مواجهات عنيفة في الضفة.. فلسطين تودع خمسة من أبنائها في يوم واحد

29 نوفمبر 2022
في يومٍ بدأ خط الدم فيه يتواصل ويمتد من جنوب الضفة وحتى وسطها (Getty)
+ الخط -

قبل أن تغرب شمس اليوم الثلاثاء سقط الشاب رائد غازي النعسان (23 عاماً) من قرية المغير، شمال رام الله وسط الضفة الغربية، وهو الشهيد الخامس في يومٍ بدأ خط الدم فيه يتواصل ويمتد، من بيت أمر في مدينة الخليل جنوباً، وحتى رام الله وسط الضفة الغربية.

استشهد الشاب رائد غازي النعسان، خريج الكلية العسكرية "الاستقلال" في أريحا، مساء اليوم الثلاثاء، إثر إصابته برصاصة قاتلة في الصدر، لينضم إلى بقية شهداء اليوم، الذين أصابهم رصاص الاحتلال.

وقال أمين أبو عليا؛ رئيس بلدية المغير لـ"العربي الجديد"، إن النعسان تخرج من الكلية العسكرية بعد أربع سنوات من الدراسة، وكان ينتظر تفريغه في أحد الأجهزة الأمنية، لكن فرحة عائلته بتخرجه وعمله قتلها الاحتلال".

وتابع أنه "تم إطلاق النار على الشهيد من مسافة قريبة، وذلك بعد اقتحام قوات الاحتلال وسط القرية بشكل استفزازي لتسليم أمر بوقف بناء أحد المنازل بذريعة أنها منقطة (ج)، حسب تصنيف اتفاقية أوسلو، وهي بذلك تخضع للإدارة والسيادة الإسرائيلية".

وأوضح أبو عليا أنه "لم يكن هناك أي مبرر لإطلاق النار وقتل النعسان، ترجل أحد الجنود من مركبته العسكرية فقط، وقام بقنص النعسان في صدره برصاصة قاتلة". ولدى الشهيد شقيقان أسيران في سجون الاحتلال، ووالده أسير محرر أمضى في سجون الاحتلال سنوات.

وتابع أبو عليا "نعيش في بلدة المغير في استفزازات شبه يومية من قوات الاحتلال التي تقتحم القرية دون أي سبب، وتغلق مدخلها الشرقي بحاجز عسكري للتنكيل بالأهالي".

قبل ساعات قليلة من استشهاد النعسان، شيع المئات من أهالي مدينة رام الله الشقيقين جواد وظافر من بلدة بيت ريما شمالي غرب رام الله وسط الضفة الغربية، وهما في بداية عقدهما الثاني، حيث أُصيب أحدهما برصاصة في الحوض، وأصيب الآخر برصاصة في الصدر، في المواجهات التي اندلعت نحو الخامسة فجراً على أراضي قرية "كفر عين" المجاورة لقريتهما، حيث اقتحم الاحتلال القرية واندلعت المواجهات التي شارك فيها الشبان من القريتين، وأعلن عن استشهاد الشقيقين على أراضي كفر عين نحو السادسة والنصف صباحاً.

تخرج الشهيد جواد من جامعة بيرزيت العام الماضي، لكنه رافق شقيقه ظافر في تشييعه الأخير في الجامعة، التي طاف جثمانهما في ساحاتها وممراتها في وداعٍ أخير.

تقول شقيقة الشهيدين في تصريحات صحفية لتلفزيون "الإرسال" المحلي الفلسطيني، وهي تقف قرب قبرهما، "ما تخلوا دم أخوتي ودموع أمي تضيع هدر (...) كل إنسان قادر إنه يقاوم ببارودة أو بحجر (...) كل حدا فينا بقاوم بطريقته، بس خلوا المقاومة مستمرة والنضال مستمر".

