شهد اليوم الأول من القمة الاستثنائية للاتحاد الأوروبي في بروكسل، والتي استمرت جلساتها لأكثر من تسع ساعات وامتدت حتى وقت متأخر من ليلة أمس الخميس، محادثات وصفت بالطويلة والصعبة وتخللتها مناقشات حادة، وبخاصة حول العلاقة مع تركيا، في ضوء صراعها مع اليونان وقبرص على الغاز الطبيعي شرقيّ المتوسط.
ودعت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إلى الحوار والحل السلمي للتوترات مع أنقرة بخصوص شرق المتوسط، مبرزة أن أوروبا مهتمة بتطوير علاقة بناءة مع الدولة الشريكة في حلف شمال الأطلسي رغم التباين في وجهات النظر. وأوضحت أنه بطبيعة الحال لا بد من إزالة التوتر الحاصل حول التنقيب عن الغاز، مشددة على أن الدبلوماسية تلعب دورا بارزا في هذا المجال.
وبعد أسابيع من الاختلاف تمكن الزعماء الأوروبيون من التوافق على العقبة الأخيرة، المتمثلة بسحب قبرص للفيتو بفرض عقوبات على 40 شخصية مقربة من الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، متهمين بتزوير الانتخابات وقمع الاحتجاجات السلمية في البلاد. وبموجب التوافق سيتم الإبقاء على عدم ملاحقة لوكاشينكو بالعقوبات، وفق ما بينت شبكة "ايه أر دي" الإخبارية الألمانية، اليوم الجمعة، نقلا عن دبلوماسيين في بروكسل، وذلك لإبقاء الخيارات الدبلوماسية مفتوحة لتسوية النزاع معه أولا.
وقال رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، إن العقوبات يجب أن تدخل حيز التنفيذ فورا، وتلقت نيقوسيا بالمقابل تنازلات بما يخص العلاقة مع تركيا، فالاتحاد الأوروبي واصل التهديد بفرض عقوبات على أنقرة في حال اتخاذها إجراءات جديدة أحادية الجانب، في إشارة للتضامن مع أثينا ونيقوسيا إذا ما استمرت بالتنقيب عن الغاز شرقي المتوسط.
وبينت التقارير الصحافية، اليوم الجمعة، أن الأوروبيين يريدون الدعوة إلى محادثات بناءة مع تركيا بشرط أن تستمر الجهود للحد من التوترات. وفي هذا الإطار أعربت المستشارة الألمانية عن أملها أن تكون هناك مفاوضات ديناميكية مع تركيا، لا سيما ما يتعلق بسياسة اللجوء والاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي، موضحة أنه مطلب مهم للشركات الألمانية.
في المقابل، أكدت وزارة الخارجية التركية أن بلادها تحافظ على إرادتها وتصميمها على دفع عملية الانضمام للاتحاد الأوروبي وحل المشكلات العالقة عبر المفاوضات.
وأضاف البيان أنه "بدلا من توجيه المشاكل الثنائية والمصالح ضيقة الأفق، والتضامن الأعمى مع الأعضاء، فإن تركيا تحافظ على إرادتها وتصميمها على دفع عملية الانضمام للاتحاد الأوروبي، وحل المشكلات العالقة عبر المفاوضات في إطار أجندة المصالح والمستقبل المشتركين، والاحترام والثقة المتبادلين"، وفق ما نقلته وكالة "الأناضول".
وأشارت إلى أنه "بجانب بعض المواد الإيجابية الواردة في قرارات قمة الاتحاد الأوروبي حيال تركيا؛ إلا أن هناك أيضا جزءا كبيرا من هذه المواد منفصلة عن الواقع". واستطردت بأن القمة "لم تتطرق إلى القبارصة الأتراك، وإلى التقاسم العادل بين شطري جزيرة قبرص لموارد الجزيرة الطبيعية من النفط والغاز، ما يدل على أن الاتحاد الأوروبي يواصل عقلية تجاهل القبارصة الأتراك". وشدد على أنه إلى أن يتم إيجاد حل لقضية قبرص، فإن الجهة المحاورة لقبرص الرومية هي قبرص التركية، وليست تركيا.
وسيصار إلى مناقشة الوضع شرقي المتوسط مرة أخرى في قمة أوروبية في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، على أبعد تقدير، لاتخاذ قرار بشأن كيفية المضي قدما في هذا الملف. وبينت شبكة "أيه آر دي" أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قال صراحة إنه إذا لم يستمر الحوار فسيتم توقع اتخاذ تدابير مقيدة، مثلما دعا المستشار النمساوي سيباستيان كورتز لموقف أكثر صرامة مع أنقرة وفرض عقوبات عليها وإنهاء محادثات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية. في المقابل اعتبرت دول أوروبية أخرى أن العقوبات قد تجعل جهود الوساطة القائمة أكثر صعوبة.
ورحبت ميركل بالقرارات المتعلقة ببيلاروسيا وتركيا ووصفتها بأنها تقدم كبير، معتبرة العقوبات على أنصار لوكاشينكو "إشارة مهمة للغاية". وأدانت القمة رسميا تسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني، الذي يعد أحد أشد منتقدي الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. ودعا المشاركون في القمة بالإجماع إلى وضع حد فوري للعنف بين أرمينيا وأذربيجان في جنوب القوقاز.
واليوم الجمعة ستدور نقاشات القمة الأوروبية حول البنية التحتية الرقمية في دول الاتحاد الأوروبي، وإمكانية التوصل إلى نظام أوروبي موحد لتحديد الهوية الإلكترونية، فضلا عن تقديم المشورة بشأن وضع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.