اقترح رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، اليوم الثلاثاء، طرح مجلس النواب الثقة بحكومته، بعد إسقاط اللجان النيابية، أمس الإثنين، مشروع قانون "الكابيتال كونترول" بصيغته الجديدة، وامتعاض ميقاتي من طريقة تعاطي مجلس النواب مع خطوات الحكومة الإصلاحية، وفق ما أكده مصدر مقرّب منه لـ"العربي الجديد".
وطلب ميقاتي في الجلسة التشريعية التي عُقدت صباح اليوم في قصر اليونسكو برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، تحويل الجلسة إلى مناقشة عامة، وعلى ضوء النتائج طرح الثقة بالحكومة، وذلك بعد التطورات التي حصلت أمس، فردّ بري "هذه جلسة تشريعية مش فاضي (ليس لدي وقت) لهذه الشغلة"، ليقول ميقاتي: "وضع البلد يقتضي ذلك، وهناك من طلب عبر الإعلام هذا الأمر"، فردّ بري: "لم يصلني هذا الطلب".
وأوصت اللجان النيابية المشتركة، أمس، الحكومة بـ"صوغ مشروع قانون متماسك، تأتي به إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره، آخذة في الاعتبار المصلحة العليا للمودعين"، فكان الردّ عليه من الأوساط الحكومية المقرّبة من ميقاتي بأن النواب يبحثون عن مواقف شعبوية على أبواب الانتخابات النيابية، وأن الصيغة المعروضة نالت موافقة صندوق النقد الدولي.
ويعترض نقابيون ومكلفون بقضايا حماية أموال المودعين واقتصاديون على مشروع "الكابيتال كونترول" بصيغته الجديدة التي يعتبرونها "استنسابية ومجحفة، وتمنح حاكم مصرف لبنان والبنوك حق احتكار القرارات، وصلاحية إصدار أحكام عرفية"، والتي مرّرها نائب رئيس الوزراء سعادة الشامي، ملوّحين بمواجهة النواب بالتزامن مع جلسة اليوم التي كان الملف مدرجاً على جدولها لمناقشته، قبل أن تسقطه اللجان.
وقال مصدر مقرّب من ميقاتي لـ"العربي الجديد"، إن "رئيس الوزراء ممتعض من طريقة تعاطي مجلس النواب مع خطوات الحكومة الإصلاحية، خصوصاً تلك التي يطلبها صندوق النقد الدولي، ويشترطها للتفاوض مع لبنان، وتقديم الدعم المطلوب لإخراجه من حال الانهيار".
وأشار إلى أن "هذه ليست المرة الأولى التي يطاح فيها بملف الكابيتال كونترول، والوفد ينتظر أجوبة حاسمة من لبنان هذا الأسبوع حيال هذا الموضوع، في حين أن هناك نواباً وكتلاً يسعون لمواقف شعبوية في دفاعهم عن حقوق المودعين لكسب الأصوات الانتخابية، ولا يريدون السير بأي خطوة رغم علمهم بأهميتها، وألا مهرب منها قبل موعد الانتخابات نظراً لتداعياتها القاسية على المواطنين".
وكرّر رئيس مجلس الوزراء اليوم بعد الجلسة التي عادت ورُفعت بعد فقدان النصاب، موقفه الرافض للاستقالة من بوابة إجراء الانتخابات النيابية، وهو الدور الذي يتذرع أنه ترأس الحكومة لأجل تحقيقه. وقال ميقاتي إن الاستقالة غير واردة من الحكومة كي لا نضطر إلى تأجيل الانتخابات النيابية، مضيفاً: "لن أكون سبباً لتعطيل الانتخابات، ولهذا السبب لن أقدم على الاستقالة".
