهله والرأي العام حول سلامته، وتمكين فريق طبي وحقوقي من زيارته والاطّلاع على وضعه. كما دعته إلى "التعجيل بإطلاق سراحه"، مذكرة ببيانها السابق "الرافض والمدين للإجراءات غير القانونية التي اتّبعت ضدّ البحيري وضدّ عدد آخر من النواب".
وكان وفد من هيئة الدفاع عن نور الدين البحيري قد انتقل، مساء اليوم الأحد، إلى مركز الحرس الوطني بمدينة منزل جميل، شمال تونس، من بينهم زوجة البحيري، للمطالبة بكشف مكان وجوده، ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك.
إلى ذلك، أفادت معلومات بتأثر الحالة الصحية لسعيدة العكرمي، زوجة البحيري، بعد تلقيها أنباء دخول البحيري إلى المستشفى.
وفي وقت لاحق، أعلنت زوجة البحيري أنها منعت من زيارته في المستشفى، وحملت مسؤولية سلامته لقيس سعيد وحكومته.
وقالت الداخلية التونسية، في بيان لها، إنه تم وضع شخصين تحت الإقامة الجبرية، من دون تسميتهما.
''وينو البحيري''
وأطلق نشطاء حملة ''وينو البحيري''، (أين البحيري؟)، لحشد الرأي العام الوطني والدولي في قضية "الاختفاء القسري" للبحيري.
وأكدت عضو لجنة الدفاع عن النائب والمحامي، البحيري، المحامية لطيفة الحباشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذه الحملة تأتي بعد تواصل اختطاف البحيري من أمام مقر إقامته صباح الجمعة 31 ديسمبر 2021 بعد الاعتداء عليه بالعنف، هو وزوجته المحامية وعضو عمادة المحامين التونسيين، سعيدة العكرمي، واقتياده إلى مكان مجهول".
وأضافت الحباشي أنه إلى "حدود اليوم ليس لنا أي معلومة حول مكان وجود البحيري، وهو ما يعتبر اختطافاً واختفاء قسرياً قامت به الدولة التونسية، وحتى بلاغ الداخلية لم يذكر البحيري بالاسم، وليس هناك أي قرار مكتوب بوضعه قيد الإقامة الجبرية حتى نتمكن من الطعن في القرار لدى القضاء".
وبيّنت المحامية أن "البحيري برلماني وناشط سياسي ومعارض لانقلاب 25 يوليو، ومعارض لرئيس الجمهورية قيس سعيد، ومحامٍ محل مخابرته وإقامته معلوم، وهناك إجراءات كان يمكن اتباعها لإعلامه وتتبعه".
وأضافت أن "سن البحيري 64 عاماً، وهو يشكو من عدة أمراض مزمنة، كالسكري والضغط، وقد أجرى عملية على القلب وهو ما يعرض صحته للخطر"، مؤكدة "تحميل مسؤولية سلامته وحياته إلى رئيس الجمهورية ووزير الداخلية".
وقالت الحباشي: "وجهنا شكاية مستعجلة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، واعتبرناه اعتقالاً خارج الأطر القانونية، واختفاء قسرياً، باعتبار تونس دولة مصادقة على الاتفاقيات التي تجرّم الاختفاء القسري وهذه الممارسات".
تدويل قضية البحيري
وأضافت عضو هيئة الدفاع أنه تم توجيه شكاية ثانية اليوم إلى "المقرر الخاص المعني باستقلال القضاء والمحاماة تتضمن تفاصيل الاعتداء على البحيري وزوجته العكرمي باعتبارهما محاميين".
وبينت الحباشي أنه "علاوة على تدويل القضية، فإن رئيس فرع تونس للمحامين محمد الهادفي قام بكل الاتصالات مع السلط القضائية المدنية والعسكرية بمختلف هياكلها، الوكيل العام والنيابة العمومية العدلي والعسكري، وقضاة التحقيق بتونس الكبرى، الذين نفوا جميعاً علمهم بأي قضية أو تتبع في حقه، كما تم التواصل مع السلطة التنفيذية القائمة وزيري الداخلية والعدل".
ويتساءل متداولو حملة "وينو البحيري" على مواقع التواصل الاجتماعي عن مصيره وعن مكان وجوده، وعن وضعيته الصحية، وسط أنباء عن تدهور صحته، وهو ما زاد من مخاوف أفراد عائلته وزملائه في المحاماة، ورفاقه في النشاط السياسي.
المحامون يتضامنون مع البحيري
وكرد فعل على ما حدث للبحيري، أعلن عدد من المحامين عن حملة التضامن معه ومع زوجته.
ودخلت مجموعة من المحامين في اعتصام مفتوح بدار المحامي بالعاصمة منذ مساء الجمعة، احتجاجاً على "اختطاف الرجل وإخفائه"، على حد تعبيرهم.
وفي السياق، نشرت هيئة الدفاع عن المحامي نور الدين البحيري بلاغها الثالث الذي أكدت فيه "مواصلة الاعتصام بدار المحامي"، وعبرت عن "التضامن مع المحامية دلندة مرايحي الموقوفة، والمطالبة بالإفراج الفوري عنها".
كذلك أعلنت أن "شخصيات وطنية ووفوداً أدت زيارات لمقر الاعتصام بدار المحامي، ومن بينهم الأستاذ عبد الفتاح مورو، الرئيس السابق لمجلس نواب الشعب، إضافة إلى وفد عن اللقاء الوطني الديمقراطي برئاسة الأستاذ أحمد نجيب الشابي، فضلاً عن عدد من الزملاء المحامين من شيوخ المهنة، كما تلقت الأستاذة سعيدة العكرمي زوجة الأستاذ نور الدين البحيري مكالمات تضامنية من شخصيات وهيئات وطنية ودولية"، بحسب البلاغ.
النهضة تحذّر بشأن صحة البحيري
وقالت حركة "النهضة"، في بيان لها، إنه "بعد مرور ثلاثة أيام على اختطاف الأستاذ نور الدين البحيري نائب رئيس حركة النهضة والنائب بالبرلمان، ووزير العدل السابق، واحتجازه بمكان غير معلوم، وحرمانه من الرعاية الصحية وتناول الدواء، فإن مكتب الصحة والشؤون الاجتماعية لحركة "النهضة" يعلم الرأي العام أن السيد نور الدين البحيري يعاني من أمراض مزمنة، كالسكري وارتفاع ضغط الدم واضطراب نبضات القلب، تتطلّب متابعة دقيقة واستعمال أدوية متعددة بشكل يومي. كما تطلبت حالته في عدة مرات سابقة المتابعة الدائمة والإيواء داخل أحد مستشفيات العاصمة إثر تعرضه لوعكة صحية خطيرة".
وحذرت "النهضة" من أن "حرمان نور الدين البحيري من العلاج وأخذ الدواء مدة ثلاثة أيام، وتعريضه للضغط النفسي والعنف الجسدي، يعرضه إلى التعكر الشديد ومضاعفات خطيرة يمكن أن تهدد حياته بالخطر المميت لا قدر الله".
ودعا البيان إلى "الكشف عن مكان احتجاز الأستاذ البحيري وتوفير الرعاية الصحية الفورية له"، محمّلاً "مسؤولية سلامته الجسدية لرئيس سلطة الأمر الواقع والمكلف بتسيير وزارة الداخلية، كما يطالب السلط الصحية التونسية ومنظمة الهلال الأحمر والصليب الأحمر الدوليين بالتدخل العاجل لإنقاذ حياته".