تسيطر حالة من القلق والغضب على عددٍ من رجال الأعمال المصريين، بسبب الممارسات التي تتّبعها السلطات المصرية حيالهم، لسدّ العجز المالي الذي يعانيه الاقتصاد الرسمي للدولة. ودفعت الأزمة الاقتصادية السلطات، لابتزاز عددٍ من كبار رجال الأعمال، للحصول منهم على ملايين الجنيهات، في ظلّ رفض عدد من هؤلاء الاستجابة لضغوط بعض الأجهزة السيادية، للمشاركة في تحمّل تبعات القرارات الاقتصادية الأخيرة. وفي هذا الصدد، كشفت مصادر مصرية خاصة لـ"العربي الجديد"، تفاصيل جديدة بشأن التسوية التي تمّ بموجبها إطلاق سراح رجل الأعمال صلاح دياب، مالك صحيفة "المصري اليوم" (في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي)، بعد نحو 20 يوماً قضاها محتجزاً في أحد السجون. وقالت المصادر، إن "النظام المصري يحاول، منذ فترة، الضغط بطرق شتى على دياب، لإجباره على تمويل صندوق تحيا مصر، والمساهمة في عملية دعم الاقتصاد، وهو ما رفضه رجل الأعمال أكثر من مرة، معتبراً أنه لا توجد أي مخالفات عنده لكي يتم ابتزازه من وقت لآخر، وأنه دفع أكثر من مرّة تبرعات للصندوق، وهو الأمر الذي أثار غضب الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصياً قبل أن يوجه بمعاقبته".
ضغط على رجال الأعمال لتمويل صندوق تحيا مصر، والمساهمة في دعم الاقتصاد
وأضافت المصادر أنه "عقب إلقاء القبض على دياب وتوجيه اتهامات عدة له، وهي بالطبع اتهامات من باب الضغط فقط، بدأت عملية التفاوض من جانب مسؤول بارز، معروف بقربه الشديد من رئيس الجمهورية، والذي طالب دياب في بادئ الأمر بدفع 500 مليون جنيه (حوالي 32 مليون دولار أميركي)، وهو ما رفضه رجل الأعمال، ما دفع المسؤول للانسحاب من اللقاء الذي جرى خلاله احتجاز دياب، ليستمر حبسه، قبل أن يطلب دياب اللقاء مجدداً، والذي تمّت الاستجابة له بعد 5 أيام من طلبه". وأوضحت المصادر أنه "خلال اللقاء الثاني، جرت المفاوضات حول المبلغ بشيء من الحدة من جانب المسؤول، الذي طالب دياب باستغلال الفرصة وعدم تفويتها لأن هذا العرض ربما لا يكون صالحاً لفترة طويلة"، مشيرة إلى أن "المفاوضات انتهت بتخفيض المبلغ إلى 230 مليون جنيه، تعهد دياب بدفعها لصالح إحدى الجهات".
وأكدت المصادر أنه بعد دفع المبلغ، تمّ إطلاق سراح رجل الأعمال، والتنازل عن حصة دياب في صحيفة "المصري اليوم". ولفتت في هذا الصدد، إلى أن "دياب تمسّك بالصحيفة حتى آخر لحظة، إلا أن المسؤول أبلغه أن حصّته فيها هي أساس التفاوض، وأنه لن يتم إطلاق سراحه قبل التنازل عنها"، مؤكدة أن النفي الذي أصدره رئيس مجلس إدارة الصحيفة (عبد المنعم سعيد) لذلك أخيراً، يأتي لتحسين صورة النظام المصري عقب إطلاق سراح دياب، في أعقاب الحديث عن تنازله عن الصحيفة. وباتت "المصري اليوم"، جزءاً من ممتلكات جهاز سيادي يبسط سيطرته على وسائل الإعلام المصرية، ومن المقرر أن يتم إعلان تلك الخطوة بشكل رسمي عقب انتهاء عملية إعادة هيكلتها، وتخفيض عدد العاملين فيها، قبل أن يتسلمها ذلك الجهاز، بحسب المصادر.
من جهة أخرى، كشفت المصادر أن رجل الأعمال المصري صفوان ثابت، والذي ألقت أجهزة الأمن المصرية القبض عليه أخيراً، بعد توجيه اتهامات له متعلقة "بالانضمام إلى جماعة الإخوان وتمويلها"، تعرض للأمر ذاته، بعدما رفض في فترة سابقة دفع مبلغ تجاوز الـ100 مليون جنيه (6 ملايين دولار أميركي)، لصالح إحدى الجهات، بطلب من مسؤولين في جهاز سيادي، قبل أن يتم القبض عليه. وأشارت المصادر إلى أن "هناك مفاوضات جارية في الوقت الحالي، مع ثابت وممثلين عنه، بشأن مبلغ مالي يتعهد بدفعه مقابل إطلاق سراحه". وأكدت المصادر أنه طُلب من ثابت أخيراً دفع 350 مليون جنيه، وهو الأمر الذي قوبل بالرفض من جانب رجل الأعمال، الذي يترأس مجلس إدارة مجموعة "جهينة" للمنتجات الغذائية، موضحة أن عملية التفاوض بشأن المبلغ لا تزال جارية، ولم يتم حسمها.
يطلب من رجال الأعمال دفع مبالغ مالية وسط توجيه اتهامات لهم
في مقابل ذلك، أعلن رجل الأعمال رجب السويركي، مالك سلسلة متاجر "التوحيد والنور"، تبرعه بمبلغ 10 ملايين جنيه لصالح صندوق "تحيا مصر"، بعد أيام من القبض عليه بتهمة الانضمام إلى جماعة "الإخوان" وتمويلها. وقام محامي السويركي، بإيداع 10 ملايين جنيه (636 ألف دولار) نقداً في حساب صندوق "تحيا مصر"، في أحد المصارف المحلية، وذلك في ظلّ قرار التحفظ على أموال السويركي من جانب الجهات القضائية. وكانت النيابة قد قررت حبس السويركي في وقت سابق عقب توقيفه لمدة 15 يوماً على ذمّة التحقيقات، بتهمة تمويل والانضمام إلى جماعة إرهابية.