وجّه النائب في البرلمان الأردني المحامي صالح العرموطي، في رسالة إلى الحكومة نشرها اليوم الأربعاء، سؤالاً نيابياً إلى رئيس الوزراء بشر الخصاونة، حول الإجراءات التي اتخذتها حكومته في بعد إعلان دولة الاحتلال عزمها تدشين جدار على طول الحدود مع الأردن.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد أعلن في 3 سبتمبر/ أيلول الماضي، أن حكومته ستبني جداراً على طول الحدود مع الأردن.
وفي تغريدة على حسابه عبر "تويتر"، كتب نتنياهو: "لقد دشنا جداراً على حدودنا الجنوبية مع مصر ومنعنا عمليات التسلل من هناك، ولولا هذه الخطوة لتسلل إلى إسرائيل أكثر من مليون أفريقي، وهذا كان سيفضي إلى تدمير دولتنا". وأضاف: "الآن سنقيم جداراً على حدودنا الشرقية مع الأردن لضمان عدم التسلل عبرها".
وقال العرموطي إنّ ذلك الإعلان يشكل اعتداء على سيادة الدولة الأردنية وأمنها واستقرارها، كما يعتبر خرقاً للقانون الدولي والمواثيق الدولية. وتساءل النائب في رسالته: "هل لدى الحكومة الأردنية رغبة بتقديم شكوى لدى المحكمة الجنائية الدولية، باعتبار أن ذلك إخلال بالسلم والأمن العالميين وجرائم ضد الإنسانية".
واستفسر العرموطي من الحكومة إذا ما كان لديها نيّة للتوجه إلى محكمة لاهاي الدولية التي سبق لها أن قررت اعتبار جدار الفصل العنصري في فلسطين المحتلة جداراً عنصرياً يتعارض مع القانون الدولي ويجب إزالته، كما تساءل إذا ما كان الجانب الإسرائيلي قد نسّق مع أي جهة رسمية أردنية حول بناء هذا الجدار.
وقال النائب العرموطي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ سؤاله جاء بعد صمت الحكومة وعدم تعليقها على التوجه الإسرائيلي المعلن لبناء الجدار، كما جاء لإطلاع الرأي العام الأردني على التهديدات الإسرائيلية لسيادة البلاد، معرباً عن استغرابه من عدم تحرك الحكومة الأردنية في هذه القضية، التي قال إنها "تشكل خطراً على الأردن".
وأضاف أن "هذه الجدار اعتداء سافر على السيادة الأردنية، كما يهدف إلى وضع عراقيل جديدة أمام إقامة الدولة الفلسطينية، فإغلاق الحدود يعني وضع حاجز مع الأراضي المحتلة"، مؤكداً أن "حديث الاحتلال عن دوافع أمنية لبناء الجدار هو أمر غير صحيح، وكان على الأردن تقديم شكوى لدى مجلس الأمن، فهذه الخطوة تشكل إخلالاً بالسلم العالمي، ومن واجبنا الدفاع عن بلادنا، وإذا كانت الحكومة عاجزة عن إثارة الموضوع فمن حق مجلس النواب عمل هذه الخطوة".
وأوضح العرموطي أن محكمة لاهاي الدولية اعتبرت عام 2004، جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل يتعارض مع القانون الدولي والشرعية الدولية، وهو ما ينطبق أيضاً على هذا الجدار، مؤكداً أن "إقامة الجدار تمثل محاولة للاستمرار بتنفيذ صفقة القرن، وتمرير احتلال الأغوار وشمال البحر الميت".
بدوره، قال الباحث الاستراتيجي الأردني عامر السبايلة، لـ"العربي الجديد"، إنّ قضية بناء الجدار ليست غريبة عن العقلية الأمنية الإسرائيلية فهي مطبقة مع مصر، ورأى الباحث أن الجانب الإسرائيلي يحاول إشاعة انطباع أن الخطر يأتي من جهة الأردن، تزامناً مع حديثه عن تهريب سلاح، واختراق إيراني، وهذا واضح في الروايات الكثير في الإعلام الإسرائيلي في الفترة الاخيرة، ومنها قضية النائب عماد العدوان الذي اتهم بتهريب السلاح في أبريل/ نيسان الماضي.
وأشار الباحث إلى أن "فكرة التنسيق الأمني مع الأردن كانت تدار سابقاً بقنوات مغلقة، لكن اللجوء لإعلان مثل هذه الخطوة محاولة لتجريد الأردن من نقاط قوته، وأن التحالف الأمني لم يعد مجدياً".
وأضاف أن "الموضوع الأمني عادةً ما كان أساس ضبط الرؤيا السياسية الأردنية في علاقتها مع إسرائيل، فرغم تغير الحكومات يبقى الأردن على تواصل مع الجانب الآخر"، مؤكداً أن "هذه الخطوة تهدف إلى تجريد الأردن من نقاط قوته المؤثرة على القرار الإسرائيلي، خاصة أن المؤسسات الأمنية الإسرائيلية تتبنى الحفاظ على استقرار العلاقات مع الأردن، بغض النظر عن تغير الحكومات".
وأوضح السبايلة أن "إقامة الجدار من شأنه أن يُفقد الأردن جزءاً من تأثيره على صنع القرار الإسرائيلي، وبالتالي لن تبقى الحكومات الإسرائيلية تأخذ مصالح ومخاوف الأردن بعين الاعتبار".