وقبل نحو أربع ساعات من استشهاد الأخوين الريماوي، تلقت عائلة مفيد أخليل (44 عاماً) خبر استشهاده بعد ساعات من بذل كل الجهود لإنقاذ حياته، وهو الذي وصل بالفعل بإصابة حرجة في الرأس قبيل منتصف الليل.

مع استشهاد أخليل، خسر أربعة أبناءٍ والدهم الذي كان يعمل في مجال البناء محاولاً أن يوفر لهم حياة عادية، قبل أن يهب ضمن المئات من أهالي بلدته للدفاع عنها حين اقتحمها الاحتلال بصورة استفزازية قبيل منتصف الليل بقليل.

ويقول الناشط الإعلامي محمد عياد عوض، من بلدة بيت أمر، لـ"العربي الجديد"، إن أخليل أُصيب بشكلٍ مباشر في الرأس، إذ أصابه جندي كان يعتلي سطح منزل قديم وسط البلد، وكان يبعد عن الشهيد نحو 70 متراً هوائياً (...) ولم يشكل الشهيد أي خطورة على الجنود، ولا على مركبتهم التي تعطلت في البلدة، إذ كان يبعد عنها نحو 400 متر".

وحسب عوض، فإن جنود الاحتلال عاقبوا أهالي بلدة بيت أمر بإغلاق البوابة المثبتة على مدخل البلدة، ومنعوا المشيعين من المرور عبرها لقطع الشارع نحو المقبرة، ليواروا الشهيد أخليل الثرى.

وقال الناشط الإعلامي إن مئات المشيعين "اضطروا إلى سلك طرق فرعية طويلة للوصول إلى المقبرة، وذلك بعد إغلاق البوابة، وهذا نوع من العقاب يعرفه أهالي البلدة جيداً، لكنه لم يمنع المواجهات قرب البوابة التي أقام الاحتلال قربها برجاً لهم لإطلاق النار على الأهالي".

وعادة ما يغلق الاحتلال البوابة التي ثبتها على مدخل البلدة، ليعاقب أهالي بيت أمر البالغ عددهم 22 ألف نسمة.

في نفس السياق، أصيب في المواجهات التي اندلعت بعد تشييع الشهيد ظهر اليوم ستة مواطنين بالرصاص الحي، اثنان منهم وُصفت إصابتهما بالخطيرة، إذ أصيب مواطن برصاصة برأسه، والآخر في فكه.

ويقول عوض إن عدد الإصابات بالرصاص الحي "وصل منذ منتصف ليلة أمس وحتى بعد ظهر اليوم إلى 26 إصابة".

ولم يكن أبناء أخليل هم الوحيدون الذين خسروا والدهم، فبعد منتصف النهار، أي نحو الثانية ظهراً، وبعد تشييع شهداء بيت ريما الشقيقين وشهيد بيت أمر الأب لأربعة أولاد، كان الشهيد راني أبو علي في طريقه لتنفيذ عملية دهس قرب مستوطنة مقامة على أراضي رام الله.

وحسب المصادر المحلية فإن الشهيد أبو علي هو أب لخمسة أولاد، وتعود جذوره إلى مدينة طولكرم التي استشهد شقيقه فيها قبل 18 عاماً، أي خلال انتفاضة الأقصى، لكنه ترك طولكرم واستقر في قرية "مخماس" شرق القدس، وتم إعدام أبو علي بعد تنفيذه عملية الدهس مباشرة، كما أكدت هيئة الشؤون المدنية.

وكان الشهيد يعمل محاسباً في متجر في مستوطنة "بنيامين" المقامة على أراضي قرى محافظة القدس.

وحول عملية الدهس، كتبت القناة 12 العبرية أن "العاملين والزبائن في سوبر ماركت المنطقة الصناعية في منطقة بنيامين صُدموا عندما علموا أن المحاسب اللطيف هو منفذ عملية الدهس. كان المحاسب هنا، لقد كان شخصاً رائعاً، مبتسماً ولطيفاً جداً".

المساهمون