تباينت مواقف الأحزاب التونسية بعد إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد، أمس الاثنين، تمديد إجراءاته الاستثنائية في البلاد إلى "أجل غير مسمى"، التي تم بموجبها إعفاء الحكومة وتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة البرلمانية عن كل أعضائه.
وقال الأمين العام لـ"الحزب الجمهوري" عصام الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "كان من المفترض على رئيس الجمهورية أن يتوجه بكلمة للشعب التونسي قبل الإعلان عن تمديد الإجراءات الاستثنائية والتي وردت في بيان مقتضب وكأنه مجرد إعلان عن التمديد في حالة الطوارئ".
وأوضح أنه "بعد مضي 30 يوما التي حددها الدستور لم يتحدث رئيس الجمهورية عن الإجراءات المتخذة حتى تعود دواليب الدولة للعمل"، مشيرا إلى أن "الفصل 80 الذي اعتمده رئيس الجمهورية يشير إلى ضرورة ضمان عودة مؤسسات الدولة، وبالتالي كان من المفترض على رئيس الجمهورية ومن الواجب التوجه للمواطنين والإعلان عن الخطوات القادمة".
وأضاف الشابي أن تونس ما زالت دون حكومة تقود البلاد وتعالج الملفات العالقة، معتبراً أن الاكتفاء ببيان مقتضب والقول إن رئيس الدولة سيتوجه بخطاب دون تحديد متى سيتم ذلك، يدل على المأزق وصعوبة الوضع.
ولفت إلى أن الرئيس رغم أنه يجمع بيده كل السلطات ورغم أنه قضى 30 يوما إلا أنه لم ينجح في إخراج البلاد من أزمتها أو على الأقل فتح أفق أو توضيح أين تسير بلادنا.
وتابع الشابي قائلا "تونس دون حكومة، والبرلمان لا يعمل، ولا توجد أي رؤية، وهذا غير ممكن"، لافتا إلى أن رئيس الجمهورية خلال المدة الماضية لم يقم بالتشاور مع أي حزب أو ممثلي المجتمع المدني سواء من مؤيديه أو معارضيه.
وقال إن رئيس الجمهورية سبق أن أعلن صراحة أنه لا حوار ولا خريطة طريق، معتبراً ذلك "أمراً مستغرباً من قبل رئيس دولة، وكان يجب أن يكون أحرص الناس على الحوار مع كل الأطراف".
وأضاف أن "الأغرب أن رئيس الجمهورية يتشاور في الشأن الداخلي مع الأصدقاء والأشقاء والوفود القادمة ولا يتشاور مع أبناء الوطن ومع الأحزاب والقوى المدنية وهم أصحاب حق ولهم كلمة".
ولفت الشابي الى أنه "لا مفر من أن يتخلى رئيس الجمهورية عن هذه الطريقة في إدارة الشأن العام وأن يتم التشاور مع الأحزاب والشخصيات الوطنية وأن نعود للعمل بالدستور ومؤسسات الدولة وننهي حالة تجميع السلطات بيد شخص واحد ويتم تكليف شخصية وطنية تكون قادرة على تشكيل حكومة إنقاذ وطني".
وأوضح أنه لا بد من تنظيم انتخابات والعودة للشعب وتنقيح القانون الانتخابي، وهو ما من شأنه أن يضع حدا للضبابية ويطمئن التونسيين، مشدداً بالقول "هذا يدعم وحدتنا الوطنية ويغلق الباب أمام التدخلات الخارجية، ومحاولات إقحام تونس في صراعات إقليمية".
بدوره، يرى النائب المستقل حاتم المليكي أن "هذا التمديد كان متوقعا، لأن العودة للحياة السياسية الطبيعية تتطلب حوارات، وللأسف لم تكن هناك نقاشات وحوارات خلال الفترة السابقة"، مضيفا أن "مجلس نواب الشعب حسب الفصل 57 في عطلة برلمانية، وبالتالي كان من المنتظر أن تتواصل الإجراءات الاستثنائية إلى حدود انتهاء العطلة البرلمانية".
واعتبر المليكي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الإشكال "ليس في التمديد، وخاصة أنه إجراء متوقع، ولكن هناك مسائل مستعجلة في تونس، وهي مواصلة العمل الحكومي وعديد الوزارات يوجد فيها وزراء بالنيابة، وخلال شهر سبتمبر/ أيلول تنتهي العطلة، وهناك مسائل مستعجلة وتعبئة موارد الدولة، وهناك صعوبات في تمويل الموازنة والتأجير، وهي مسائل تتطلب إجراءات واضحة ولا تعالج في يوم بل تطلب عملا ووضوحا، كما أن هناك مسألة تحجير (حظر) السفر على بعض النواب والشخصيات، وهذه الإجراءات لا يمكن أن تطول أكثر".
ولاحظ أن "النظام السياسي التونسي يشكو من عدة هنات ولا بد من إعادة النظر فيه، ومعالجة ذلك تتطلب آراء جميع الأطراف السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية، وبالتالي لا بد من توضيح الآليات الضرورية لإصلاح النظام السياسي، وهذه المواضيع من المفترض من شأنها أن تطمئن جميع الأطراف وأن تكون فيها رؤية واضحة".
في غضون ذلك، قال الناطق الرسمي باسم حركة "النهضة" فتحي العيادي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "بيان رئاسة الجمهورية مقتضب ولم يتم توضيح عديد النقاط التي يؤمل توضيحها في خطاب رئيس الجمهورية المنتظر"، مؤكدا أن "الحركة ستجتمع اليوم للإعلان عن موقفها وهو موقف واضح يتمثل في عودة البرلمان وإنهاء الإجراءات الاستثنائية".
ولفت إلى أنها "إجراءات غير دستورية ومهلة الثلاثين يوما كافية لإدراك حاجة البلاد لعودة مجلس نواب الشعب وإلى الديمقراطية".
وقال العيادي إنه "لا بد من تشكيل حكومة تشرف على أوضاع البلاد، وأن رئيس الجمهورية تحدث عن مواصلة تعليق اختصاص البرلمان ومواصلة التدابير الاستثنائية، ولكن ما زالت هناك عدة قضايا غير واضحة، والبيان مقتضب وجاء في ساعة متأخرة، وكأنه يعطي فرصة للرئيس للتفكير وإعداد خطابه".
بدوره، عبر وفد حزب "الأمل" عن موقفه مما تعيشه تونس وجملة تخوفاته واحترازاته مما يجري، وكذا "انشغاله حول الأزمة العامة التي تمر بها البلاد سياسيا واقتصاديا إضافة إلى الشلل الكامل لمؤسسات الحكم والهيئات الدستورية".
وعبر في بيان له إثر اجتماعه بالأمين العام لاتحاد الشغل التونسي نور الدين الطبوبي، عن "تخوفه مما قد ينتج عن جمع كل السلطات في يد رئيس الجمهورية منذ 25 جويلية (يوليو/ تموز) في غياب كل سلطة رقابية وعلى رأسها مجلس النواب والمحكمة الدستورية، وانشغاله لعملية التمديد في التدابير الاستثنائية بتاريخ 23 أوت (أغسطس/ آب) 2021 في ظل ضبابية الرؤية وغياب أي تصور واضح للخطوات المقبلة لرفع الإجراءات الاستثنائية وعودة المؤسسات لأداء عملها.
وشدد الحزب على تمسكه بالفصل بين السلطات والعودة للمؤسسات الشرعية.