وفي سياق آخر، قال ميقاتي: "في ضوء المؤشرات الخارجية التي تصلنا، والجولات الخارجية التي أقوم بها، نلمس دعماً كبيراً للبنان وسعياً لمساعدته، فيما نرى داخل البلد تخبطاً وسعياً من قبل البعض لاستثمار كل الأمور في الحملات الانتخابية، تارة من قبل فريق يعارض العهد، وتارة من قبل فريق يعارض الحكومة ويتهجم عليها. والخاسر الأكبر من هذه الحملات هو البلد". وأضاف: "بدل أن نتعاون، حكومة ومجلساً نيابياً، للخروج من الأزمة التي نحن فيها، نرى تهجماً لا فائدة منه، وبالأمس سمعت كلاماً يتعلق بالحكومة وبطرح الثقة بها، فقلت لم لا، طالما أن أوراقنا مفتوحة ونحن على استعداد لعرض ما لدينا بكل شفافية، ولتوضيح المشكلات التي نعاني منها، وإذا كان المجلس النيابي مستعداً للتعاون معنا، فهذا أمر أساسي لأن البلد يتطلب تضافر كل الجهود".
وشدد على أنه لا يمكن حلّ المشكلات التي نعاني منها بالطريقة الشعبوية التي نشهدها، والوطن يدفع الثمن اليوم.
وعن ملف "الكابيتال كونترول"، أوضح ميقاتي أن "هذا الموضوع مطروح أمام المجلس النيابي منذ شهرين كاقتراح قانون، والمجلس هو من طلب ملاحظات صندوق النقد الدولي، وقد أضفناها على الاقتراح المعروض على المجلس، فطلبوا مجدداً أن نحيله كمشروع قانون من قبل الحكومة، وهذا ما سيحصل. نحن مستعدون للمحاسبة على أي عمل نقوم به، وأكرر الدعوة للتعاون الكامل بيننا وبين السادة النواب والمجلس النيابي الكريم، ومع احترامي لكل الآراء، لكن يجب أن تطرح على أساس المصلحة الوطنية. كفى تغليباً للمصالح الشخصية على المصالح الوطنية، لأن الوطن هو من يدفع الثمن".
وأقرّ البرلمان اللبناني في جلسة اليوم فتح اعتماد إضافي استثنائي في الموازنة العامة لعام 2022 في موازنة وزارة الداخلية والبلديات – الدوائر الإدارية (المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين)، وفي موازنة وزارة الخارجية والمغتربين – الإدارة المركزية والبعثات في الخارج، وذلك لتغطية نفقات الانتخابات النيابية المزمع اجراؤها في مايو/أيار المقبل.
وكان مجلس الوزراء أقرّ في 15 فبراير/شباط الماضي اعتمادات مالية بقيمة 320 مليار ليرة لبنانية لتغطية الانتخابات، 260 منها لوزارة الداخلية و60 لوزارة الخارجية لتأمين الانتخابات لغير المقيمين (سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة ومنصة صيرفة 22100 ليرة للدولار).
وعلى الرغم من اقتراب موعد إجراء الانتخابات، لم تُصرف الاعتمادات بعد، ولم تُمنح تلك اللازمة لهيئة الإشراف على الانتخابات حتى تقوم بالرقابة المطلوبة، في ظلّ تسجيل مخالفات جمّة من رشاوى ودعاية انتخابية، وخطاب كراهية وغيرها من التجاوزات.
كذلك، أقر البرلمان المرسوم رقم 8663 المتضمن إعادة القانون الرامي إلى إلزام المصارف العاملة في لبنان بصرف مبلغ 10,000 دولار أميركي وفق سعر الصرف الرسمي للدولار، للطلاب اللبنانيين الجامعيين الذين يدرسون في الخارج قبل العام 2020 – 2021، في خطوة تأتي على وقع تحرك احتجاجي ينفذه أولياء الطلاب بالتزامن مع انعقاد الجلسة.
وعلى الرغم من التحركات الاعتراضية والبيانات المحذرة من المجموعات المدنية المستقلة المعنية، أقرّ مجلس النواب اليوم تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية حتى تاريخ 31 مايو/أيار 2023، وبالتالي تأجيل الانتخابات.
ومن اقتراحات القوانين التي أقرّها مجلس النواب اليوم، دعم صناعة الأدوية المنتجة محلياً، وذلك في ظلّ أزمة الدواء الخطيرة التي يعاني منها لبنان، والإهمال المستمرّ لهذا الملف، خصوصاً على صعيد أدوية السرطان والأمراض المستعصية والمزمنة.