تقدم نشطاء مغاربة، اليوم الأربعاء، بعريضة إلى رئاسة الحكومة تطالب بوقف التطبيع مع إسرائيل وإلغاء جميع الاتفاقيات معها، وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالعاصمة الرباط، وذلك في خطوة غير مسبوقة منذ إعلان استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب في العاشر من ديسمبر/كانون الأول 2020.
وتأتي الخطوة التي تقدم بها وكيل لائحة العريضة الحقوقي عبد الرحمن بن عمرو، بعد شهر من إعلان سكرتارية "مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين" (غير حكومية) عن إطلاق عريضة شعبية لوقف التطبيع، خلال المسيرة الحاشدة التي نظمت بالرباط في 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي، تزامنا مع الذكرى الثالثة لتوقيع اتفاق التطبيع.
وقال منسق "مجموعة العمل الوطنية" عبد القادر العلمي، خلال ندوة صحافية في الرباط، اليوم الأربعاء، إن العريضة "تتويج وخلاصة لما جرى في مئات المسيرات والوقفات الاحتجاجية التي اجتاحت كل أنحاء المغرب والتي طالب فيها ملايين المغاربة وبصوت واحد بضرورة إنهاء كل صلة أو علاقة أو شكل من أشكال التعامل مع كيان عصابة الإجرام الصهيوني".
وبينما يفترض أن تتدارس لجنة العرائض التابعة لرئاسة الحكومة، خلال الأيام المقبلة، العريضة، لإبداء الرأي ورفع الاقتراحات حولها إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، قال رئيس "المرصد المغربي لمناهضة التطبيع" أحمد ويحمان لـ"العربي الجديد"، إن الأمر يتعلق بـ"عريضة شعبية لتجديد المطالبة بضرورة الإسراع في قطع جميع العلاقات مع كيان الاحتلال الإرهابي الصهيوني وإغلاق مكتب الاتصال العار نهائيا".
وأفاد ويحمان بأن معدو العريضة تمكنوا من جمع أزيد من نصف العدد المطلوب قانونيا، مضيفا: "ما تزال آلاف العرائض ترد إلينا من مختلف الجهات، لكن ارتأينا أن نقدم ما تم فرزه من العرائض بما يضاعف الرقم القانوني، على أن نبقي العريضة مفتوحة لمواصلة توقيع المغاربة الذين يلحون في طلبها والإبقاء عليها مفتوحة".
وأضاف: "هي حجة أخرى على الحكومة وعلى التطبيع المفروض استبداديا. كما أنها خطوة وحجة أخرى بعد المسيرة المليونية في العاصمة الرباط، والمسيرات الحاشدة بمختلف المدن، وبعد الوقفات الاحتجاجية اليومية العارمة، على امتداد خريطة البلاد، والتي يصرخ فيها المغاربة، دون توقف، بإدانة التطبيع باعتباره خيانة للشعبين الفلسطيني والمغربي.. التطبيع سقط شعبيا ويبقى أن يسقط رسميا ببيان مسؤول ونهائي".
ويشكل تقديم العرائض إلى السلطات العمومية عُرفا قديما في المغرب؛ لكنه لم يكن مؤطراً بقانون يلزم التفاعل معها من قبل السلطات، قبل أن يصبح مقننا بقوة الدستور بعد دخول القانون التنظيمي رقم 44.14.
وتعتبر العريضة؛ إحدى الوسائل المتاحة للمواطنين، لمطالبة الحكومة باعتماد سياسة عمومية أو إلغاء اتفاقيات، وبعد تقديمها، ينتظر أن تقبل بها رئاسة الحكومة أو ترفضها، وفق القانون المنظم للعرائض.
ويشترط في قبول العريضة أن يكون الهدف منها تحقيق مصلحة عامة، ومطالبها ومقترحاتها وتوصياتها مشروعة، وتبيان الأسباب الداعية إليها وأهدافها، وأن تكون مرفقة بلائحة دعم موقعة على الأقل من قبل 5000 مواطن مرفقة بنسخ من بطاقاتهم الوطنية للتعريف.
وكان المغرب قد وقع في 22 ديسمبر/كانون الأول 2020، على إعلان ثلاثي مشترك للتطبيع مع إسرائيل في خضم زيارة للمغرب قام بها وفدان أميركي وإسرائيلي، برئاسة مستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر، والمستشار الخاص السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي مئير بن شبات.
وبقدر ما كان تطبيع المغرب مع إسرائيل، عبر التوقيع على جملة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في كثير من المجالات والزيارات المتوالية لمسؤولي الطرفين خلال السنوات الثلاث الماضية، دليلا على تقارب ملحوظ في العلاقات بين الرباط وتل أبيب، إلا أن الثابت وسط مرحلة التوتر الذي أحدثه العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، هو أن المرحلة الحالية تعتبر منعطفا مفصليا وامتحانا لمستقبل وآفاق العلاقات بين البلدين.
ويشارك المغاربة بفعاليات تضامنية مع غزة بشكل شبه يومي منذ بدء الحرب، كان من أبرزها المسيرة المليونية التي نظمت في 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بالعاصمة الرباط.
وتحولت المسيرات والوقفات التي ينظمها المغاربة منذ بدء الحرب إلى مصدر قلق لدولة الاحتلال الإسرائيلي، إذ بدأ الإعلام العبري بوصف هذه المسيرات بأنها "معاداة للسامية".