يتبادل كل من موسكو وواشنطن الاتهام بزعزعة الاستقرار في منطقة جنوب القوقاز في ظل فرار الآلاف من العرق الأرمني من منازلهم في ناغورنو كاراباخ، بعد سيطرة أذربيجان على الإقليم، في وقت بحث الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي أجراه الأخير، تطورات القوقاز ومخاوف إيرانية من تغييرات على حدودها مع أرمينيا.
ورغم اعتماد أرمينيا على شراكة أمنية مع روسيا منذ تفكك الاتحاد السوفييتي، توترت علاقاتهما بشدة بعد حرب أوكرانيا في العام 2022.
وكتب السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف على تطبيق التراسل تليغرام: "نحث واشنطن على الامتناع عن الكلمات والأفعال شديدة الخطورة التي تؤدي إلى زيادة مصطنعة في العداء ضد روسيا في أرمينيا".
وجاء تعليق أنتونوف، اليوم الثلاثاء، بعد تصريحات في اليوم السابق لمتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية في أعقاب اتهام أرمينيا لموسكو بعدم التدخل عند استيلاء القوات الأذربيجانية، الأسبوع الماضي، على كاراباخ.
وقال المتحدث ماثيو ميلر للصحافيين: "أعتقد أنّ روسيا أظهرت أنها ليست شريكاً أمنياً يمكن الاعتماد عليه".
وحمّل رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان روسيا مسؤولية الفشل في ضمان أمن الأرمن. لكن موسكو قالت إنّ أرمينيا وحدها تتحمّل مسؤولية انتصار أذربيجان في كاراباخ لأنها غازلت الغرب بدلاً من العمل مع موسكو وباكو من أجل السلام.
وأمس الاثنين، وصل مسؤولون رفيعو المستوى من الولايات المتحدة إلى أرمينيا في أول زيارة من نوعها منذ قبول الأرمن في كاراباخ وقف إطلاق النار، الأسبوع الماضي.
في المقابل، بحث الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي أجراه الأخير، العلاقات الثنائية وانضمام إيران إلى مجموعة "بريكس" الدولية. كما بحث الجانبان تطورات القوقاز الجديدة على وقع العملية الأذربيجانية في كاراباخ، ومخاوف إيرانية من تغييرات على حدودها مع أرمينيا للربط بين جمهورية أذربيجان ونخجوان ذاتية الحكم التابعة لأذربيجان، وزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى هذه المنطقة.
وذكر موقع الرئاسة الإيرانية أن الرئيس الإيراني شكر روسيا على دعمها لانضمام إيران إلى مجموعة "بريكس" خلال الشهر الماضي، معتبرا أنها "إحدى المنظمات المؤثرة الناشئة في رسم عالم متعدد الأقطاب وأرضية مناسبة لتوسيع العلاقات الثنائية والإقليمية والدولية بين إيران وروسيا وبقية الدول الأعضاء".
وأكد رئيسي أن "مسار العلاقات بين البلدين مطلوب"، داعيا إلى الإسراع في تنفيذ الاتفاقيات الثنائية والمشاريع المشتركة، في مجالي النقل وتبادل الطاقة وإكمال ممر "الشمال ـ الجنوب" الذي يربط روسيا وأوروبا بالخليج عبر شبكة طرقات بحرية وبرية وسكك حديدية.
وأضاف موقع الرئاسة الإيرانية، أن رئيسي وبوتين بحثا آخر التطورات في منقطة القوقاز الجنوبي، مع التأكيد على ضرورة الحوار بين أذربيجان وأرمينيا لحل الخلافات، فضلا عن إجراء الحوارات عبر صيغة "3+3" المكونة من إيران، وروسيا وتركيا، وأرمينيا، وأذربيجان وجورجيا.
وفي الاتصال، أكد الرئيس الروسي أن حجم التجارة بين البلدين شهد "رقما قياسيا" العام الماضي، معربا عن أمله في تنفيذ الخط السككي بين مدينتي رشت وأستارا الإيرانيتين على طريق ممر "الشمال ـ الجنوب" والربط الحديدي بين إيران وأذربيجان وروسيا.
وأضاف بوتين أن إيران "شريك استراتيجي" لروسيا، حسب ما أورده موقع الرئاسة الإيرانية.
نحو 13 ألفاً يغادرون كاراباخ
في غضون ذلك، أفادت أرمينيا، اليوم الثلاثاء، بأنّ 13350 لاجئاً وصلوا من الإقليم ذي الغالبية الأرمينية بعد سيطرة أذربيجان عليه.
Just a river of cars... from Stepanakert to Hakari...
— Marut Vanyan (@marutvanian) September 26, 2023
We drove two meters, waited two hours...
Be patient, those who haven't arrived yet… pic.twitter.com/8e95LotNru
وقالت الحكومة الأرمينية في بيان: "حتى الساعة الثامنة صباحاً في 26 سبتمبر/ أيلول دخل 13350 شخصاً، نزحوا قسراً من كاراباخ"، مؤكدة أنها توفر المسكن لهم.
وتعهدت باكو بحماية حقوق الأرمن الذين يبلغ عددهم نحو 120 ألفاً ويصفون كاراباخ بأنها وطنهم، لكن لم تقبل بهذه التطمينات سوى قلة.
وفي هذا السياق، قال مصدر حكومي لوكالة فرانس برس، الثلاثاء، إنّ حرس الحدود الأذري يبحث عن أشخاص يشتبه في ارتكابهم "جرائم حرب" وسط اللاجئين الذين يغادرون كاراباخ إلى أرمينيا.
وقال المصدر إنّ "أذربيجان تعتزم تطبيق عفو على المقاتلين الأرمن الذين ألقوا أسلحتهم في كاراباخ. لكن أولئك الذين ارتكبوا جرائم حرب خلال حروب الإقليم يجب أن يسلموا إلينا" وذلك في معرض تفسيره لأسباب الطلب من الرجال في سن القتال أن ينظروا إلى كاميرا عند آخر نقطة تفتيش حدودية.
من جهة أخرى، قالت السلطات الأرمينية في الإقليم إنّ ما لا يقل عن 20 شخصاً قتلوا في انفجار وقع بمستودع للوقود.
وأضافت السلطات أنّ 290 شخصاً نقلوا إلى المستشفيات، وأنّ العشرات منهم "لا يزالون في حالة حرجة".