ميشال بارنييه أمام تحدي تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة

06 سبتمبر 2024
بارنييه بعد تعيينه رئيساً لوزراء فرنسا، 5 سبتمبر (سارة ميسونييه/فرانس برس)
+ الخط -

عكف رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ميشال بارنييه على تشكيل حكومة جامعة، في محاولة لإخراج البلاد من المأزق السياسي الغارقة فيه منذ الانتخابات التشريعية التي جرت قبل شهرين. وكلّف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بارنييه بتشكيل "حكومة جامعة تكون في خدمة البلاد". ويدرك المفوض الأوروبي السابق البالغ 73 عاماً، والذي يستقبله ماكرون اليوم الجمعة، أن عليه إيجاد التوازنات الضرورية لكي لا يسقط عند أول مذكرة حجب ثقة في الجمعية الوطنية المشرذمة.

وتفيد أوساط الوزير السابق بأنه أجرى الكثير من الاتصالات الهاتفية قبل توليه مهامه حتى، شملت خصوصاً مسؤولين في اليمين، ورئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي، ورئيسي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ. ويستقبل اليوم بعد لقاء مع سلفه غابريال أتال، مسؤولي حزب الجمهوريين اليميني الذي ينتمي إليه، للبحث في شروط المشاركة في حكومته المقبلة. وأكدت أوساط بارنييه أنه تم الاتصال أيضاً "ببعض الشخصيات اليسارية"، وستحصل اتصالات أخرى تشمل أيضاً حركة فرنسا الأبية اليسارية الراديكالية، "لأنه يريد أن يجمع وأن يحترم الجميع".

ومدّ رئيس الوزراء الجديد اليد منذ تصريحاته الأولى بقوله "يجب الإصغاء كثيراً"، و"احترام كل القوى السياسية" الممثلة في البرلمان، لأن "الفئوية علامة ضعف". وأضاف "ينبغي قدر المستطاع رفع التحديات، والاستجابة للغضب والمعاناة، والشعور بالإهمال والظلم"، ذاكراً من بين أولوياته التعليم المدرسي، والأمن، والهجرة، والعمل، والقدرة الشرائية. ووعد كذلك "بقول الحقيقة" حول "الدين المالي والبيئي" لفرنسا.

وبعد حالة ترقب استمرت ستين يوماً إثر الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في يوليو/تموز، وأسفرت عن جمعية وطنية مشرذمة، أصبح بارنييه البالغ 73 عاماً أكبر رئيس حكومة في تاريخ فرنسا الحديث. وتنقسم اليوم الجمعية الوطنية بين ثلاث كتل: تحالف الجبهة الشعبية الجديدة الذي يجمع الأحزاب اليسارية ويشغل أكثر من 190 مقعداً، يليه معسكر الرئاسة الذي فاز بـ160 مقعداً، والتجمّع الوطني اليميني المتطرّف الذي حصل على 140 مقعداً. ولم تحصل أيّ كتلة تالياً على الغالبية المطلقة التي تبلغ 289 مقعداً في المجلس الذي يتألّف من 577 مقعداً. وكان ماكرون دعا إلى هذه الانتخابات إثر الهزيمة الكبيرة التي منيت بها غالبيته في الانتخابات الأوروبية التي تصدّرها اليمين المتطرف في فرنسا.

ويتمتع بارنييه بخبرة واسعة في فرنسا والاتحاد الأوروبي، ويُعرف عنه أنه وسيط مخضرم، إذ كان كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي خلال مرحلة مغادرة المملكة المتحدة للتكتل القاري. وقبل ذلك تولى مناصب وزارية عدة اعتباراً من العام 1993، خصوصاً في عهدي الرئيسين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي. وينبغي على رئيس الوزراء الجديد أن يظهر كل خصاله الدبلوماسية، ليتمكن من تشكيل حكومة قادرة على الإفلات من مذكرات حجب الثقة في البرلمان، وإنهاء أخطر أزمة سياسية في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة.

وأعلن التجمع الوطني اليميني المتطرف من الآن أنه "لن يشارك" في حكومة بارنييه، و"وضع شروطاً" في وقت يشكل فيه نوابه الـ126 بيضة القبان في حال التصويت على حجب الثقة. وكان لليسار الذي يُعتبر القوة الأكبر في الجمعية الوطنية، وكان يطالب بمنصب رئيس الوزراء، الموقف نفسه، مندداً "برئيس وزراء عُيّن بإذن" من اليمين المتطرف. وندد زعيم الاشتراكيين أوليفيه فور عبر منصة إكس بـ"وصول إنكار الديمقراطية إلى الذروة"، فيما حل حزب الجمهوريين اليميني الذي ينتمي إليه بارنييه في المرتبة الرابعة في الانتخابات التشريعية.

وأكد الجمعة أنه على ثقة من أن "ما من شخصية" في الحزب ستنضم إلى حكومة ميشال بارنييه، مشدداً على أن هذا الأخير سيكون موضع مذكرة حجب ثقة فورية من جانب اليسار. وقال زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون "لقد سُرقت الانتخابات من الفرنسيين"، مؤكداً أنّ "هذا التعيين يعزز مسعاه لإقالة ماكرون مع دعوات إلى التظاهر السبت.

وإلى جانب حزب الجمهوريين، يمكن لبارنييه التعويل على أعضاء في الغالبية الرئاسية السابقة. وقال رئيس الوزراء السابق إدوار فيليب إن "كثيرين سيساعدونهم" من هذه الأوساط. وتبدي الكتلة الوسطية "ليوت" موقفاً إيجابياً حيال "السياسي صاحب الخبرة المتينة"، شرط "أن تعكس تشكيلة الحكومة المقبلة وتوجهاتها تغييراً في النهج والوجهة". وتفيد أوساط بارنييه بأنه "يريد وزراء أشداء كفوئين وفعالين"، وستتاح له "حرية" اختيارهم. وثمة استحقاق حيوي أمامه يتمثل بإعداد ميزانية العام 2025، بحلول الأول من أكتوبر/تشرين الأول.

(فرانس برس)

المساهمون